أشغلت «صلة» الوسط الرياضي من أجل 16 ألف تذكرة، وكان الضجيج الفضائي تشويهاً حقيقياً لنهائي كبير في ملعب صغير سعته المقعدية لا تذكر، ولا نعلم ماذا تفعل الشركة المعنية لو كان الملعب يتسع لتسعين ألف مشجع؟ ولا نعلم ماذا يفعل أهل التفليسة لو لم ينقذهم البلوي من أزمة التذاكر؟ التعبئة الإعلامية أخذتها شركة التذاكر وتركت للرأي الفني والإداري مساحة ضيقة للحديث عن النهائي الذي يشغل الشارع الرياضي السعودي بل يمتد إلى خارج الحدود، هذا النهائي المرتقب مساء الليلة يجمع القطبين الكبيرين الاتحاد والأهلي وهذا يكفي للسيطرة على وسائل الإعلام وحديث المجالس، فالحدث لا يتكرر بسهولة، في زمن الصولجان الهلالي والخطر الشبابي والإشراقة المتقوقعة قريباً للعالمي. وصل التفاعل مع هذا الحدث ذروته، وأصبحت بوابة التفاؤل تتراقص أمام أعين اللاعبين والإداريين والجماهير، وهناك تفاؤل مفرط من البعض، وتشاؤم مقذع من البعض، وهي في الأخير رياضة لها جمالياتها ولها سلبياتها، وسيكون هناك بطل واحد والبقية ضيوف من ضمن الضيوف أو مهنئين أو مشاركين، المهم سنتحفي في الأخير ببطل واحد يصفق له الجميع. لا أعلم هل احتفظ المعسكران بخطوط الرجعة؟ وهل استعد كل معسكر للتعامل مع الحدث بقيمته ومكانته وروعته؟ هل الطرفان يستعدان للزفة فقط؟ أم أن هناك عقلاء يملون على الجميع المنطق والعقل؟ الكأس ستذهب لبطل واحد، وسواءً فاز به الاتحاد أو الأهلي فالكل يستحق ذلك عطفاً على الواقع الفني لكل فريق حالياً، وعطفاً على تاريخ الطرفين المرصع بأجمل وأروع السطور الذهبية من المجد والعشق للمنصات، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد حجبها. جميل أن ترتفع وتيرة التحضير بالمعسكرين للذروة، وجميل أن يهيئ كل معسكر أوراقه لتكون في يومها المنتظر، ولكن هل فكر أي من الطرفين في صدمة الخسارة من دون جدال التفكير في الخسارة؟ هزة عنيفة سوف تضرب أركان الخاسر وترمي به في المجهول، بينما الفائز قد يأخذ جرعة مهمة للموسم المقبل من الآن. صدمة الخسارة يمكن امتصاصها إذا كان هناك وعي بصناعة خط الرجعة، فالرياضة فوز وخسارة وهكذا الأيام مداولة، يوم لك ويوم عليك، ولا يوجد في العالم فريق أو منتخب يفوز طوال الخط أو يخسر دائماً. صدمة الخسارة موجعة ومؤلمة، ويمكن امتصاصها وتحويلها إلى لقاح للبناء والتطوير، ويمكن تحويلها إلى صورة حضارية إذا اتجه الفريق الخاسر للفريق الفائز وبارك له الفوز، هنا ينخفض المظهر الفرائحي تقديراً للخاسر من جهة، وارتقاءً لمستوى الحدث تهذيباً. العيون كلها تترقبه والقلوب كلها تهفهف بانتظار البطل لكأس جميل ولحدث كبير في ملعب صغير، وفي حضرة الملك العادل، فهنيئاً للبطل بحضور ثمانية آلاف مشجع فقط! [email protected]