كرّست فاطمة المحسن وقتها لمساعدة الناس، لتكون وسيطة للطلب من الصيدليات الإلكترونية، عبر الإنترنت، ومن دون رسوم، لما رأته من «جشع» وتباين في أسعار الصيدليات الداخلية. بدأت فاطمة هذا العمل منذ أكثر من ثلاث سنوات، عندما كانت تدرس خارج المملكة، إذ تعودت على أن ترى هذه المنتجات بأسعار مناسبة وفي متناول الجميع، ولكنها فوجئت عند عودتها إلى المملكة ب«المبالغة الكبيرة» في الأسعار. وقالت: «بحثت عن الصيدليات الخارجية المصرح لها بالتوصيل إلى المملكة، وبدأت بنشرها في أوساط معارفي، ومن لا يستطيع الطلب؛ فأنا أقوم بمساعدته مجاناً، لنقضي على جشع التجار». وبحسب مقارنتها بين المنتجات، فإن كريم العناية بالعينين (من ماركة فرنسية شهيرة) في المواقع الإلكترونية يبلغ سعره 250 ريالاً، مقارنة في 380 في المنافذ التقليدية، بنسبة انخفاض 41 في المئة، أما الكريم المرطب للجسم (أيضاً ماركة فرنسية) فبلغ سعره 100 ريال في الصيدليات الإلكترونية، مقارنة ب170 في الصيدلية الداخلية، بنسبة 51 في المئة، وفي ما يتعلق بجل التقشير وتبييض البشرة، فراوحت الأسعار بين 98 ريالاً في الصيدليات الإلكترونية و260 في الصيدلية الداخلية، بنسبة انخفاض 90 في المئة، فيما تراوحت أسعار «زيوت التشمس» بين 160 ريالاً لدى الصيدليات الإلكترونية و300 في الصيدليات الداخلية، بنسبة انخفاض 60 في المئة. وانتقالاً إلى أسعار مرطب لليدين، كانت 30 ريالاً للإلكترونية و71 الصيدليات الداخلية، بنسبة انخفاض 81 في المئة، وفي ما يتعلق بكريمات الجسم، كانت أسعارها حوالى 110 ريالات في الإلكترونية و210 ريالات في الصيدليات الداخلية، بنسبة انخفاض 62 في المئة. وفي الوقت الذي أصبح التسوق عبر الإنترنت رائجاً ومستقطباً للناس يوماً بعد يوم، جراء سهولة الوصول إلى الشبكة والعروض المغرية القائمة على خفض الأسعار، لقيت الصيدليات الإلكترونية إقبالاً كبيراً، ويعود ذلك إلى أن الدواء والمستحضرات التجميلية المعروضة في الإنترنت أرخص بحوالى 30 في المئة إلى 50 في المئة من الدواء في الصيدليات الداخلية، بحسب ما ذكره أصحاب الخبرة. إلا أن بعضهم اعتبر الصيدليات الإلكترونية «عالماً افتراضياً تتزاحم فيها المعلومات، وتغلب عليها العشوائية، ويتبادل فيها الناس خبراتهم وتجاربهم، متجاهلين الأضرار التي من الممكن أن تؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها على الشخص، وهنا تتحول هذه المواقع من نعمة إلى نقمة وسموم تؤذي من حولها». واعتبر الصيدلاني أيمن إسماعيل في حديثه إلى «الحياة»، شراء الأدوية والمستحضرات عبر الإنترنت «خطراً قاتلاً، وخصوصاً عندما تصعب الثقة في الموقع الذي يبيعها، وعادةً تكون مجهولة المصدر ولا يمكن معرفة أين تم تصنيعها»، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للغذاء والدواء الأميركية تحذر من شراء الأدوية والمستحضرات الصحية والتجميلية من طريق الإنترنت، وأيضاً تحذر من الانسياق وراء الإعلانات «المضللة» في مواقع إلكترونية تبيع أدوية ومستحضرات مجهولة المصدر وغير مسجلة، إذ إن هذه الأدوية والمستحضرات قد تكون ذات خطورة بالغة، لعدم معرفة محتواها، كما أنّ نسبة كبيرة من هذه المستحضرات مغشوشة بمواد أخرى سامة، وتنشر تلك التحذيرات بين فترة وأخرى في مواقع الإنترنت والصحف الورقية والإلكترونية. في حين قال سعد الحربي ل«الحياة»: «اشتريت دواء الضغط لوالدتي من طريق الإنترنت، وكان سعره زهيداً جداً، لكن بعد مرور أشهر تبين لي بعد مراجعة والدتي الطبيب أن تركيز الدواء مخفف جداً، وهنا علمت سبب انخفاض الأسعار». الخضيري: أسعار الصيدليات المحلية ليست مرتفعة والمستهلك فقد الثقة بها لكن التساؤل الذي بقي حاضراً؛ ما السبب الذي يدفع المستهلك إلى شراء الأدوية والمستحضرات من الإنترنت؟ ويجيب على ذلك الدكتور فهد الخضيري، مبيناً أن السبب يعود إلى فقدان المستهلك الثقة في الصيدليات المحلية، لما يرى من تلاعب في الأسعار، وخصوصاً أسعار المكملات الغذائية والفيتامينات وأدوات التجميل، بسبب عدم دخولها ضمن التشديد على تسعير الأدوية، لذا أصبح ملاك الصيدليات يتلاعبون في أسعارها، ومن الممكن أن تصل الزيادة إلى 80 في المئة. ونفى أن تكون أسعار الأدوية عالية، «فهي مرتبطة في بلد المنشأ»، فيما عزا مشكلة ارتفاع الأسعار إلى «عدم الاستيراد من دول أرخص كدول شرق آسيا»، ورأى أن الحل يكمن في «فتح الباب للجميع بمثابة تجارة حرة وعدم الاحتكار، وفتح باب الطلبات من المواقع العالمية من دون احتكار أو تحديد الكمية». بدورها، تطالب رنا الغنيم بأن يسمح للمستهلك بالطلب من دون تحديد الكمية، وأن يسمح للشركات بالتوصيل إلى السعودية، فيما رأى الإعلامي فيصل العبدالكريم أن أسعار الأدوية «مرتفع جداً»، عازياً ذلك إلى طريقة التفاوض الدولي من دولة إلى أخرى والشراء الموحد. وقال العبدالكريم: «المصانع الأم هي من تحدد السعر»، موضحاً أن هناك تضارباً في أعمال الوكلاء، وأن محتكر دواء السرطان هو وكيل عدد من أنواع السجائر في المملكة، ورأى أن الحل لضبط أسعار الأدوية ومشكلة الاحتكار يكون بالشراء الموحد. النتيفي: «التسعير» للأدوية فقط لا لمستحضرات التجميل أوضح مدير إدارة التسعيرة واقتصاديات الدواء في هيئة الغذاء والدواء الصيدلي فهد النتيفي أن الهيئة تتولى تسجيل وتسعير الأدوية التي تعرّف بأنها «المواد التي تُستخدم من الظاهر أو الباطن للإنسان، للعلاج أو الوقاية أو تشخيص الأمراض وتكون على شكل صيدلاني»، لجميع القطاعات الصحية الخاصة، وذلك لأهميتها وتأثيرها المباشر في حياة الإنسان، غير أن بعض المنتجات، التي تكون على شكل صيدلاني لكن ليس لها تأثير مباشر في حياة المريض (مثل كريمات تبييض البشرة، والمستخلصات العشبية...)، يتم تسجيلها للتأكد من مأمونية استخدامها وعدم احتوائها على مواد ضارة، غير أنه لا يتم تسعيرها في الوقت الحاضر، لكون السوق وحجم العرض والطلب يحددان بيع هذه المنتجات بهامش ربح معقول. وقال النتيفي ل«الحياة» إن الهيئة تشارك في اللجنة الخليجية لتسعير الأدوية، تحت مظلة «مجلس الصحة لدول مجلس التعاون»، وبناءً على المعلومات الواردة من المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون، فإنه تم توحيد (خفض) معظم أسعار الأدوية في دول المنطقة، بناءً على أسعارها المعتمدة في السعودية، وتم توحيد أكثر من 2341 مستحضراً دوائياً خليجياً - أكثر من 85 في المئة من هذه المستحضرات تم اعتماد سعرها في السعودية - أي ما يزيد على ألفي مستحضر تقريباً، إضافة إلى الدول الخليجية، فإن أسعار الأدوية في المملكة (وخصوصاً الأدوية المبتكرة، والتي لا يوجد لها بدائل أو مماثلات) تعتبر مرجعاً لكثير من الدول العربية، ومنها الأردن، والعراق، ولبنان، وغيرها، بل تضمنت لوائح التسجيل لديهم ضرورة تسجيل وتسعير المستحضر في المملكة للاسترشاد بذلك. وبين أنه يتم تسجيل منتجات التجميل للتأكد من سلامة ومأمونية استخدامها، غير أنها لا تسعّر، لكونها غير منقذة للحياة (ife Saving)، بل يقتصر استخدامها على تحسين أسلوب الحياة (Life style)، وللمستهلك حق الخيار في استخدام أي منتج يفضله، سواءً في السوق المحلية أم من طريق الإلكترونية، فيما لا توجد عالمياً أية جهة حكومية تسعّر مثل هذه المنتجات، أما الاستفسار عن سبب التفاوت في أسعار تلك المنتجات غير المسعّرة نظاماً، كونها منتجات غير صيدلانية وليست على شكل صيدلاني، (بحسب ما ورد في نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية)، أو أية سلعة تقليدية أخرى، فيوجه إلى جمعيات حماية المستهلك ووزارة التجارة والاستثمار، بحكم الاختصاص. وأكد أنه لم تردهم أية حال تفيد برفض موقع شراء معيّن التوصيل إلى المملكة، بحيث يكون هناك طلب من الموقع أو الشركة الناقلة للتزويد بموافقة الهيئة قبل الشحن إلى السعودية، وسبق التعميم على شركات النقل أنه في حال شراء العميل المنتج، لا مانع من شحنه إلى المملكة، ليتم عرضه على مفتشي الهيئة، والبت بالفسح من عدمه.