بدأ أكثر من 300 ناشط ومعارض سوري اجتماعاً هو الأكبر من حيث عدد الحضور واختلاف مشارب المشاركين. وقال القائمون على المؤتمر إنه جاء نتاج الأحداث الواقعة على ارض سورية، موضحين انه يهدف إلى تشكيل لجان مختلفة تعمل على دعم الحركات الاحتجاجية والتعامل مع العالم الخارجي لتوضيح أهداف الحركة الاحتجاجية وما تواجهه من قبل الأمن السوري. وتجاهل الاجتماع العفو الرئاسي الذي اعلنه الرئيس السوري عن السجناء السياسيين، ودعا غالبية الذين تحدثوا إلى العمل ل «إسقاط النظام». وحده رئيس وفد الإخوان المسلمين ملهم الدروبي أشار إلى العفو الرئاسي في كلمته، إلا انه دعا الحاضرين إلى «عدم الالتفات إليه». وقال في كلمته «ننظر إلى المرسوم 61 الذي اصدره (الرئيس السوري) بشار... بعين الريبة إذ جاء متأخراً وغير كاف وأتساءل من يحتاج للعفو حقيقة أبناء سورية الأحرار أم من قام بقتلهم؟». وأضاف الدروبي، الذي كلفته جماعة الإخوان تمثيلها في هذا المؤتمر «لا تلتفتوا إليه (المرسوم الرئاسي) ولنعمل جاهدين لتحقيق هدفنا الذي جئنا من اجله». وفي تصريح إلى وكالة «فرانس برس» قال الدروبي إن «مرسوم العفو الذي صدر في هذا التوقيت هدفه التشويش على مؤتمر أنطاليا وقد يكون الأسد ظن أن هذا القرار يمكن أن يمثل رشوة للإخوان أو غيرهم». وعن إمكانية الحوار مع النظام، قال الدروبي «قبل أي حوار على الرئيس السوري أن يفرج عن جميع المعتقلين وأن يعيد الشبيحة والأمن والجيش إلى ثكناتهم وأن يسمح بالتظاهرات السلمية وأن يعتذر من ذوي الشهداء، فإذا قبلوا اعتذاره ننظر في مسالة المشاركة في طاولة مستديرة». ونفى عمار القربي رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية نية أي من الحضور احتكار عمل المعارضة أو تمثيل الشعب السوري، مؤكداً أن المؤتمر يدعم بقية المبادرات التي تقدم بها نشطاء سوريون أمثال برهان غليون وغيرهم. وأشار الناشط السوري إلى أن ما سينتج من هذا المؤتمر سيدفع بالعديد من الشخصيات السورية التي تعذرت عن الحضور أو ترددت فيه، للانضمام إلى لجانه أو تأييدها لاحقاً. ولفت الانتباه إلى عدم وجود لجنة معينة تنظم المؤتمر الذي طغى عليه الجهد الجماعي الذي تسبب أحياناً في إرباك تنظيمي بسبب كثرة عدد المشاركين ومساهمة أغلبهم في تنظيمه وتشكيل ما سينتج منه. ونفى عبدالباسط حمو المسؤول في «حزب يكتي» الكردي السوري وجود مقاطعة كردية للمؤتمر، مشيراً إلى أن الأكراد يدعمون كل ما في مصلحة الديموقراطية في سورية. ولم يخل المؤتمر من مشاركين ولو على مستوى فردي من الإخوان المسلمين وإعلان دمشق في الخارج. لكن هؤلاء الحضور فضلوا القول إن «مشاركاتهم فردية»، في إشارة إلى استمرار تردد العديد من الجهات في تحديد موقفها من المؤتمر. وأكد عدد كبير من المشاركين أن هذا التردد سيزول بعد صدور البيان الختامي وتشكيل اللجان الرسمية. وشارك نحو سبعة أشخاص من الداخل لكنهم تحفظوا على نشر أسمائهم بالإضافة إلى مشاركة كردية قوية وحضور لتركمان سورية أيضاً. ووفق رواية مشاركين فأن فكرة المؤتمر بدأ تداولها بين أكثر من ناشط ومعارض قبل شهر تقريباً. وكانت الأولوية لعقده في القاهرة التي رحبت به لكنها تأخرت في إعطاء الإذن الرسمي وتأمين الحماية له لتذهب أنظار أصحاب الفكرة التي مولها رجال أعمال سوريين على حد قولهم إلى تركيا ومدينة أنطاليا تحديداً لأسباب أمنية. وقد وافقت أنقرة على تأمين الحماية للمشاركين خشية تعرضهم لأي اعتداء من قبل الحكومة السورية أو اتباعها. وغير بعيد عن