بدأ الأمر بسيطاً وأنا في دافوس للمشاركة في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، فقد حاولت فتح بريدي الإلكتروني وعجزت لأن الشركة التي تتعامل معها «الحياة» ليست في شهرة العناوين الأكثر استعمالاً مثل «هوتميل» و «ياهو» و «جي ميل» وغيرها. وبحثت عن الشركة عبر خدمة «غوغل» ووجدتها إلا أنني لم أستطع فتح بريدي الإلكتروني، وأخيراً ربطت بين الشركة (واسمها «وورلد كلاينت») واسمي عبر غوغل، وفوجئت بأن هناك 151 ألف خبر عني؟ من أنا حتى أستحق 151 ألف خبر على أشهر موقع خدمة الكترونية في العالم؟ لا أحاول أن أبدو متواضعاً إلا أنني أصر على أن صحافياً عاملاً لا يستحق مثل هذا القدر من الاهتمام، والنتيجة ان «لعب الفار بعبي» كما يقولون في بيروت ودمشق، وبدأت أقلب الصفحات التي تحمل اسمي. وجدت بسرعة أن هناك مواضيع كثيرة تهاجمني بتهمة اللاسامية لأنني أهاجم اسرائيل وأنصارها واتهمهم بالتحريض وبارتكاب جرائم حرب، أو أنهم فاشيست أو نازيون جدد. ووجدت بين المواضيع مقالاً قديماً يحمل العنوان «لا سامية جهاد (الخازن)» كتبه باحث ليكودي يعمل في مركز السياسة اليهودية جوناثان شانزر، ويعود الى 30/9/2007. ربما كان بين القراء من يذكر أنني رددت على المقال في حينه، وتحديت كاتبه وأنصار اسرائيل أن يقاضوني في محكمة بريطانية لنرى من بيننا السامي ومن اللاسامي والعنصري، فقد كان كاتب المقال زعم أن واجب الحكومة البريطانية أن تواجهني بتهمة اللاسامية، بدل أن تواجه أمثاله بتهمة تحريض دولة فاشيستية مجرمة على قتل النساء والأطفال. اعتقدتُ أن الموضوع طُوي في حينه لأن جماعة اسرائيل صمتوا ولم يقبلوا التحدي، ولا بد أنهم استشاروا محامين، ووجدوا أن لا قضية ضدي. غير أن البحث عن بريدي الإلكتروني في دافوس قادني صدفة الى عشرات المواضيع الليكودية التي تهاجمني، وشانزر نفسه عاد في 5/10/2007 بمقال عني عنوانه «جهاد اللاسامي على عتبتنا»، قررت ألا أقرأه. بحثت من جديد عن اسمي مربوطاً بالمقال السابق، ووجدت على «غوغل» 407 أخبار عن جهاد اللاسامي، وحاولت بطريقة أخرى، وخرجت بقائمة تضم 2270 خبراً مماثلاً عني. وقد صوّرت صفحات بعض الأخبار وكلها محفوظ عندي. طبعاً لم أفتح ألوف الأخبار في القوائم التي تحمل اسمي، ولكن فتحت أول أربع أو خمس صفحات، ووجدت أن الأخبار ليست كلها سلبية، فدار الترجمة «ميمري»، وهي يهودية، التي تسجل أي لاسامية ولو في أبعد ركن من البلاد العربية سجلت لي أنني هاجمت المؤرخ التحريضي ديفيد ارفنغ لإنكاره المحرقة، وانتقدت العرب الذين ينكرونها، وكانت هناك أخبار مماثلة في مواقع الكترونية أخرى لم أكن سمعت بها من قبل. موقفي من انكار المحرقة لم يتغير، وهي جريمة لم نرتكبها نحن حتى ننكرها، وقد زدت على العرب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد فهو ينكر المحرقة بحماسة وإصرار حتى كأنه يواجه هو محاكمة بتهمة قتل اليهود في أوروبا قبل 60 سنة. أهم من ذلك أن رأيي الدائم هو أن الهجوم على إسرائيل كما تستحق كدولة مجرمة تقوم على أراضي الآخرين لا يجوز أن يشمل كل يهود العالم، فبينهم دعاة سلام بارزون ويمكن التعايش معهم. لذلك عندما أتحدث عن المتطرفين اليهود في الولاياتالمتحدة أو غيرها استخدم صفة «ليكوديين» فهي في قاموسي شتيمة وصاحبها إرهابي يبرر وجود القاعدة كما هي تبرر وجوده، ولا يجوز اطلاقاً الخلط بين هؤلاء ودعاة سلام من نوع بوري افنيري أو يهود ويهوديات لا أعرفهم، ولكن تهاجمهم المواقع الليكودية بزعم أنهم «يهود يكرهون أنفسهم» لأنهم يدافعون عن حقوق الفلسطينيين. لا أريد أن أسجل أسماء وإنما أكتفي باثنين فقط هما جيمس وولفنسون، الرئيس الأسبق للبنك الدولي، والمايسترو دانيال بارنبوم، فمثل هذين يمكن عقد سلام عادل معهم غداً. في المقابل الذين يدافعون عن اسرائيل وحكومتها التي تضم ليكود وشاس وإسرائيل بيتنا هم اللاساميون الحقيقيون لأنهم يزيدون الكره لليهود حول العالم والحوادث اللاسامية ضدهم. وأصر مرة ثانية على أنني لست مهماً لأستحق 151 ألف خبر عني على «غوغل» ثم أتحدى ثانية أنصار اسرائيل بمواجهتي في محكمة لندنية، فكل أصحاب القضايا يختارون لندن لأن محاكمها تميل الى المشتكي، حتى اكتسبت لقب «سياحة القدح والذم، وعند ذلك سنرى من يُبرأ ومن يُدان. [email protected]