سعى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إلى التخفيف من حدّة تصريحات أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون مساء الثلثاء، وهدد خلالها بضرب مواقع للنظام السوري إذا أثبتت «أدلّة دامغة» استخدامه أسلحة كيماوية في هجمات جديدة. وأوضح لو دريان أمس، أن باريس لن تضرب دمشق إلا إذا كانت الهجمات «مميتة» ونفذتها القوات النظامية. وحلّ الملف السوري على طاولة مناقشات مجلس الأمن في نيويورك أمس، حيث حذّر المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا من أن التطورات العسكرية التي شهدتها الساحة السورية أخيراً «تقوّض» الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للأزمة. ولفت دي ميستورا إلى أن التصعيد المتعدد الجوانب في سورية «لا يهدد اتفاقية تخفيف التوتر والاستقرار الإقليمي فحسب، بل يقوض الجهود لإيجاد حل سياسي»، داعياً الأطراف كافة إلى «التهدئة فوراً». كما أعرب عن قلق الأممالمتحدة من العملية العسكرية التركية ضد المقاتلين الأكراد في شمال غربي سورية، معتبراً أن «لا نهاية لها في الأفق». وفي ما خصّ تشكيل لجنة دستورية تنفيذاً لمقررات مؤتمر سوتشي، أكّد دي ميستورا أن مسار جنيف سيتولّى البحث في تفاصيل تشكيل هذه اللجنة التي ستبحث في صياغة دستور جديد لسورية، مشدداً على عزم الأممالمتحدة مواصلة العملية التفاوضية السورية تحت إشرافها. وكانت دمشق أعلنت في وقت سابق رفضها تولّى دي ميستورا الإشراف على هذه اللجنة. وقال مساعد وزير الخارجية السوري أيمن سوسان الثلثاء، إن دمشق «غير مُلزمة ب «أي لجنة ليست سورية تشكيلاً ورئاسة وأعضاء». وقال لودريان أمام المشرعين الفرنسيين تعليقاً على تهديد ماكرون، إن «الرئيس أكد أنه سيمضي قدماً في تنفيذ ضربات عسكرية ضد منشآت تابعة للنظام إذا استخدمت قوات (الرئيس السوري) بشار الأسد الأسلحة الكيماوية مجدداً، وإذا كانت الهجمات قاتلة وثبت أن النظام هو المسؤول عنها». في المقابل، نفى النظام السوري حيازته أسلحة كيماوية، واصفاً استخدامها بأنه «غير أخلاقي وغير مقبول». وقال نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد في مؤتمر صحافي أمس، إن النظام السوري لا يمتلك «أي أسلحة دمار شامل بما ذلك الأسلحة الكيماوية». وأضاف أن دمشق تخلصت من برنامجها الكيماوي بشكل كامل وسُلّم إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. في غضون ذلك، أعلنت الأممالمتحدة و «الهلال الأحمر العربي السوري» أن قافلة إغاثة تضمّ تسع شاحنات تنقل إمدادات صحية وغذائية ومساعدات أخرى، وصلت أمس إلى غوطة دمشقالشرقية المحاصرة والخاضعة لسيطرة المعارضة. والقافلة هي الأولى التي تدخل الغوطة الشرقية منذ 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حيث يعيش حوالى 400 ألف مدني تحت الحصار. وتأتي بعد شهور من مناشدة الأممالمتحدة النظام السوري إصدار الأوراق اللازمة لدخول قوافل الإغاثة ووقف النار. وتعرضت الغوطة منذ مطلع الأسبوع الماضي وعلى مدى خمسة أيام متواصلة إلى تصعيد في الغارات التي شنتها قوات النظام، ما أدى إلى مقتل 250 مدنياً وإصابة أكثر من 775 آخرين بجروح. أتى ذلك بعدما أكد نائب منسق الأممالمتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية لسورية راميش راجاسينجام، أن المنظمة الدولية تنتهج أعلى مستوى من الديبلوماسية للتوصل إلى وقف للنار في سورية، إذ بلغت الغوطة المحاصرة نقطة الانفجار، كما أن محافظة إدلب تواجه كارثة.