اختتمت أمس بطولة القارات. بطولة المفاجآت التي أثبتت أن كرة القدم تمارس مع محترفيها استراتيجية “حبة فوق وحبة تحت”؛ فقد رقت منتخبات وأقصت أخرى، كل حسب جهده وعطائه الرياضي داخل الملعب، فمن تعالى عليها رفضته ورفضت حركات أقدامه، موجهة رسالة قوية إلى كل منتخب لا يحترمها ولا يحافظ على العلاقة بها كما تستحق، فقد لوث جلدها لمنتخبات كبرى وكادت البرازيل أن تلحق ببطل العالم السابق وبطل أوروبا وبطل إفريقيا. هكذا كانت تتعامل الكرة مع أولئك الذين اعتقدوا أنهم امتلكوا صك الكرة ولم يشفع لهم تاريخهم ولا بطولاتهم الكبرى من إخضاعها “لمزاجيتهم” وغرورهم، وهذا ما حدث بالضبط في بطولة العالم المصغرة؛ لتكون درسا صارخا لكل من تسول له نفسه الاستهتار بها وعدم احترامها ومراعاة إيصالها إلى مرمى الخصوم “بحرفنة وقوة وإتقان”؛ فلقد شاهد العالم كله هذه البطولة التي “خيبت توقعات خبراء الكرة، فكل من راهن على منتخب خرج خاسرا وخجولا من توقعاته غير المقننة، معتمدا على سمعة هذا الفريق أو ذاك؛ فبالرغم من عشقنا للبرازيل فقد تمنينا هزيمة البرازيل من جنوب إفريقيا لتكون عبرة لكل فريق لا يحترم مشجعيه، فعندما تفوقت على الفراعنة لم تكن الأجدر فقد كنا نمني النفس بأن تنتهي تلك المباراة بفوز مصر أو تعادلها على أقل تقدير، ولو حدث ذلك لكان مصيرها كمصير إيطاليا، ولشاهدنا نهائيا “إفريقيا” لأول مرة؛ دعما للكرة السمراء من جهة، ولأبناء النيل من جهة أخرى، والأهم من هذا وذاك الدعم المعنوي الذي ستقدمه هذه النتائج إلى الفرق المتقوقعة داخل حدود قارتها أو إقليمها الوطني، فكم كنا بحاجة إلى هزة كروية تعيد فتح الأمل في عروق المنتخبات العربية والقارية لنشاهد عدالة كروية تسهم في تعدد أقطاب القوى الكروية. ولا أعلم هل استفادت الأندية والمنتخبات العربية من درس أمريكا التي كادت أن تودّع البطولة لولا انتعاش مهاجميها وهزيمة مصر التي تحصلت على دعم كروي من البرازيل ولم تستفد منه؟.. وها هي أمريكا تحجز مقعدها في النهائي وكان لزاما على البرازيل استيعاب الدرس؛ حتى لا تخسر البطولة وتخسر محبيها وثقتهم في ساحرتهم التي ظلت لسنوات تتربع على عرش الكرة العالمية. لن نتحدث عن الكرة الخليجية؛ فهذه “كرة عجيبة” لا نتعلم من الدروس المجانية والدليل أن الكراسي المخصصة لآسيا كاد يكون أغلبها للكرة الخليجية وعلى رأسها المملكة، لكنها تخلت عن القيادة وبحثت عن الملاحق كيفما كان وكيفما اتفق، والقصة تطول في هذا الأمر ولن نتطرق له في هذه العجالة وتفرغنا بالأمس لمتابعة النهائي الأمريكي “الجنوبي والشمالي”، ولم يكن نصيبنا إلا “الفرجة فقط”. خاتمة: صحيح جا بطل غلب الكل..