تطل الإعلامية شدا عمر منذ ما يقارب الشهرين في برنامجها الجديد «حوار الأمم»، وهو البرنامج الأول لها عبر شاشة «أبو ظبي الأولى»، والإنتاج الأول لشركة «نيو ميديا ليد» التي أسستها مع زوجها الصحافي مروان المتني، كما هو البرنامج الأسبوعي العربي الأول الذي يركز على الأممالمتحدة، ويُنتَج ويُبَث بالكامل من نيويورك، فكيف تجد الأصداء حتّى الآن؟ تقول شدا عمر ل «الحياة»، إنّ «البرنامج غطّى في وقت قصير مواضيع كثيرة تتعلق بعمل مجلس الأمن والأممالمتحدة، لناحية القضايا المتعلقة بمنطقتنا، ومفهوم العدالة الدولية والتدخلات العسكرية بغطاء أممي، مروراً ببرامج تمكين المرأة وصولاً إلى عمل منظمة الصحة العالمية وتحذيرها الأخير حول مخاطر الهاتف الخليوي على الصحة». وتضيف: «الحمد لله، الأصداء طيبة، نظراً الى الجهد المبذول والانتشار والصدقية التي تتمتع بها قناة أبو ظبي الأولى». في زحمة برامج الحوار على الشاشات العربية، ما الجديد الذي يمكن شدا عمر أن تضيفه؟ تعبّر عن أمنيتها في نهاية التجربة بأن يضيف «حوار الأمم» بصمة خاصة إلى الفضاء العربي المكتظ. وتتابع مجيبة عن سؤال حول إمكان مناقشة قضايا ساخنة من دون الدخول في أجواء الإثارة والنقاش المحتدم، فتقول: «هذا البرنامج بطبيعته بعيد من الإثارة والصراخ، كونه يُبث من نيويورك، ويستضيف مسؤولين أمميين إلى جانب شخصيات عربية، أكاديمية وسياسية، معنية مباشرة بمواضيع النقاش». وتضيف: «أعتقد أن مناقشة قضايا ساخنة في العمق يجب أن يكون بهدوء وروية وشمولية خارج إطار البروباغندا والأفكار المسبقة، فإذا أضفنا إلى صخب الشارع والقلق من المستقبل، صخباً عبر الأثير، نثقل كاهل المشاهد المتخم بالتطورات المتسارعة منذ شباط (فبراير) المنصرم». وتلفت عمر إلى أنّ الهدف من «حوار الأمم» هو الإضاءة من نيويورك على الأممالمتحدة والدور المفترض أن تلعبه إزاء قضايانا الساخنة، والدخول إلى مراكز الأبحاث والدراسات الموجودة هناك لاستشراف نظرتها الى مستقبل الشرق الأوسط في هذه اللحظة المفصلية. وعن السؤال إن كانت ستعمل دائماً من نيويورك، أم أنّ هذا الأمر موقّت، تجيب بأن مدة برنامج «حوار الأمم» من نيويورك هي موسم تلفزيوني واحد، أي 13 اسبوعاً، وعند انتهاء الموسم بحلول شهر رمضان ستتوضح آفاق المرحلة المقبلة. وتعلن بصراحة أنّ طبيعة العمل من نيويورك صعبة وزاخرة بالتحديات، ثمّ تفصح: «لا أخفي أنّ في قلبي غصة لكوني في نيويورك في هذه الأشهر المفصلية في تاريخ جزء كبير من منطقتنا، ولكن في المقابل، إنّ بُعدي جغرافياً عن الأحداث قد يزوِّدني بنظرة أكثر شمولية أنقلها عبر ضيوفي في برنامج «حوار الأمم» للمشاهد العربي، لأنني مازلت أعتقد بأن التغطية الإخبارية المتواصلة مهمة، ولكن يجب التوقف لتحليل ما جرى ويجري وما قد يستجد، من دون الغرق في التفاصيل الصغيرة، وأظن أن هذا البرنامج أتاح هذه المساحة لي وللضيوف وللمشاهد». إلى أي درجة يجب أن تتضمّن حلقة من برنامج ما سبقاً صحافياً كي تشد الناس للمتابعة؟ تقول عمر إن نوع السبق في برامج الحوار يختلف عن ذلك الذي يُعتمد في التغطية الإخبارية، «فهنا يكون حيناً من خلال ضيف يطل للمرة الأولى، وأحياناً يكون بموقف مستجد لمسؤول من قضية ساخنة». وتشير إلى أنها لا تسعى إلى افتعال سَبْق، فأسلوبها - كما تقول - يستند إلى البساطة والصراحة المطلقة، وعادة يكون «السكوب» في برنامجها ابن اللحظة. ما الموضوع الذي تتردد عمر في طرحه، أو على الأقل تفكّر ملّياً قبل الغوص فيه؟ تقول إنها تفكر ملياً في مواضيع متعددة، وتتأنّى في مناقشة مواضيع تتعلق بتوترات ضيقة تشهدها بعض بلداننا إن كان طابعها طائفياً ومذهبياً، فهي تؤمن بأن للإعلام دوراً ورسالة، وإن شعر الإعلامي بأنّ موضوعاً ما قد يؤجج صراعاً، فعليه الابتعاد عنه، أما إذا رأى أنّه قادر على مناقشة أسباب الصراع بهدوء، فيمكنه طرحه، علّ الهدوء والتأني والحوار تفتح أبواباً لإيجاد حلول وتسويات. وتوافق عمر على أنّ الأحداث الأخيرة التي حصلت في الدول العربية غيّرت في طريقة طرح المواضيع السياسية في البرامج التلفزيونية لتصبح أكثر حرية وانفتاحاً وانتقاداً للأمور، وتوضح أنّ هذا الأمر ينطبق بشكل واضح في مصر وتونس، أمّا في البلدان الأخرى، «فليس بالضرورة، لأنّه عند اشتداد النزاعات تكثر الحملات الإعلامية وتخف حرية الرأي. قد يكون للشارع حضور أكبر على الشاشات، ولكن من المبكر الحديث عن توسع سقف الحرية والانتقاد البناء كظاهرة عمومية». أخيراً، أين أصبح موقع البرامج السياسية بعد دخول الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي على خط الثورات العربية؟ وهل مازال هناك مكان للتحليل والسؤال والجواب؟ تقول: «الإنترنت والتلفزيون يتكاملان ولا يتنافسان، وهذا ما أثبتته الدراسات في الغرب، وأعتبر أن العمل التلفزيوني أصبح أكثر متعة مع تطور مصادر الأخبار والمعلومات وسهولة التفاعل بين الضيف والمقدم والمشاهد»، وتختم: «الإنترنت وسيلة تواصل وتفاعل ولا تتسع للتحليل، لذلك يبقى موقع برامج الحوار محفوظاً».