«واشنطن، باريس، موسكو، القاهرة، دمشق، سيدني، لوكسمبورغ - الحياة»، رويترز، أ ف ب - لقي إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قبوله بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، ترحيباً دولياً حذراً، وتحفظاً عربياً. وفي وقت اعتبره الرئيس الأميركي باراك أوباما «خطوة مهمة للأمام» يمكن أن «يضمن تنفيذ التطلعات الفلسطينية لدولة قابلة للحياة»، رأى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن الخطوة غير كافية لرفع مستوى العلاقات مع الدولة العبرية. وقال الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبز إن أوباما «يرحب بالخطوة المهمة للأمام في كلمة رئيس الوزراء نتانياهو... الرئيس ملتزم بحل الدولتين، دولة إسرائيل اليهودية وفلسطين المستقلة، في الأرض التاريخية للشعبين». وأضاف: «نعتقد بأن هذا الحل يمكن أن يضمن، وينبغي أن يضمن، أمن اسرائيل وتنفيذ التطلعات الشرعية الفلسطينية بإقامة دولة قابلة للحياة... ونرحب بتبني رئيس الوزراء نتنياهو لهذا الهدف». واستقبل الاتحاد الأوروبي خطاب نتانياهو بحذر شديد، ودعا إسرائيل إلى الالتزام الواضح بحل الدولتين ووقف النشاطات الاستيطانية في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدسالشرقية. واعتبر وزراء خارجية الدول الأعضاء حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن الدولة الفلسطينية «خطوة» إلى الأمام، لكنهم تحفظوا عن الشروط المسبقة التي حددها، معتبرين أنها «تمثل جزءاً من المفاوضات». وأكدوا في بيان منفصل أصدروه قبل بدء الاجتماع مع نظيرهم الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ضرورة «الالتزام في شكل لا لبس فيه بحل الدولتين». ووصف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير موقف نتانياهو بأنه «غير كافٍ». وقال: «لم يذكر شيئاً عن المستوطنات... لكن وقف الاستيطان ضروري». لكن كوشنير أشاد ب «الأفق الذي رسمه» نتانياهو ل «دولة فلسطينية». وأضاف أن «فرنسا مقتنعة بأن ذلك لمصلحة إسرائيل وأمنها»، إلا أنه قال إن «التوصل إلى السلام يفرض المضي إلى أبعد من ذلك، من دون فرض شروط مسبقة على التفاوض». واعتبر أن «من الضروري الأن أن يحدد الطرفان حدود هذه الدولة الفلسطينية ويعالجا كل المسائل المتعلقة بالوضع النهائي، خصوصاً وضع القدس والحدود ومسألة اللاجئين». وأكد استعداد أوروبا «للمساهمة في توفير ضمانات تنفيذ حل الدولتين، إذا طلب الجانبان ذلك». وشدد على «وجوب استعادة الثقة بين الأطراف وضرورة تغيير الواقع الملموس». وعقّب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا على الخطاب، قائلاً إن «اعتراف حكومة يقودها ليكود رسمياً بحل الدولتين خطوة في الاتجاه الصحيح. وهناك أشياء وردت في الخطاب تأتي حسب رأيي في مرحلة لاحقة من المفاوضات». واعتبر وزير خارجية السويد كارل بيلد الذي ستتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الشهر المقبل، تصريحات نتنياهو «أمر طيب، لكنها خطوة أولى فقط»، وقال إن «تلفظه بكلمة دولة هو خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح، أما إذا كان يمكن إطلاق كلمة دولة على ما وصفه، فهذه مسألة مطروحة للنقاش». ورأى وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن أن «علينا أن نقول بوضوح تام أنه لا يمكن الحديث عن تطوير العلاقات إلا عندما تكون عملية السلام في مسارها... ونحتاج من أجل ذلك إلى بضع خطوات أخرى». ورداً على سؤال عما إذا كانت خطوة نتانياهو كافية كي يرفع الاتحاد الأوروبي مستوى علاقاته مع إسرائيل، قال وزير خارجية فنلندا الكسندر ستاب: «لا». وأشارت