لا أعرف ما إذا كان هناك بلد عبر التاريخ لم يطرد اليهود منه، والآباء المؤسسون للولايات المتحدة لم يرحبوا بوجود اليهود بينهم، والسبب كان دائماً لاسامية أدينها وأرفض أي عذر لها. اللاسامية باقية في شكل أو في آخر، إلا أن سببها هذه الأيام إسرائيل، فهي دولة عنصرية محتلة تقتل النساء والأطفال وتدمر بيوت أصحاب الأرض الوحيدين والأصليين، وتعطي العذر لكل من يريد ممارسة اللاسامية والجهر بها. في المقابل هناك ناس طيبون ومن أرقى مستوى إنساني ممكن، بينهم يهود كثيرون، يعارضون إسرائيل لما تمثل من آبارتهيد واحتلال وإرهاب. وثمة هيئات، مثل غالبية من أعضاء الأممالمتحدة وأيضاً مجلس الكنائس العالمي ضد إسرائيل وهي تدينها إدانة كاملة نهائية. وإدانة إسرائيل أعلنتها أيضاً مئات من منظمات المجتمع المدني وجماعات حقوق الإنسان، وألف حرم جامعي أو أكثر، وهوليوود نفسها حيث الليبراليون اليهود غالبية واضحة. هذه ليست لاسامية، وإنما حكم العالم على إسرائيل التي تقودها هذه الأيام حكومة فاشيستية تضم أحزاباً متطرفة هي من نوع عصابات الجريمة المنظمة، وهذه الحكومة تشترط على الفلسطينيين لبدء تفاوض يستحيل أن ينتهي بالسلام، بأن يعترفوا بإسرائيل دولة لليهود، مع أن في الحكم حزبين رئيسين هما إسرائيل بيتنا وشاس لا يعترفان بالفلسطينيين كطلاب دولة وإنما يريدان ترحيلهم إلى الأردن. كنت سجلت يوماً رأياً لي في اليهود هو أن اليهودي الطيب أحسن إنسان في العالم، وأن اليهودي السيئ أسوأ إنسان في العالم. ومن النوع الأول هناك نوعام تشومسكي ونورمان فنكلستين ويوري أفنيري وريتشارد غولدستون وآموس أوز وديفيد غروسمان ودانيال بارنبويم، ونوريت بيليد وجماعات السلام الإسرائيلية من إسرائيل إلى الولاياتالمتحدة، وحاخامات الطوائف اليهودية مثل الإصلاحية (هناك طوائف أخرى لا أعرف ترجمة أسمائها إلى العربية). من النوع الثاني هناك مجرمو الحرب الإرهابيون في الحكومة الإسرائيلية وقادة المستوطنين، وفي الولاياتالمتحدة المحافظون الجدد الليكوديون الذين سعوا إلى حروب قتل فيها أكثر من مليون مسلم مثل بول وولفوفيتز وريتشارد بيرل وإيليوت أبرامز ودوغلاس فايث وديفيد وورمزر وديفيد فروم ولويس ليبي ومايكل ليدين وجون بودهورتز ووليام كريستول (وأبوه آرفنغ قبله). مرة ثانية، هناك لاساميون يبحثون عن أعذار لممارسة لاساميتهم، غير أن الجو السياسي الإسرائيلي موبوء، والمجتمع الإسرائيلي الذي ضم دائماً غالبية ليبرالية وسطية أو إلى يسار الوسط، أصبح يضم عناصر دينية متطرفة تعتقد أن شعوب العالم كلها وجدت لخدمة اليهود مع حركات استيطان فاشيستية، والطرفان ينطلقان من خرافات توراتية تتحدث عن أنبياء لم يوجدوا، وممالك لم تقم إلا في الخيال، ولا أثر إطلاقاً على الأرض يثبت وجودها في أي عصر. في مثل هذا الجو النازي الجديد يصبح الجندي الأسير جلعاد شاليط أهم من عشرة آلاف أسير فلسطيني في سجون إسرائيل بينهم قاصرون ونساء. ويوافق اليوم السبت مرور خمس سنوات على خطف شاليط. لذلك، هناك «احتفالات» بالمناسبة ومهرجانات أو تهريج، مثل أن يدخل 24 شخصية إسرائيلية تباعاً (يعني على امتداد 24 ساعة) غرفة، أو زنزانة، مغلقة مساحتها ثلاثة أمتار في ثلاثة أمتار، ويقضي كلٌّ منهم ساعة فيها تذكاراً لشاليط. هو جندي عمله أن يَقتُل أو يُقتَل، وفي مقابله هناك ألوف الرجال الأسرى ومئات النساء والصغار، وهو جاء ليسرق أرضاً من أهلها، والنساء والصغار حاولوا الدفاع عن أرضهم في وجه الغزوة الهمجية. مرة ثالثة، هناك لاسامية أدت يوماً إلى المحرقة النازية، غير أن معارضة إسرائيل عمل إنساني وقد وصلنا إلى وضع اليوم أصبحت إسرائيل أول سبب وأهم سبب لانتشار اللاسامية، فهي دولة الآبارتهيد الأخيرة في العالم وكل من يؤيدها مثلها. [email protected]