تندفع إسرائيل بقوة على مسار صدام وتحد مع المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولاياتالمتحدة، بعد أن أعلنت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس، على دفعتين، مشاريع استيطان تشمل بناء أكثر من ثلاثة آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية المحتلتين، وذلك رداً على ما اعتبرته «غدر» الإدارة الأميركية وقرارها التعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة التي أعلنت بدورها أنها سترد بشكل غير مسبوق» على البناء الاستيطاني، معلنة أنها ستتوجه إلى مجلس الأمن، وملمحة إلى رفع المسألة إلى محكمة الجنايات الدولية. (للمزيد) فبعد ساعات قليلة على الإعلان عن طرح عطاءات لبناء 1500 وحدة استيطانية، منها 400 في القدسالمحتلة، أصدرت الحكومة الإسرائيلية أمراً بالمضي قدماً في خطط لبناء 1800 وحدة سكنية أخرى في عشر مستوطنات في الضفة، وكلها في مراحل مختلفة من عملية التخطيط. وأشار موقع «والا نيوز» الإخباري إلى أن نتانياهو أعطى الأوامر بتنفيذ الدفعة الثانية التي كان أمر بتجميدها قبل ثلاثة أشهر، فيما دافع مسؤول عن قرار البناء، مشيراً إلى أنه «سيتم في مناطق ستبقى جزءاً من إسرائيل في أي اتفاق سلام، بما يعني الأحياء اليهودية في القدس والكتل الاستيطانية الكبرى». وينذر هذا التصعيد بمواجهة غير مسبوقة بين الولاياتالمتحدة وحليفتها إسرائيل، خصوصاً بعد أن قررت واشنطن التصدي للاتهامات الإسرائيلية المتواصلة منذ ثلاثة أيام بأن الموقف الأميركي مهّد لدعم المجتمع الدولي للحكومة الفلسطينية الجديدة. وفي هذا الصدد، أجرى السفير الأميركي في تل أبيب دان شابيرو مقابلات بالعبرية مع الإذاعات الإسرائيلية، بناء لطلبه، انتقد فيها قرار البناء الاستيطاني والاستيطان عموماً، وأكد أن الإدارة ستواصل العمل مع الحكومة الفلسطينية في حال احترمت سياسة الرئيس محمود عباس، كما أكد أن العمل مع الحكومة الجديدة هو مصلحة أميركية وإسرائيلية. كما سارعت باريس إلى إدانة القرار الإسرائيلي، منددة بالاستيطان «غير الشرعي... الذي يشكل عائقاً أمام سلام عادل يقوم على حل الدولتين». وتلاقت ردود الفعل الفلسطينية عند ضرورة «الرد بطريقة غير مسبوقة» على المشروع الاستيطاني الأخير، فيما أعلنت منظمة التحرير بأنها ستتوجه إلى مجلس الأمن. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان: «على إسرائيل أن تدرك أن سياستها الاستيطانية مرفوضة»، محذراً من أن القيادة «سترد بشكل غير مسبوق على هذه الخطوة». كما ألمح رئيس دائرة شؤون المفاوضات الدكتور صائب عريقات إلى إمكان الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، مشيراً إلى أنه «آن الأوان لمحاسبة إسرائيل أمام القانون الدولي والجهات الدولية الخاصة بجرائم الحرب، فهذا أمر لا يحتمل، ولم يعد ممكناً السكوت عليه». وفي إسرائيل، اتفق اليمين على اعتبار الرد الذي أقرته الحكومة المصغرة «معتدلاً» و»رداً صهيونياً مناسباً» بل «متأخراً» و»غير كاف»، بعد أن اتهموا الولاياتالمتحدة ب «الغدر» والتراجع عن وعد بعدم التعامل مع الحكومة الفلسطينية. في المقابل، نددت أحزاب المعارضة والوسط بقرار البناء الاستيطاني، واعتبرته وزيرة القضاء، رئيس المفاوضين تسيبي ليفني بأنه «خطأ ديبلوماسي إضافي يسهم في إضعاف قدرتنا على تجنيد العالم ضد حماس»، واعتبره زعيم «العمل» إسحق هرتسوغ بأنه «يؤدي إلى دولة ثنائية»، فيما قالت زعيمة حركة «ميرتس» اليسارية زهافة غالؤون إنه يتسبب بعزل إسرائيل ونبذها في العالم. كما اعتبر مدير حركة «سلام الآن» المناهضة للاستيطان ياريف أوبنهايمر أن «نتانياهو يبحث عن عذر لتجنب إعطاء فرصة لحل الدولتين». ورأى محللون سياسيون أن القرار «صفعة مدوية للولايات المتحدة»، و»انهيار سياسي لنتانياهو وسياسته».