كشف الدكتور صالح السنيدي عن مشاهدات وانطباعات وأهداف الرحالة وليم بلغريف، في شمال ووسط جزيرة العرب، خلال الفترة (1862-1279ه) وبخاصة الجوفوحائلوالقصيم، في مادة جمع فيها رحلته في كتابٍ، لأن الجوف تعد البوابة الرئيسة لعبور المغامرين الأوروبيين إلى وسط الجزيرة العربية، شدت انتباه هؤلاء وأثارت فيهم غريزة حب الاستطلاع ونبش تاريخها وحضارتها القديمة، والوقوف على أطلالها وأحوالها، ما لا يستغني عنه من يريد الكتابة عن تاريخ الجوف. وأوضح الدكتور السنيدي، خلال محاضرة بعنوان: «بلغريف في شمال ووسط جزيرة العرب» في مجلس حمد الجاسر، وأدارها الدكتور عبدالعزيز الهلابي، قدم فيها نبذة عن وليم جيفور بلغريف الإنكليزي الأصل، الذي ولد سنة 1838م-1254ه، ووصل إلى جبل شمر، بعد زيارته الجوف، التي كانت تتمتع بفترة من الاستقرار والازدهار السياسي والاقتصادي في ظل حكومة قوية، وخصها بلغريف بوصف ضافٍ وقراءة عميقة لوضعها السياسي وعلاقتها بالقوى المحيطة بها. وأشار إلى أن منطقة القصيم كانت محل اهتمام بلغريف حتى قبل أن تطأها قدماه، فأعجبته طبيعة حب المغامرة لدى أهلها واهتماماتهم التجارية، وتأكد هذا الإعجاب عندما زارها وعرفها عن قرب، فخصها بوصف طبائع أهلها وأرضها ومنتوجاتها الزراعية، وتوقف عند أحوالها السياسية. ولفت الى أن بلغريف وصل إلى شمال وأواسط شبه الجزيرة العربية، منطلقاً من معان بالأردن، في منتصف سنة 1862م-1279ه وكانت الجوف أولى محطات رحلته، انطلق منها إلى حائلفالقصيم ثم الرياض فالأحساء، مواصلاً رحلته إلى أقاصي الخليج العربي، مروراً بدويلاته المتعددة، على أن بلغريف امتاز، على غيره من الرحالة والمستكشفين، بالغوص في أعماق تلك المجتمعات التي زارها، فاهتم بالجوانب الديموغرافية والأنثروبولوجية، إضافة إلى اهتمامه بالجوانب الطبوغرافية والتاريخية والسياسية. وقال: «إن بلغريف سجل مغامراته ومذكراته في الجوفوحائلوالقصيم، خلال مادة جمع فيها رحلته في كتابٍ أسماه «وسط الجزيرة العربية وشرقها». وقدم الدكتور سندي نبذة عن وليم جيفور بلغريف الإنكليزي الأصل، الذي ولد سنة 1838م-1254ه، من أبٍ يهودي اشتهر بالعلم والأدب، ونالت عائلته نصيبها من المكانة والاحترام في المجتمع الإنكليزي، فالتحق بالجيش البريطاني بعد تخرجه من جامعة إكسفورد، وتعين في بومباي، لكنه انسحب من الجيش بعد سنة، لينضم إلى جماعة «الآباء اليسوعيين» النصرانية، ثم واصل مشواره معها حتى أصبح قسيساً في البعثة التبشيرية بلبنان، التي نجا منها بأعجوبة بعد المذبحة التي قام بها الدروز ضد النصارى هناك، كان ذلك في صيف سنة 1860م-1276ه ولذا قاد حملة في أوروبا لإنقاذ نصارى لبنان ومساعدتهم في تجاوز محنتهم. وبين أنه قبل المذبحة وأثناء وجوده في لبنان كانت له أنشطة تجسسية وتحريضية، كما درس العربية وأجادها، إضافة إلى معرفته بعدد من اللغات الأخرى؛ ويبدو عليه أنه شخصية متقلبة قلقة، فبعد مسيرته الطويلة مع الكنيسة الكاثوليكية تحول إلى البروتستانتية، ثم ترك الكل وانضم إلى الخارجية البريطانية، ليتقلب في مناصب عدة، كان آخرها في أوروغواي، التي توفي فيها سنة 1888م-1305ه. وقال إنه من الممكن التعرف على الأهداف الفرنسية من خلال تقارير بلغريف نفسه، في مذكرات رحلته هذه، واهتمامات فرنسا التوسعية ومنافسة النفوذ البريطاني في تلك الفترة. وناقش مشروع فرنسا التوسعي والصراع بينها وبين بريطانيا على المنطقة العربية في كتابه: «رحالة إسباني في الجزيرة العربية». وذكر أن أقلام قلة من الباحثين والرحالة من مرتادي هذه المنطقة أو تلك، أمدتنا بمعلومات قيمة في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجغرافي عن جبل شمر، التي وصل إليها بعد زيارته الجوف، في وقت كانت تتمتع فيه بفترة من الاستقرار والازدهار السياسي والاقتصادي، في ظل حكومة قوية، خصها بلغريف بوصف ضافٍ وقراءة عميقة لوضعها السياسي وعلاقتها بالقوى المحيطة بها.