إنها 10 أسباب تجعلني أتفاءل بمستقبل أكثر إشراقاً لأبنائي وجيراني الذين يسكنون معي في مدينتي العزيزة جدة، بعد سنوات من الإحباط والإجهاد الذي يزيد ولا ينتهي، والعيش على ذكريات جدة التي كانت يوماً ما زاهية بمتحفها المفتوح وطرقاتها الملونة وكورنيشها الأجمل في المنطقة. أول تلك المشاريع ال10، مشروع قطار الحرمين الشريفين الذي سيمر بجدة، هذا المشروع الذي أسس له الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وجعله جزءاً من همه التنموي، وتحدياً يتطلب إنجازه في أسرع وقت، خدمة للمدينتين المقدستين والمدن التي يمر بها، هذا القطار سيكون حبلاً من الحياة ممتداً بين مدينتين مقدستين، وحلماً حقيقياً تحقق لجدة وأهلها يحملهم نحو عصر جديد وحياة أكثر سهولة. وثاني تلك المشاريع التي ستنقل جدة لمصاف المدن الكبرى، هو مطار الملك عبدالعزيز الجديد، الذي يتوقع له أن يكون من المطارات الأجمل في المنطقة، دافناً معه سنين من والتعب، تحملها المارّون بالمطار والساكنون في جدة خلال رحلاتهم المتعددة، بدءاً من تلك العلب المقفلة التي كانت تحمل الركاب جيئة وذهابا إلى الطائرات، وانتهاء بالخدمات الأرضية سيئة السمعة. أما ثالث المشاريع التي تحملني نحو جدة التي أعرفها قبل 30 عاماً، فهي الواجهة البحرية الجديدة التي دشنت قبل أسبوعين، حاملة البحر إلى جدة مرة أخرى، بعدما اختفى خلف مشاريع سياحية تزيد الأموال في جيوب التجار، مروراً بهرم الكورنيش وشيخوخته التي دفعت الناس نحو الأرصفة والمخططات بعيدا عن بحرهم الأثير. كما يأتي انتهاء المرحلة الأولى من مشروع الصرف الصحي كمشروع رابع يضخ الأمل في نفوس الجداويين، ليخلصهم من أكثر قضاياهم البيئية والصحية التي كبدتهم الأمراض والمياه الجوفية الآسنة طوال عقود. يضاف إلى القائمة ال10 تشغيل محطتي معالجة مياه الصرف الصحي، والتي كفت سكان جدة معاناة رمي مخلفاتهم في «بحيرة المسك»، التي تحولت سابقاً إلى أكبر مهدد لحياتهم، لتكون المشروع الخامس. ولأن جدة عاشت طوال السنين الماضية معلقة في حلق طريق المدينة تدخل إليه ولا تكاد تخرج منه، في بحث يومي للوصول إلى جهاته الأربعة، مكبداً السكان وسائقي السيارات معاناة لا تطاق. ليأتي «طريق الأمير ماجد» الجديد كمشروع سادس يحمل الأمل في حياة أكثر هدوءاً، وأقل صخباً لجدة وأهلها، وليكون بديلاً أساسياً ينقل حركتها من طريقها «العتيق» إلى طريق «المستقبل»، ممتداً من سهول الموز في جيزان إلى بوابة المطار الجديد. ويأتي المشروع السابع حاملاً معه مكتبة الملك فهد الوطنية بجدة كإضافة حضارية وثقافية عملاقة، مكللاً بورق الكتاب ورائحته الزكية وأحرفه ومعانيه، التي ضاعت بين مكتبة دشنت يوماً ما في طريق الأندلس، ثم نسيت «من دون رجعة»، ومكتبة عامة تركت في سور إدارة التعليم، لا يحفل بها أحد. ولأن جدة عاشت طوال سنين تحمل ذاكرة منطقة البلد بين أضلعها تحاول حمايتها من غدر الزمن، ونسيان الأحبة لجدرانها وأزقتها وأنفاس الناس الطيبين الذين خبؤوا أحلامهم وحياتهم بين جدرانها ومضوا، يأتي مشروع ضمها للتراث الإنساني، وحمايتها من قبل «يونيسيف»، كمشروعها الثامن الذي سيحفظ الذاكرة، ويبقي العين والعقل والتاريخ متوسداً باب قابل وحارة الشام، وغافياً قليلاً في حارة المظلوم. ولأن جدة لا تزال تحاول الخروج من أثقال أحيائها العشوائية التي «كسفتها» وأصابتها في مقتل الجمال، يأتي المشروع الحضاري «التاسع» لتطوير أحياء الرويس وخزام، ليكونوا «شرفة» المستقبل الذي تاه بين الأزقة والبيوت المبنية في سرقة من الليل والنهار. وآخر المشاريع ال10 الذي ستكون به نهاية الخوف وسد الحياة الجديدة، هو مشروع حماية جدة من الأمطار والسيول التي أدمت قلوب «الجداويين»، وشرخت أفئدتهم سنتين متتاليتين. [email protected]