يردد أغلب مسؤولي الوسط الرياضي عبارة «الروح الرياضية»، ولكنهم لا يترجمونها على أرض الواقع، بل إن أهم وأسوأ الشطحات تأتي دائماً من الإداريين هذه حقيقة لا مراء فيها. ثقافة الفوز والخسارة ما زالت تئن تحت وطأت التعصب وانفلات الأعصاب، لذا تأتي الهفوات التصريحية مدوية أحياناً، وخارجة عن النص تماماً وغير مقبولة عند أبسط البسطاء في وسطنا الرياضي. كل ما تقدم يأتي تأطيراً للقاء الموسم المنتظر اليوم الذي يجمع الاتحاد والهلال، ويحدد مسار دوري المحترفين في نسخته الأولى، فهل نحن مع ثقافة الفوز والخسارة التي تبرزها «الروح الرياضية» المتعقلة؟ وهل احتفظ طرفا لقاء الموسم الاتحاد والهلال بخطوط الرجعة؟ الذي نعرفه، ونحن متعودون عليه أن كل طرف عمل التعبئة التي لا هوادة فيها، وأعلن التنصيب للمنصة من دون الرجوع إلى منطق الرياضة والكرة المدورة التي تدير ظهرها لمن تشاء، وتخدم من تشاء، من دون أية مقدمات، والذي نعرفه أن التعبئة النفسية والمعنوية خاطئة في أغلب الأحيان، خصوصاً في ما يتعلق بالنغمة الإعلامية والمؤازرة الجماهيرية، لذا يأتي رد فعل الجماهير في الغالب محتقناً ومتشنجاً، لأن التعبئة المسبقة جعلت الفريق بطلاً متوجاً بقناعة عاطفية بحتة. الاتحاديون والهلاليون يحتاجون إلى ضبط النفس، قبل لقاء الغد ويحتاجون إلى الاحتفاظ بخط الرجعة، فسيكون هناك بطل متوج، وفريق خاسر، وهذا حال الرياضة، وحال الكرة المدورة بنتائجها المريرة والمثيرة أحياناً، وما أجمل أن يبادر الفريق الخاسر ليكون أول المهنئين للفريق البطل، وما أجمل أن يبادر الاتحاديون والهلاليون بتجديد الثقة في الأجهزة الفنية، وتمديد العقد مهما كانت نتيجة اللقاء، خصوصاً للاتحاديين الذين وفّروا مناخاً صحياً للمدير الفني السيد كالديرون، فقدّم لهم فريقاً ممتعاً، وهو متصدر محلياً وخارجياً، ولا يضمن البطولة، لأنها في علم الغيب، ولكن يضمن تقديم توليفة رائعة متوافر لها كل مقومات الفريق البطل. يستطيع رجال الاتحاد رفع معنويات فريقهم إلى الذروة إذا جددوا الثقة في كالديرون قبل لقاء الهلال وتمديد عقده ثلاثة مواسم مهما كانت النتيجة، وبهذه العقلية يكون الاتحاد عميداً ورائداً في العمل الإداري العالي الجودة وقدوة للبقية في ثقافة الفوز والخسارة، لأن البطولة قد تأتي طوعاً لفريق تصدر عشرين أسبوعاً، وقد تتمرد كما غدرت به الموسم الماضي. ثقافة الفوز والخسارة ما تزال في طي الغياب، لأن الفكر المحموم يسيطر على العقليات، ولأن وقع الهزيمة يتحول إلى صدمة موجعة، وقد يدمّر كل العمل المتعوب عليه فيعود النادي إلى المربع الأول من دون أن يشعر بآثار التصدعات التي تتولد عن هزيمة متوقعة أو غير متوقعة. الأندية الأوروبية لا تربط المدير الفني بتحقيق البطولة من عدمها، فمتى نتعاطى ثقافة الفوز والخسارة بهكذا عقلية؟ أسأل، ليس إلا، والإجابة السلبية أو الإيجابية ستكشف واقعنا اليوم.