دخلت أمس قوات من الوحدات الخاصة بمكافحة الإرهاب ومن الحرس الجمهوري بقيادة نجل الرئيس اليمني العميد ركن أحمد علي عبد الله صالح على خط المواجهات الدامية في العاصمة اليمنية صنعاء، وتمكنت من استعادة مواقع كان مسلحون قبليون من اتباع الشيخ صادق الأحمر يحتلونها، في حين منع الجيش آلاف المقاتلين القبليين من دخول صنعاء لمناصرة شيخهم شبه المحاصر في حي الحصبة. وتدخل الجولة الثانية من القتال في العاصمة يومها الخامس اليوم بعد توقف كل محاولات الوساطة لوقف إطلاق النار بين الجانبين اللذين يستخدمان مختلف أنواع الأسلحة، ما ألحق دماراً كبيراً بالأحياء السكنية وأدى الى تهجير معظم سكانها بعد سقوط العديدين منهم بين قتيل وجريح. وقالت مصادر رسمية إن القوات الحكومية «عازمة على إخماد تمرد أولاد الأحمر وعصاباتهم المسلحة واستعادة المباني الحكومية بالكامل وتأمين المنطقة وإعادة أوضاعها الى ما كانت عليه». وأكد شهود ل «الحياة» أن عناصر وحدة الاقتحام الخاصة شاركت للمرة الأولى في المعارك أمس ونفذت عمليات نوعية لاستعادة بعض المؤسسات الحكومية التي كان أنصار الأحمر سيطروا عليها وبينها وزارة الإدارة المحلية ومؤسسة المياه ومبنى الحزب الحاكم، في حين تمكنت العناصر القبلية من صد هجمات القوات الحكومية على المواقع التي باتت تحت سيطرتها في حي الحصبة وتقدمت الى حي جولة سبأ بالقرب من مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع. وقال هؤلاء إن معارك ليل الأربعاء - الخميس كانت الأعنف وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين أغلبهم من أتباع الأحمر، في حين تحدثت مصادر طبية عن 16 قتيلاً على الأقل. واستمر سماع دوي الانفجارات الهائلة وأصوات قذائف الهاون والرشاشات الثقيلة طوال النهار وحتى حلول ساعات الليل الأولى أمس في منطقة الحصبة حيث أغلقت القوات الحكومية كل المنافذ المؤدية الى مواقع المعارك وفرضت إجراءات تفتيش دقيقة. وفي حين أكدت مصادر قبلية أن المئات من رجال قبائل حاشد تمكنوا من دخول صنعاء فجر أمس للمشاركة في القتال، أكدت مصادر أمنية ل «الحياة» أن قوات الجيش والأمن فرضت طوقاً على العاصمة ومنعت حشوداً قبلية من دخولها وشددت إجراءات تفتيش السيارات والمركبات. لكن مصادر أخرى تحدثت عن معركة عنيفة بين المسلحين والجيش في منطقة الأزرقين، وأشارت الى أن المسلحين تراجعوا وحاولوا دخول صنعاء من طريق ترابي في منطقة ضلاع همدان، إلا أن مسلحين قبليين موالين للرئيس منعوهم. وأوضحت مصادر ل «الحياة» أن الشيخ حسين الأحمر شقيق زعيم قبيلة حاشد يقوم بحشد المقاتلين في محافظة عمران وتسليحهم استعداداً لنقلهم الى صنعاء للمشاركة في القتال. وفي أبين، خاض مسلحو تنظيم «القاعدة» معارك عنيفة مع الجيش بعدما طوقوا مواقع اللواء 25 الميكانيكي شرق زنجبار. لكن مصادر أمنية ذكرت أن القوات الحكومية وجهت ضربة قاسية للمسلحين عندما دمرت ثلاث آليات بمن عليها. أما في تعز، فوقعت مواجهات بين قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري ومسلحين مجهولين يعتقد أنهم من رجال القبائل التي قتل أبناؤها في «ساحة الحرية» بعد اقتحامها قبل أربعة أيام. واستخدم الطرفان الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، لكن لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا. وكانت وكالة أنباء «سبأ» اليمنية الرسمية نقلت أمس عن مصدر في الحزب الحاكم إشارته الى «استعداد الجمهورية اليمنية لاستكمال توقيع المبادرة الخليجية التي وقعها حزب المؤتمر الشعبي العام في حينه وتأجل توقيعها من قبل رئيس الجمهورية نتيجة رفض أحزاب اللقاء المشترك حضور مراسم التوقيع في القصر الجمهوري»، مضيفاً أن «موعد التوقيع سيتحدد قريباً بناء على التشاور والتنسيق القائم بين الجمهورية اليمنية وأشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي». ويأتي هذا التصريح بعد يومين من زيارة قام بها نائب رئيس الوزراء رشاد العليمي إلى الرياض مبعوثاً من الرئيس صالح، بالتزامن مع زيارة مماثلة لوزير الخارجية أبو بكر القربي إلى أبو ظبي. وكان أعلن في واشنطن أمس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أوفد مستشاره لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان إلى السعودية والإمارات للبحث في الوضع اليمني. وقال البيت الأبيض: «ندين بشدة الاشتباكات التي وقعت في صنعاء أخيراً والاستخدام المؤسف للعنف من جانب الحكومة ضد المحتجين المسالمين في تعز»، مضيفاً أن «هذه الأحداث المأسوية تؤكد ضرورة أن يقوم الرئيس صالح بالتوقيع على المبادرة التي طرحها مجلس التعاون الخليجي وأن يبدأ فوراً في إجراءات نقل السلطة». وحض البيت الأبيض مجلس التعاون على الاستمرار في محاولاته لإيجاد سبيل لنقل السلطة في اليمن، مشيراً إلى أن «هذا هو السبيل الأمثل لتجنب إراقة الدماء ولتمكين الشعب اليمني من تحقيق مطالبه بالسلام والإصلاح والرخاء».