خيّم الحذر على توقعات قادة صناعة الطيران في المنطقة العربية، في ضوء تزامن تحقيق معدلات نمو متواضعة مع استمرار التحديات التي تعصف بالمنطقة والعالم، من اضطرابات سياسية وارتفاع أسعار الوقود، إضافة عوامل خارجية تتمثل في الكوارث الطبيعية وانتشار الأمراض. وتوقع عدد من أقطاب صناعة الطيران في العالم خلال اجتماعات الاتحاد الدولي للنقل الجوي الذي اختتم أعماله في سنغافورة أمس، أن تتراجع أرباح شركات الطيران في المنطقة العربية إلى 100 مليون دولار خلال هذه السنة، مقارنة ب 900 مليون العام الماضي، وبهامش ربحية لا يزيد على 1.4 في المئة من العائدات، متأثرة بعوامل الأحداث السياسية، وارتفاع أسعار الوقود الذي لا يزال يشكل كابوساً لصناعة الطيران عموماً. ولم يخف رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) جوفاني بيسنياني، في حوار مع الإعلاميين العرب الذين غطوا المؤتمر، أن المنطقة العربية «تُعتبر واحدة من أكثر أسواق العالم نمواً في الحركة الجوية، بمعدل يصل الى 9.4 في المئة لجهة حركة المسافرين بين الأعوام 2010 الى 2014، في حين يُتوقع أن يسجل الشحن الجوي زيادة في الفترة ذاتها. أما الرئيس التنفيذي لمنظمة (إياتا) في منطقة الشرق الأوسط مجدي صبري، فأشار الى أن «نمو أساطيل الشركات في المنطقة العربية، لم يشكل ضغوطاً على سعة المقاعد، كما كان يعتقد في السابق بل استوعب نمو الحركة الجوية هذه الطاقة». وأكد جيوفاني، الذي انتهت ولايته مع نهاية اجتماعات الاتحاد أمس، ان الوجهات السياحية في المنطقة والعالم تحتاج الى فترة تتراوح بين سنة واثنتين لعودة الانتعاش الكامل لحركة السياحة والطيران. وقدّر تقرير ل «إياتا» صدر على هامش اجتماعاتها، التي حضرها أكثر من 700 مسؤول من شركات الطيران العالمية، أن تشهد الحركة الجوية من الشرق الاوسط، نمواً متواصلاً حتى عام 2014 وبمعدل يصل الى 8.6 في المئة هذه السنة، و8.2 في المئة عام 2012، لتعود وتستقر على 7.5 في المئة عام 2014. وأكدت بيانات الاتحاد، أن منطقة الشرق الاوسط حققت أعلى معدل نمو في حركة المسافرين الدوليين في العالم بلغت نسبته 17.9 في المئة العام الماضي، على رغم أن أسواقاً كثيرة في العالم سجلت نمواً سلبياً في هذا المجال. اما حركة الشحن الجوي الدولية، فنمت في المنطقة بنسبة 27.6 في المئة، وهي ثاني أعلى معدل نمو في العالم بعد أميركا اللاتينية التي حققت نمواً بلغ 29.6 في المئة. وعلى رغم هذه الارقام المقلقة، أكد قادة الصناعة أن المنطقة مقبلة على مزيد من النمو بفضل توسع ناقلاتها الإقليمية ومحطاتها الخارجية، حيث ضخت شركات المنطقة ومنذ العام 2005 اكثر من 200 بليون دولار لشراء أكثر من ألف طائرة جديدة، يُتوقع أن تتسلمها تباعاً حتى عام 2020. كما استمرت في الإنفاق على البنية التحتية ليصل المبلغ إلى 100 بليون دولار، استحوذت دبي على 33 بليوناً لبناء مطار آل مكتوم بطاقة استيعاب تصل الى 120 مليون مسافر، بعد إنجاز كل مراحل المشروع العملاق، فيما استثمرت قطر 14 بليون دولار لبناء مطار الدوحة الجديد، وضخت ابو ظبي 6.8 بليون دولار لتوسيع مطار ابو ظبي الدولي. وقال الامين العام لمجلس اتحاد النقل الجوي العربي عبد الوهاب تفاحة ل «الحياة»، إن توقعات هذه السنة تشير الى زيادة سعة المقاعد بمعدل يتراوح بين 5 و6 في المئة مقارنة بالعام الماضي، على رغم التحديات التي يعانيها قطاع الطيران في المنطقة العربية. وبدت توقعات تفاحة أكثر تفاؤلاً من توقعات الاتحاد الدولي للنقل الجوي، ولفتت إلى أن متوسط أرباح شركات الطيران المتوقعة لهذه السنة تصل الى 200 مليون دولار، في حين توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن تسجل 100 مليون دولار مع نهاية هذه السنة. وعن أهم التحديات التي تواجه شركات الطيران العربية، رأى تفاحة، ضرورة أن ترتقي تنافسية الشركات العربية وطبيعة تعاطيها مع القضايا العالمية إلى مستوى الشركات العالمية. واعتبر أن بعض الشركات العربية التي نجحت في فرض تنافسيتها في الأسواق العالمية بدأت تتعرض لبعض المضايقات من قبل شركات أخرى منافسة، لذلك يجب أن تكون المنافسة مشروعة، بناء على أسس الاقتصاد الحر ويجب ان يتركوا قرار السفر للمسافر من دون قيود. وأكد أن على الدول العربية تبنّي سياسة الأجواء المفتوحة، ما يخدم هذه الصناعة ويساعد الدول على تنمية اقتصاداتها، إذ قال: «لا يعقل أن يبقى قطاع الطيران في المنطقة العربية أسير أفكار ومبادئ اقتصادية رجعية مضى عليها الزمن».