أعلن الجيش الإسرائيلي حال التأهب امس على طول خط وقف إطلاق النار مع سورية غداة استشهاد 23 شخصاً وجرح 474 اثناء محاولتهم اختراق الحدود لإحياء الذكرى الرابعة والأربعين للنكسة، وسط مخاوف من ان تتحول الجولان الى موقع احتكاك دائم مع المتظاهرين، في وقت اتهمت إسرائيل سورية بتدبير المواجهات لصرف الأنظار عن قمعها الإحتجاجات الداخلية المطالبة بالديموقراطية. وقال وزير الدفاع المدني الإسرائيلي ماتان فيلنائي: «لا يمكن الوصول الى الحدود السورية - الإسرائيلية من الجانب السوري من دون توجيهات ومواقفات واضحة من الحكومة في دمشق»، مضيفاً لاذاعة الجيش الاسرائيلي: «بالنسبة الى (الرئيس بشار) الاسد، هناك مصلحة عليا في أن يتسبب هؤلاء المحتجون في إطلاق النار وصرف الأنظار عنه الى اتجاهات أخرى». وعكست عناوين الصحف العبرية أمس ارتياحاً إسرائيلياً رسمياً وشعبياً ل «نجاح» الجيش الإسرائيلي في منع عبور لاجئين فلسطينيين من سورية إلى الجولان المحتل في ذكرى النكسة العربية أول من أمس، من دون أن تبدي أي أسف على قتل 23 متظاهراً. وتبّنت وسائل الإعلام العبرية رواية الجيش الإسرائيلي بأن القناصة صوّبوا رصاصهم الحي إلى أقدام المتظاهرين، من دون محاولة تفسير أسباب لقتلهم. وأبدى معلقون بارزون تفهمهم للجوء الجيش إلى الرصاص الحي بداعي أنه الوسيلة الوحيدة لمنع عبور الحدود. وأضافت التقارير الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي سيبقى متأهباً خلال الأيام القليلة المقبلة لاحتمال تجدد محاولات الفلسطينيين في سورية الاقتراب من الحدود، وسط قلق إسرائيلي من احتمال أن يتحول التدفق نحو الحدود في الجولان المحتل، وتحديداً من مدينة القنيطرة السورية المهدمة، موقع احتكاك دائم مع المتظاهرين على غرار التظاهرات السلمية التي تشهدها أسبوعياً قرية بلعين الفلسطينية في الضفة الغربيةالمحتلة احتجاجاً على إقامة الجدار العازل. وزار رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس منطقة الحدود في الجولان حيث التقى قائد المنطقة الشمالية البريغادير غادي أيزنكوت الذي أشرف ميدانياً على عمليات الجيش أول من أمس، وزارا معاً مواقع أحداث الأحد. وسارع الجيش إلى نشر نتائج «تحقيق عسكري داخلي» أجراه عن أحداث أول من أمس جاء فيها أن إطلاق القناصة الرصاص على المتظاهرين كان «محدوداً نسبياً»، وأنه في «واقع الأمر تم إطلاق عدد قليل من الرصاص الحي». وبحسب مصادر عسكرية، فإن مرافقة ضباط كبار للقناصة حال دون وقوع إصابات أكثر في صفوف المتظاهرين. وأضافوا أن عدداً من المصابين أصيب نتيجة انفجار في حقل ألغام قرب مدينة القنيطرة بعد أن أطلق متظاهرون زجاجات حارقة وأشعلوا النار في إطارات للسيارات في الحقل شرق الجولان. وقالت ناطقة باسم الجيش: «اعتقد ان هناك اسباباً وجيهة للإعتقاد (بأن الأرقام السورية) مبالغ بها، مات عدد كبير منهم كنتيجة لأعمالهم». وأعلنت الشرطة أنها تدرس إمكان منع المحتفلين اليهود ب «عيد العنصرة» غداً وبعد غد من دخول القرى الدرزية في الجولان المحتل للسياحة والتسوق لتفادي تعرضهم للرشق