شهدت الساعات الأخيرة قبل صدور البيان الختامي لمؤتمر سورية للتغيير نقاشاً حاداً واحتجاجات من بعض المشاركين كادت تؤجل جدول أعماله وانتخاب اللجان التنفيذية والرقابية، وذلك بسبب اختلاف الطروحات السياسية للبيان الختامي التي أراد لها البعض أن تركز على عملية الاحتجاجات فقط بينما ذهب البعض الى ضرورة التحضير والاستعداد الآن لمرحلة انتقالية في حال سقوط النظام بينما رأى آخرون أن على البيان الختامي أن يذهب أبعد من خلال توضيح رؤية واضحة لطموحات المجتمعين تتجاوز المرحلة الانتقالية المفترضة الى شكل الدولة الجديد، وهنا طرأ الخلاف على تعريف الدولة وهويتها بين العلمانية والمدنية، وصياغة العبارة التي تشير الى الوجود الكردي في تلك الدولة المأمولة. كما وقع الاختلاف على فكرة المحاصصة في انتخاب اللجنة الرقابية المرشحة لتكون بذرة برلمان سوري في المهجر لاحقاً، إذ اعترض بعض الحضور على تخصيص 3 مقاعد للعشائر ومثلها للإخوان المسلمين ومثلها للأكراد وبقاء بقية المقاعد للمستقلين، على اعتبار أن هذا الأمر قد يعيد الى الأذهان التجربة العراقية. لكن البقية أصروا على إبقاء هذه الصيغة من أجل إشراك العشائر تحديداً الذين لا خبرة سابقة لهم في عملية الاقتراح وتشكيل القوائم. فيما أشار عدد من الحضور الى الوجود اللافت لمجموعة من المستقلين التي قد تكون أقرب الى الإخوان المسلمين من خلال توجهها المحافظ والمتدين. وفي هذا الإطار تم الإعلان عن تشكيل الائتلاف العلماني السوري بقيادة الدكتور هاشم سلطان. كما طالب الشباب بتخصيص حصة لهم في اللجنة الرقابية أيضاً على اعتبار أن الشباب عماد الحركات الاحتجاجية على الأرض. وقال الحقوقي محمد علي العبدالله إن الخلاف على صيغة البيان الختامي والرؤى حول مستقبل المؤتمر «يعتبر أمراً صحياً» وأن المهم هو الخروج بتوافق يدعمه الجميع من أجل التوجه لاحقا الى المجتمع الدولي وتقديم مشروع سياسي بديل عن النظام السوري ومن أجل تفنيد القول بأن سقوط نظام بشار الأسد سيؤدي الى فوضى واضطرابات أو حرب أهلية، وجاء ذلك متوافقاً مع تصريح أدلى به وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو لوسائل الإعلام المحلية محاولاً تبرير استضافة تركيا لمؤتمر المعارضة، حيث قال إن الفوضى في سورية تؤثر سلباً في استقرار وأمن تركيا وخصوصاً مناطق جنوب شرقي البلاد، وأن على تركيا أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات مهما كانت. في هذه الأثناء قام عدد من الديبلوماسيين الأوروبيين المقيمين في تركيا بزيارة المؤتمر من دون دعوة بدافع الفضول للتعرف الى الحضور وأفكارهم وآرائهم. وكان من بين الزائرين أيضاً أكاديمي تركي مقرب من وزير الخارجية التركي. بينما بدا الترقب على المسؤولين القائمين على المؤتمر في انتظار رد فعل الشارع السوري على مشروعهم ورد فعل المجتمع الدولي لاحقاً. وقال باسل حفار وهو أحد الناشطين المشاركين إن تفهم الشارع السوري ودعمه لهذا المؤتمر وبيانه السياسي أمر غاية في الأهمية وهو ما قد يتضح خلال الأيام القليلة المقبلة من خلال التظاهرات المستمرة على الأرض. في المقابل تظاهر المئات من السوريين المؤيدين للرئيس بشار الأسد مجدداً بالقرب من الفندق الذي يحتضن مؤتمر المعارضة، وحال الأمن التركي من وصولهم الى الفندق وسمح لهم بالتظاهر على رغم عدم