تدخل مجلة «الدوحة» الثقافية مع عدد حزيران ( يونيو) مرحلة جديدة تجلت في التطوير الشامل الذي شهدته مضموناً وشكلاً، بعد تولي الروائي والصحافي المصري عزت القمحاوي إدارة تحريرها. ولعل ما يلفت أولاً هو الطابع الحدثي الذي يجعل المجلة في صميم الأحداث الثقافية التي تشهدها الساحة العربية والدولية. علاوة على فتح ملفات سجالية وطرح قضايا مثيرة للجدال. ومنها على سبيل المثل قضية جائزة القذافي والفضائح التي أثارتها. ناهيك بالانفتاح على الثقافة العصرية والحديثة. يضم العدد موضوعات وملفات ثقافية تضع المجلة في قلب اللحظة الثقافية والسياسية والاجتماعية، و يصاحبه للمرة الأولى «كتاب الدوحة» وهو يوزع مجاناً مع العدد، وكتاب هذا الشهر هو «طبائع الاستبداد» للكواكبي. ويتضمن العدد تقارير ثقافية من مصر والجزائر والمغرب وتونس والسودان والعراق وسورية وموريتانيا، وصفحات عن مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت من مختلف الدول العربية في أول التفاتة من مجلة ثقافية الى إعلام العصر الحديث (إعلام المواطن). ويكمل هذا الباب مهمة التقارير الثقافية فيطلع القارئ على جهود المدونين ومستخدمي ال «فايسبوك» وال «تويتر» وال «يوتيوب» في الثورات العربية التي تخصص لها المجلة ملفاً بعنوان «جسد الفرد... رصاص العصابة» يقدم فيه 23 كاتباً من مختلف البلدان العربية مقاربة ثقافية لظاهرة الثورات العربية. تقديم الملف يفند ادعاءات الأنظمة الآيلة للسقوط بوجود «أصابع أجنبية» تحرك الثورات؛ فهي عربية المنشأ والجهد والتوجه. إنها لحظة الصدام المتزامنة بين مجتمعات كانت تنمو باتجاه الفرد وكرامته الشخصية وحريته وبين أنظمة تتخلف لتتحول إلى الفساد والأحادية. من بين كتاب الملف الباحثة اللبنانية منى فياض التي تتناول أجمل جراحة تجميل قام بها شباب الثورة المصرية للجسد العربي في مقالها الذي يحمل عنوان «تمرد الجسد المهان» بينما تكتب المصرية فيروز كراوية قراءة اجتماعية سينمائية عن المواطن الذي انتفض حتى لا يصبح «الليمبي»! ويقرأ الروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري السحر الذي تتضمنه كلمتا «الشعب يريد...» وكأنها «افتح يا سمسم...» التي تقوض جدران مغارات علي بابا أمام إصرار الشباب اليمني على سلمية ثورته. ومن اليمن أيضاً يكتب جمال جبران «عندي بندقية، لكن ثورتنا سلمية». الروائي السوري عمر قدور، يقرأ قوة اليأس في مقاله «كفن أو ملاءة... تلك هي المسألة» ويبدأ بالاعتذار من المرأة السورية التي كانت في المقدم، نيابة عن باعة الأكفان الذين كانوا ينادون «لدينا ملاءات نسائية لمن لا يريد كفناً». ويستطلع المفكر السوداني حيدر إبراهيم إمكانات الثورة في السودان بعد عشرين سنة من محاولات ذل الإنسان ودفعه إلى التناحر في بلد يمتلك براءة اختراع الانتفاضات الشعبية. ومن الجزائر يكتب الشاعر سليم بوفنداسة «دليل المثقف الحائر» ومن القاهرة يكتب التشكيلي يوسف ليمود عن معرض لافتات الثورة، حيث العين تهتف قبل الفم أحياناً. وإلى جانب قضية العدد ملف خاص عن الكاتب الإسباني خوان غويتسولو يتضمن حواراً معه إضافة إلى وثائق جائزة القذافي ومراسلات صلاح فضل معه، وقد رفض غويتسولو الجائزة التي تسلمها العام الماضي جابر عصفور. وفي الملف أيضاً مقال لغويتسولو الذي تم التعاقد معه للكتابة خصيصاً للمجلة شهرياً، بينما يبدأ الطاهر بن جلون في العدد المقبل مقاله الشهري ل «الدوحة» في إطار خطة لاستكتاب كتاب عالميين. ويكتب طلعت شاهين عن الروائي الراحل أرنستو ساباتو. «وقائع موت مخجل» ملف آخر عن فيتوريو أريغوني الإيطالي الذي شنقته جماعة متطرفة في غزة ويتضمن الملف ترجمة لصفحات من كتابه «لنبق إنسانيين» وهو يومياته عن غزة وتنشر للمرة الأولى بالعربية في ترجمة من الإيطالية لحسين محمود.