اعلن الرئيس باراك أوباما، في أول خطاب القاه أمس حول الحرب في افغانستان، منذ نجحت القوات الأميركية في قتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في باكستان الشهر الماضي، مخرجاً متدرجاً من الحرب يقضي بسحب 10 آلاف جندي قبل نهاية السنة، ودرس سحب 20 ألفاً آخرين بحلول 2012، فيما يشمل الشق السياسي التركيز على تسويق الخطة للأميركيين الذين ينحسر تأييدهم للحرب بعد نحو 10 سنين على اطلاقها، والبحث عن سبل للمصالحة في أفغانستان واستيعاب حركة «طالبان» المتمردة ضمن النسيج السياسي. ويعني سحب ادارة اوباما 10 آلاف جندي هذه السنة على دفعتين، نصفهم هذا الصيف والنصف الثاني قبل آخر السنة، وابلاغها مجلس النواب الأميركي نيتها سحب 20 ألف جندي آخرين في 2012، العودة الى نسبة ما قبل الزيادة التي أعلنها أوباما نهاية عام 2009 والتي رفعت القوات الأميركية في أفغانستان الى حوالى مئة ألف عسكري، وزادت كلفة مهماتها الى 120 بليون دولار سنوياً. وقلّص ذلك شعبية الحرب، واستناداً الى استطلاع للرأي اعدّه مركز «بيو» للبحوث، يؤيد 56 في المئة من الأميركيين الآن اعادة قوات بلادهم من افغانستان، علماُ ان هذه النسبة لم تتجاوز 40 في المئة العام الماضي. ومقتل بن لادن ونجاح ادارة أوباما خلال فترة سنة ونصف السنة في تصفية 20 من أصل 30 قيادياً في «القاعدة» في أفغانستانوباكستان، اعطيا واشنطن ثقة أكبر برسم منعطف للحرب التي بدأت بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 بهدف القضاء على «القاعدة» في أفغانستان. وتزيد العوامل الداخلية في اميركا على صعيد ارتفاع البطالة وعجز الموازنة، الضغوط على الادارة لتسريع الانسحاب الذي عارض وزير الدفاع روبرت غيتس تنفيذه بأعداد كبيرة من الجنود في هذه المرحلة، لتفادي تبديد النجاحات الميدانية في حال وقف الضغط العسكري الذي يرى البنتاغون انه يساعد ايضاً في المحادثات المباشرة التي تجريها واشنطن مع «طالبان» بالتعاون مع حكومات غربية وعربية، ويجعل الحركة أكثر استعداداً لتقديم تنازلات. ويمكن القول ان تزامن خطاب اوباما مع مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على تعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) ليون بانيتا وزيراً للدفاع، عكس التحول في الذهنية الأميركية حيال الحرب في افغانستان، وتطلع واشنطن الى تحويل مهمتها هناك في اتجاه محاربة الارهاب وتدريب القوات الأفغانية، واستكمال سحب القوات الأميركية بحلول 2014. وفي حديث الى «الحياة»، اعلن سفير «طالبان» السابق في إسلام آباد المولوي عبد السلام ضعيف ان مجلس المصالحة الوطنية الذي شكله الرئيس الأفغاني حميد كارزاي قبل سنة «ولد ميتاً»، مشدداً على ان حكومة كارزاي «لا تملك شيئاً من أمرها، إذ ان كل الأمور في يد القوات الأجنبية والأميركيين تحديداً». ولفت الى أن «المصالحة ممكنة فقط إذا خرجت القوات الأجنبية من افغانستان وتوقف التدخل الخارجي في شؤونها، والأفغان قادرون على ايجاد حل». وزاد ان «باكستان لا تستطيع لعب دور بارز في المصالحة الأفغانية، إذ لا يسمح لها بذلك في ظل خضوعها للضغط الأميركي. ونفى اجراء مفاوضات بين «طالبان» والأميركيين في ألمانيا، وقال ان «كل ذلك يندرج في اطار الدعاية للتشويش على الحركة». وزاد: «لو راجعنا ما قيل عن هذه المحادثات نرى انها فشلت، لأن موقف الإمارة الإسلامية من وجود القوات الأجنبية في أفغانستان لم يتغير». واشار الى ان اقتراح فتح مكتب تمثيلي ل «طالبان» في تركيا او قطر يتطلب الاعتراف ب «طالبان» كحركة تحرر أفغانية، وضمان سلامة أي فرد تسميه قيادتها لمحاورة الطرف الآخر.