تصاعدت المواجهات العنيفة بين رجال قبائل مؤيدين ل «الثورة السلمية» وبين قوات حكومية موالية للرئيس علي عبدالله صالح في تعز (260 كم جنوب العاصمة صنعاء) منذ منتصف ليل الإثنين - الثلثاء، بهدف السيطرة على المدينة التي يسودها توتر شديد، وسط أنباء عن تعزيزات كبيرة للجيش وحشود قبلية على مشارفها. وجاء ذلك في وقت شهدت مدينة زنجبار الجنوبية معارك ضارية بين مقاتلي تنظيم «القاعدة» وقوات الجيش، التي تحاول استعادة السيطرة عليها، أسفرت عن سقوط 30 قتيلاً من التنظيم الارهابي و15 عسكرياً. وكانت مجموعات من المسلحين القبليين تمكنت امس من السيطرة على معظم انحاء مدينة تعز والمقارّ الحكومية فيها بعد معارك ضارية مع الجيش الذي سارع الى ارسال تعزيزات، وخصوصاً من الحرس الجمهوري، لمحاولة إعادة سيطرته عليها، في حين احتشد مقاتلون قبليون عند مشارف المدينة للدخول اليها ومساندة المحتجين. على صعيد آخر، علمت «الحياة» من مصادر متطابقة في أحزاب المعارضة في تحالف «اللقاء المشترك»، انها تدرس خيارات جديدة لجهة تحقيق انتقال السلطة في اليمن في غياب الرئيس صالح، الذي يتلقى العلاج في المملكة العربية السعودية من إصابات لحقت به في هجوم تعرض له مسجد دار الرئاسة بصنعاء الجمعة الماضي. وقالت هذه المصادر إن قيادات المعارضة تبدي استعداداً للتفاوض مع نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي يتولى مهمات رئيس الجمهورية حالياً حول نقل السلطة فوراً، في ضوء ما نصت عليه المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة، وبما يحقق مطالب «الثورة السلمية» وأهدافها، المتمثلة في إسقاط النظام ورحيل صالح، شرط أن يعلن نائب الرئيس بأنه يمارس مهمات رئيس الجمهورية وصلاحياته. وأضافت أنه في حال لم تتم الاستجابة لهذه الدعوة، فإن قيادة المعارضة تدرس خيارات أخرى، منها تشكيل مجلس انتقالي للحكم والمضي قدماً في عملية إسقاط النظام القائم بكل الوسائل السلمية، وفي مقدمها تصعيد الاحتجاجات الشعبية في كل أنحاء البلاد. ورداً على هذا الموقف، قال نائب وزير الإعلام اليمني عبده الجندي، إن المعارضة تعمل على جر البلاد الى مزيد من العنف والفوضى التي يتضرر منها الجميع، وتحاول خوض معركة لن يخرج أحد منها منتصراً. وأضاف الجندي في تصريح الى «الحياة»، أنه «لا توجد على وجه الأرض ثورة تعتبر نفسها سلمية أو حركة معارضة تحتفل بحادث إرهابي استهدف رئيس الدولة وكبار قياداتها في بيت من بيوت الله، إلا في اليمن. المعارضة أقامت احتفالات ابتهاجاً بهذا الحادث الإرهابي، معبِّرة عن درجة عالية من الغباء السياسي ومن الاستفزاز لمشاعر الشعب اليمني». وتابع: «هل سمع أحد من قبلُ أن ثورة سلمية تتحول الى سلسلة من الأعمال المسلحة تتمثل في اقتحام المؤسسات والمباني الحكومية والسيطرة عليها بالقوة المسلحة وتقطع الطرقات وتغلق الشوارع وتعتدي على الآمنين وتجر البلاد الى الفوضى والحروب»، داعياً المعارضة الى «العودة الى المربع السلمي أولاً، ثم لتتحدث عن التفاوض». وأكد الجندي أن «نائب الرئيس منشغل في الوقت الراهن بثلاث قضايا رئيسية، تتمثل أولاً في وقف إطلاق النار في العاصمة وغيرها من المحافظات، وإعادة فتح الطرقات، وإخلاء المباني الحكومية من المسلحين، وثانياً في إدارة المواجهات الحالية مع الإرهابيين من تنظيم القاعدة في محافظة أبين والقضاء عليهم، وثالثاً في متابعة التحقيقات في الحادث الإرهابي الذي تعرض له مسجد دار الرئاسة، لكشف مرتكبي هذه العملية الإجرامية البشعة وإعلانها للشعب اليمني». وخلص إلى أن «الجانب السياسي المتعلق بنقل السلطة وفقاً للمبادرة الخليجية، مؤجل الى حين عودة الرئيس صالح وقيادات الدولة من رحلة العلاج في السعودية». وقال ان نائب الرئيس «يدعو كل الأحزاب السياسية في المعارضة وكل القوى الوطنية والقبلية الى التعاون والعمل معاً الى جانب الدولة، من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والحفاظ على الوحدة اليمنية وحماية مكاسب الوطن في هذه الظروف الدقيقة والمعقدة التي يمر بها اليمن».