شهدت مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين (جنوب اليمن) أمس، مواجهات هي الأعنف والأشد ضراوة بين القوات الحكومية ومئات المسلحين من عناصر تنظيم «القاعدة» الذين يسيطرون على المدينة منذ اقتحامها قبل نحو عشرة أيام، بعدما حشدت القوات الحكومية تعزيزات كبيرة في محيط المدينة خلال الأيام الماضية استعداداً لهجوم حاسم يهدف الى تحرير المدينة من المسلحين بدأت تنفيذه مع ساعات الصباح الأولى، ومن كل الاتجاهات. وأكدت مصادر أمنية رسمية أن القوات الحكومية هاجمت مواقع للمسلحين على مداخل زنجبار وخاضت معهم معركة عنيفة أسفرت عن مقتل 30 على الأقل من عناصر «القاعدة»، و15 جندياً من القوات الحكومية، في حين قصف الطيران الحربي مواقع مفترضة للتنظيم في مناطق مجاورة لزنجبار في شقرة والكود، بالإضافة الى تحصيناته في زنجبار. وقال مصدر عسكري إنه يجري حالياً درس الخطط الخاصة باقتحام المدينة وتعديل التكتيك العسكري بما يتلاءم مع أسلوب حرب العصابات لتجنب سقوط خسائر في صفوف الجيش. وصرح مصدر مسؤول في المنطقة العسكرية الجنوبية أن الجيش خاض مواجهات لأكثر من ثلاث ساعات مع العناصر الإرهابية في زنجبار وقتلت أكثر من 30 مسلحاً بينهم المدعو حسن العقيلي، أحد قيادات التنظيم في محافظة مأرب (شمال شرقي صنعاء)، إضافة الى عدد كبير من الجرحى، ولاذ من تبقى منهم بالفرار بعدما أخلوا قتلاهم وجرحاهم من منطقة المواجهات، فيما سقط عدد من الشهداء والجرحى من قوات اللواء 201. وتخشى السلطات اليمنية من قيام مسلحي «القاعدة» بتنفيذ تهديداتهم ومحاولة الخروج من أبين في اتجاه مدينة عدن المجاورة، لذا اتخذت إجراءات احترازية لمنعهم من ذلك. وفي السياق نفسه، قالت ل «الحياة» مصادر في أبين (400 كلم جنوب صنعاء) إن المواجهات العنيفة مع القاعدة على مشارف زنجبار تتم بمشاركة وحدات من الجيش كانت أعلنت تأييدها لحركة الاحتجاجات والاعتصامات الشبابية المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس صالح. وذكرت المصادر أن لواءين عسكريين أحدهما اللواء 119 بقيادة العميد فيصل رجب الذي أعلن تأييده للثورة السلمية، يشاركان في عملية تطهير المسلحين من المدينة إلى جانب اللواء 25 ميكانيكي الذي يتخذ من زنجبار مقراً له. الى ذلك، تصاعدت المواجهات في شكل أكثر عنفاً بين رجال قبائل موالين ل «الثورة السلمية» وبين القوات الحكومية في محافظة تعز (260 كلم جنوب العاصمة صنعاء) منذ منتصف ليل الاثنين - الثلثاء، وأفادت مصادر محلية بأن قوات من الحرس الجمهوري قصفت بقذائف الدبابات والمدفعية عدداً من الأحياء داخل المدينة، وتركز القصف على الأحياء المحيطة ب «ساحة الحرية» التي يعتصم فيها عشرات الآلاف، مطالبين بإسقاط النظام. واندلعت الاشتباكات التي استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة بعدما أقدمت قوات الأمن قبل نحو أسبوعين على فض اعتصام سلمي للمحتجين بالقوة، وإحراق الخيام، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وقال شهود إن الاشتباكات التي توسع نطاقها، تركزت في عدة جبهات، أشدها في محيط القصر الجمهوري وسط المدينة، بالإضافة إلى محيط مستشفى الثورة، حيث تتمركز قوات من الحرس الجمهوري، كما دارت اشتباكات عنيفة في محيط مقر إدارة أمن المحافظة، ونقطة الحوبان. ولم يتضح حتى الآن حجم الأضرار التي خلفتها المعارك سواء في الممتلكات أو الأرواح. ووجهت قبائل مسلحة في تعز إنذاراً لقوات الحرس الجمهوري بسحب وحداتها من مستشفى الثورة وإجلائها من تعز وإلا فإنها لن تتردد في استهدافها. وأرسل الجيش تعزيزات كبيرة إلى منطقة جبل حبشي المطل على تعز، لمنع مسلحين قبليين من دخول المدينة. واكتفت السلطات اليمنية بتوجيه الاتهام الى أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة بالوقوف وراء الاختلالات الأمنية في تعز ونشر الفوضى الأمنية ومهاجمة المقرات الحكومية والاعتداء على رجال الأمن. ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن مصدر محلي قوله إن «مجموعات مسلحة تابعة لأحزاب اللقاء المشترك قامت اليوم بمحاولة اقتحام السجن المركزي بالمحافظة مستخدمة بذلك مختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة»، وأشار إلى أن رجال الأمن تمكنوا من التصدي لهم ودحرهم، لافتاً إلى أن «تلك العصابة قامت بالتقطع لسيارة إسعاف تابعة للواء 33 مدرع وهي في مهمة إنسانية لإسعاف بعض الجرحى، ونهبوا السيارة وأجبروا الجرحى على النزول منها». وفي صنعاء، حذرت منظمات حقوقية من كارثة إنسانية وبيئية بسبب جثث القتلى الملقاة في شوارع حي الحصبة، من آثار المواجهات الضارية بين القوات الحكومية ومسلحي قبائل حاشد التابعة للشيخ صادق الأحمر. ووجهت منظمة «هود» نداء عاجلاً إلى المنظمات الإغاثية الدولية العاملة في اليمن والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان للتحرك السريع لانتشال الجثث الملقاة على قارعة الطريق، والتي بدأت بالتحلل من دون أن تتحرك أي جهة رسمية أو غير رسمية لنقلها.