الرئاسة التشيخية للاتحاد الأوروبي إلى أن خطاب نتانياهو يشكل «خطوة في الاتجاه الصحيح». وقال وزير خارجية تشيخيا يان كوهوت: «إنها في نظري خطوة في الاتجاه الصحيح... بالطبع، ثمة بعض العناصر الأخرى التي ينبغي تحليلها، لكن الموافقة على الدولة الفلسطينية مطروحة». وأعرب مجلس الاتحاد الأوروبي عن «القلق الشديد إزاء النشاطات الاستيطانية وهدم البيوت والتهجير في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، بما في ذلك القدسالشرقية». ودعا إسرائيل إلى «وقف فوري للنشاطات الاستيطانية، بما فيها تلك الجارية في القدسالشرقية، ومنها النمو الطبيعي (للمستوطنات)، وضرورة إزالة البؤر الاستيطانية العشوائية التي بنيت منذ آذار (مارس) 2001». وجدد التأكيد أن «المستوطنات غير شرعية بمقتضى القانون الدولي، وتمثل عقبة أمام السلام». ورهن الاتحاد رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل بحل النزاع في المنطقة. وأكد في بيان أصدره في نهاية اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء ليل أمس في لوكسمبورغ «وجوب النظر إلى رفع مستوى العلاقات ضمن الأهداف والمصالح المشتركة الكثيرة ومنها خصوصاً حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي من خلال تنفيذ حل الدولتين وتشجيع السلام وازدهار منطقة الشرق الأوسط والبحث عن حلول مشتركة للتحديات التي تتهدّد هذه الأهداف». ويعد تصريح وزير الخارجية الإسباني ميغيل انخيل موراتينوس الأكثر إيجابية تجاه خطاب بنيامين نتانياهو، إذ وجده «كافياً» لاستئناف مفاوضات السلام. وتحدث قبل بدء اجتماعات وزراء الخارجية أمس في لوكسمبورغ عن «القيمة الإيجابية» لتصريحات نتانياهو. ورأى أن «من المنطقي أن تكون الدولة الفلسطينية مسالمة»، في إشارة إلى اشتراط نتانياهو أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح. وطالب الاتحاد «بإعادة فتح المعابر فوراً من دون شروط مسبقة أمام تدفق المساعدات الإنسانية والسلع والأشخاص من غزة وإليها. ومن دونها يستحيل توفير المعونات الانسانية وإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد». ودعا إلى «وقف أشكال العنف كافة في غزة، بما في ذلك إطلاق القذائف ضد اسرائيل، ووضع آلية فعالة لوقف تهريب الأسلحة». كما أعرب عن تشجيعه جهود المصالحة بين الفلسطينيين «من حول الرئيس محمود عباس»، معتبراً أن «ردم الهوة بين الفلسطينيين يضمن حظوظ استعادة وحدة الدولة الفلسطينية المستقبلية». واستقبلت موسكو تصريحات نتانياهو بتحفظ. وقال مصدر في وزارة الخارجية الروسية إنها «لا تفتح الطريق أمام تسوية». ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن المصدر أن «هذه التصريحات تبين من دون شك أن الحكومة الاسرائيلية مستعدة للحوار، لكنها لا تفتح الطريق أمام تسوية للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني». وأضاف أن نتانياهو «فرض شرطاً مسبقاً غير مقبول بالنسبة إلى الفلسطينيين». من جهته، انتقد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري خطاب نتانياهو، معتبراً أنه «حمل إشارات غير مشجعة». وطالب ب «إحداث تقدم في الأوضاع في قطاع غزة، خصوصاً أن الأممالمتحدة تشعر بالقلق من تردي الأوضاع هناك». وقال في القاهرة عقب لقائه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان، إن «هناك فرصة تاريخية للسلام حالياً. والمطلوب التزامات واضحة من الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل إنجاح المفاوضات... هذا يعني من وجهة نظر الأممالمتحدة أن على إسرائيل إنهاء الاحتلال وقبول حل الدولتين والالتزام بالتفاوض على كل القضايا