بالحجارة. وقال مراقبون إن الشرطة الإسرائيلية تلوّح بهذا السوط ضد أهالي القرى الدرزية للمس بمصدر رزقهم لمعاقبتهم على قيام عشرات الشبان في قرية مجدل شمس برشق الجيش الإسرائيلي بالحجارة رداً على إطلاقه الرصاص على المتظاهرين أول من أمس. وفسرت جهات عسكرية إسرائيلية ما حصل على الحدود في الجولان بأنه «إشارة إلى انهيار تدريجي لنظام الرئيس الأسد وتراجع سيطرته داخل دولته». وكررت اتهامها للنظام بإذكاء المشاعر وحض المتظاهرين على الوصول إلى الجولان، وذلك «لصرف الأنظار عن المذابح التي يرتكبها ضد شعبه يومياً». ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن أوساط قريبة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ان ما حصل على الحدود هو «محاولة فلسطينية مدعومة من جهات خارجية لإغراق إسرائيل باللاجئين عبر حدودها، وهكذا يتم نقل قضية اللاجئين إلى ملعب إسرائيل، وهو وضع لا يمكننا تحمله». وأضافت أن «إسرائيل ستدافع عن حدودها وتحافظ عليها شأنها في ذلك شأن الدول ذات السيادة كلها في العالم، ولن تسمح لأي كان باختراق هذه الحدود». وطبقاً لمصادر في مكتب نتانياهو، فإن أحداث يوم النكسة لم تأت لإحياء ذكرى مرور 44 عاماً على حرب عام 1967 إنما «من أجل إحياء ذكرى قيام دولة إسرائيل بهدف تقويض شرعية وجودها». ورأى المعلق العسكري في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان أن هضبة الجولان لم تعد الأكثر هدوءاً بالنسبة الى إسرائيل، وأن التقدير السائد لدى صناع القرار في الدولة العبرية هو إنه «ما دام الرئيس السوري يخوض حرباً من أجل الحفاظ على نظامه وبقائه في السلطة، فإن الجولان سيبقى في صدارة الأحداث». على صلة، لفتت المصادر السياسية إلى «هدوء الجبهتين اللبنانية والفلسطينية»، وقالت إن الحكومة اللبنانية استوعبت التهديد الإسرائيلي بأن الجيش الإسرائيلي سيرد بحزم على محاولة تكرار ما حصل في بلدة مارون الراس قبل ثلاثة أسابيع في ذكرى يوم النكبة، وأنها نجحت، «بتجاوب كامل من حزب الله»، في منع وصول متظاهرين إلى الحدود مع الدولة العبرية. وعزت المصادر «التجاوب اللبناني» إلى رغبة الحكومة اللبنانية في نجاح الموسم السياحي. أما عن التظاهرات القليلة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فعزتها المصادر الإسرائيلية إلى عدم رغبة السلطة الفلسطينية في التصعيد لتفادي انتكاس جهودها لنيل اعتراف أممي بفلسطين دولة مستقلة في أيلول (سبتمبر) المقبل. ولم يستبعد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان يكون النظام السوري وراء «أحداث الشغب» في الجولان، وقال للإذاعة العامة: «قد يكون السوريون هم الذين يشجعون (الاحتجاجات على الحدود)، ربما كانوا يعتقدون انها تحول الانتباه». ودعا الى ربط هذه الأحداث بما يحصل داخل سورية، مضيفاً: «سورية عضو في مجلس حقوق الإنسان وتطلق النيران على مواطنيها، ولا مفر أمامنا سوى ممارسة حقنا في حماية حدودنا ومنع التسلل إليها من خلال تقليص عدد الإصابات (في أوساط المتظاهرين)». وتابع: «ليس أمامنا خيار، علينا ان ندافع عن حدودنا».