حصولهم على تراخيص رسمية لكنه دفع مجموعة منهم للرحيل الى سورية، وانتقد المتظاهرون الذين فاق عددهم عدد المعارضين المشاركين في مؤتمر التغيير، استضافة تركيا للمؤتمر ورددوا شعارات مؤيدة للرئيس بشار الأسد. وكانت جلسة الصباح بدأت بتلاوة رئيس الجلسة اقتراحاً بتضمين البيان الختامي فقرة تنص على ان تكون سورية «دولة حرة ديموقراطية مزودة بدستور يفصل الدين عن الدولة»، لكن اعترض مشارك آخر على هذه الفقرة معلناً رفضه الاشارة الى «فصل الدين عن الدولة». ثم قال مشاركون من الاخوان المسلمين السوريين أنهم يرفضون هذه الفقرة تماماً، في حين قال الاكراد ومعارضون قوميون ويساريون أنهم يؤيدون مبدأ العلمانية وفصل الدين عن الدولة ويريدون التأكيد عليها في البيان الختامي بسبب أهميتها في بلد متعدد الديانات والأعراق مثل سورية، كما يريدون تأكيد العمل على تطبيق الشرعة العالمية لحقوق الانسان. ومع استمرار الخلاف تداعى عدد من المشاركين في المؤتمر من المنتمين الى التيار العلماني الى عقد مؤتمر صحافي خلال استراحة بين جلستين من جلسات المؤتمر اعلنوا خلاله ولادة «ائتلاف القوى العلمانية السورية» الذي يصر على فصل الدين عن الدولة في الدستور السوري الجديد. وعقد هاشم سلطان الطبيب السوري المقيم في الولاياتالمتحدة مؤتمراً صحافياً مقتضباً في ردهة الفندق الذي يعقد فيه «المؤتمر السوري للتغيير» اعلن فيه ولادة «ائتلاف القوى العلمانية السورية» المعارضة للنظام السوري. وعدد سلطان ثلاث نقاط اساسية يستند اليها هذا الائتلاف وهي «الفصل الكامل للدين عن الدولة، وجعل الدستور المرجعية الاعلى للحكم واعتماد الميثاق العالمي لحقوق الانسان، والتشديد على ديموقراطية نظام الحكم على اساس المحاسبة والمراقبة». وأوضح سلطان الذي يترأس حزب «الانفتاح السوري» المعارض ان «الائتلاف يضم ثمانية احزاب عربية وكردية علمانية واتفقنا على اهمية الثنائية بين الديموقراطية والعلمانية كأساس للحكم في منطقة متعددة الطوائف والمذاهب». واعتبر ان العلمانية هي التي تؤمن «المساواة الفعلية بين الجميع والمواطنة الحقيقية». فيما قال صلاح بدر الدين الذي يحضر المؤتمر بصفته ممثلاً عن «المكون الكردي في المؤتمر» ل «فرانس براس» انه «يدعم فصل الدين عن الدولة خصوصاً في بلد يضم هذا العدد من الطوائف والمذاهب». وبمعزل عن النقطة الخلافية حول فصل الدين عن الدولة، ناقش المؤتمرون توصيات عملية فتلا احد المشاركين ما توصلت اليه لجنة الاغاثة في المؤتمر وهي «انشاء صندوق الاغاثة السوري وتمويله من سوريين مقيمين في الخارج على الا يتم قبول معونات حكومية غربية». وامام عودة المشاركين الى اطلاق هتافات حماسية تقاطع الكلمات، قال عبد الكريم عيد رئيس المجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر ان المؤتمر تلقى رسائل الكترونية تدعو «الى وقفها لانها تذكر بهتافات انصار النظام امام الرئيس بشار الاسد» فتوقفت تقريباً الهتافات. كما قدم اقتراح بإصدار بيان «موجه الى ابناء الطائفة العلوية يساهم باعداده المشاركون من هذه الطائفة لإزالة مخاوف ابنائها ولأن المعارضين لن يمسوا بريئاً من هذه الطائفة الكريمة لدى تغيير النظام». لكن عندها طالب احد زعماء العشائر ب «التخفيف من الحديث عن الطائفية والمذهبية»، مضيفاً «نحن كلنا سوريون من القامشلي الى حوران».