الأساسية». وفي برلين، وصفت الحكومة الألمانية الخطاب بأنه «إيجابي»، معتبرة أن نتانياهو «أكد به موافقته على حل الدولتين». وأكدت أن «أحداً لم يكن ينتظر أن تجد مسائل القدس واللاجئين وغيرها المختلف عليها منذ عشرات السنين حلاً في خطاب... إنها مسائل تبقى للتفاوض على طاولة المفاوضات التي فتح ناتنياهو بابها الآن». وقال الناطق باسم الحكومة توماس شتيغ رداً على أسئلة ل «الحياة» إن حكومته على علم بالمواقف الحذرة والمتشائمة وبخيبة الأمل التي أصيب بها العالم العربي والسلطة الفلسطينية، «لكن من وجهة نظرنا، فإن الرسالة الإيجابية التي بعث بها خطاب ناتنياهو هي أنه وحكومته يعترفان بحل الدولتين، وأنه يفتح إمكان بدء عملية تفاوض نعرف أنها ستكون صعبة جداً». وأضاف أن الشروط التي حددها نتانياهو «مطروحة للتفاوض بالطبع وللبحث عن حلول محددة لحل الدولتين ولشروط قيام الدولة الفلسطينية التي يجب أن تكون قادرة على الحياة». ورحبت استراليا بخطاب نتانياهو، ودعت إلى محادثات جديدة للسلام في الشرق الأوسط. وقال وزير الخارجية الاسترالي ستيفن سميث إن الخطاب يشكل نقطة انطلاق لمفاوضات جديدة. وأضاف: «أعتقد أنه يعكس أن هناك أساساً لعملية سلام من أجل بدء مفاوضات، لكننا نعرف جميعاً أن عملية التفاوض مطلوبة لإحلال سلام عادل ودائم... ندعم بقوة جهود الإدارة الأميركية في هذا الشأن، ونرحب أيضاً بواقع أن نتانياهو قال للمرة الأولى إن السلام يجب أن يرتكز على حل الدولتين». مواقف عربية وانتقدت الجامعة العربية خطاب نتانياهو، وقال الأمين العام المساعد للجامعة لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير محمد صبيح إن الخطاب سيكون على جدول أعمال اجتماع وزارء الخارجية العرب الطارئ المقرر في 24 من الشهر الجاري الذي «سيدرس الخطابين الأميركي والإسرائيلي بعمق ليكون هناك في النهاية موقف عربي موحد إزاء مجمل القضايا الخاصة بعملية السلام والصراع العربي - الإسرائيلي». ورأى صبيح أن نتانياهو هدفه «إرضاء المتطرفين في إسرائيل، وهو نجح في ذلك... أما إن كان (خطابه) موجهاً إلى الدول العربية والشعب الفلسطيني، فهو ابتعد كثيراً عن متطلبات السلام ولم ينجح في ذلك». وأضاف أن «الجامعة العربية ستراقب ردة الفعل الأميركية على هذا الخطاب»، مشدداً على أن «كلام نتانياهو لا يخرج عن نطاق العلاقات العامة والشعارات الكبيرة البعيدة تماماً عن الواقع». وشدد على أن «لا الأمة العربية ولا الشعب الفلسطيني بإمكانهما الموافقة على يهودية الدولة لأن ذلك يعني شطب حقوق أكثر من مليون و200 ألف فلسطيني يعيشون داخل إسرائيل». وتساءل: «هل هي الدولة التوراتية من النيل إلى الفرات؟... لا ندري كيف يتعامل نتانياهو مع القضايا... كلامه فيه ألغام». وفي دمشق، انتقدت الصحف الرسمية أمس خطاب نتانياهو، معتبرة أنه «يمثل رفض إسرائيل» لكل المبادرات والدعوات والقرارات الدولية. وقالت صحيفة «الثورة» إن «خطاب نتانياهو عاد بقضية السلام إلى ما قبل أي حوار». وانتقدت «ما ردده نتانياهو في خطابه عن الاعتراف بالدولة اليهودية والتطبيع معها والقدس خارج المفاوضات وحل مشكلة اللاجئين خارج إسرائيل ودولة فلسطينية من دون سلاح». ورأت أن «هذا يعني أن إسرائيل ترفض المبادرة العربية والدعوات والقرارات الدولية وبعيدة جداً عن أي تفكير بالسلام». وأشارت إلى أن «بوابات السلام مع إسرائيل ليست على ذاك الاتساع». ووضعت الولاياتالمتحدة «المعنية بالسلام والداعية له بجرأة» أمام خيارين «التراجع عن مواقفها... وهذا ما لا نتمناه» أو التمسك بالسلام واعتباره «الحقيقة الحياتية العملية التي لا بد منها من أجل أمن واستقرار المنطقة».