الفندق الذي يحتضن المؤتمر وصلت مجموعة مكونة من 50 شخصاً نصفهم موالون للرئيس بشار الأسد إلى مطار أنطاليا حاملين صور الرئيس وبدأوا بالهتاف له. وصادف وجودهم عدداً من النشطاء والمعارضين الذين جاؤوا معهم على نفس الطائرة من إسطنبول، فنشب احتكاك بينهم انتهى بفض الأمن التركي له. وأكد الموالون للرئيس الأسد أنهم جاؤوا إلى أنطاليا حاملين رسالة إلى الشعب التركي تطلب منه طرد من وصفوهم ب «الخونة والعملاء». وقال أحدهم لوسائل الإعلام إنهم أيضاً سيستفيدون من الحرية والديموقراطية التركية من أجل التظاهر لمصلحة النظام والرئيس الأسد والاحتجاج على استضافة تركيا مؤتمر المعارضين، ما دعا الأمن التركي لتشديد تدابير الحماية على الفندق الذي يجرى فيه المؤتمر. ورغم هذه التدابير الأمنية تجمع نحو مئة متظاهر نصفهم من الموالين للرئيس الأسد والنصف الآخر مواطنون أتراك من محافظة هاطاي في لواء الإسكندرون وتظاهروا ضد عقد المؤتمر واستضافة تركيا له. وهي مظاهرة ذات دلالات مهمة سياسياً، إذ بدا أن عناصر داخل الاستخبارات السورية أرادت من خلال إشراك مواطنين عرب أتراك من لواء الإسكندرون التلويح باستخدام ملف الإسكندرون مجدداً. ويبلغ عدد السكان العرب في لواء الإسكندرون نحو مليون ونصف المليون، وهو أمر قد يزيد من التوتر الحاصل بين البلدين بعد استضافة تركيا لقسم من المعارضة السورية على أرضها. وفي يومه الأول وقف جميع الحضور دقيقة حداد على أرواح من سقطوا في الاحتجاجات الأخيرة وعزف النشيد الوطني السوري. وتوالت الكلمات من الحضور التي انتقدت موقف الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي «الصامت إزاء ما يحدث في سورية. وتخلل الجلسة الافتتاحية توتر بسيط عندما طالب أحد وجهاء العشائر المشاركة الوقوف صمتاً حداداً على من سقط من أفراد عشيرته وعدد أسماءهم فيما اعترض منتسب إلى عشيرة أخرى على هذا الاقتراح مما تسبب في نشوب شجار محدود انتهى بخروج أحدهما خارج القاعة، وهو ما اعتبره المشاركون «أمراً طبيعياً» على اعتبار أنها المرة الأولى التي يمارس فيها هؤلاء حقهم في الحرية والتعبير. وبدأت ورش العمل بحث سبل انتخاب اربع لجان مبدئياً الأولى للاتصال والتواصل مع الجهات الرسمية والإعلام. والثانية مالية لجمع المساعدات لضحايا الاحتجاجات ممن طردوا من عملهم. والثالثة للرعاية الطبية للمصابين. والرابعة للرعاية التعليمية وتأمين منح دراسية في الخارج للطلاب الذين طردوا من جامعاتهم في سورية. ومن المفترض انتخاب اللجان وصياغة البيان الختامي اليوم. وقال عبد الرزاق عيد رئيس المجلس الوطني لإعلان دمشق في المهجر في تصريحات نقلتها «فرانس برس» إن هذا المؤتمر هو «إحدى المحطات التاريخية في معركة الشعب السوري من اجل تحقيق استقلاله الثاني الحقيقي». وأضاف أن «النظام لا يقدم أي تدابير ثقة رغم كل ما يدعيه عن الحوار ولا حوار معه إلا بعد توقف المذابح». وأكد أن «الشعب يريد إسقاط النظام». وشدد عيد من جهة ثانية على أن هذا المؤتمر «لن يكون اكثر من صدى لصوت الثورة في الداخل المعلنة على كل التراب الوطني». وجرى المؤتمر وسط أجواء حماسية حيث كانت كلمات الخطباء تقاطع دائماً بهتافات من قبل الحضور مثل «واحد واحد واحد الشعب السوري واحد» و»الشعب يريد إسقاط النظام» و»يا بشار ما منحبك ارحل عنا انت وحزبك» و»إسلام ومسيحيي كلنا بدنا حرية». كما توزعت في قاعة المؤتمر صور عملاقة لقتلى سقطوا في مدن سورية عدة خصوصاً في درعا، وجثثهم ملطخة بالدماء. وألقى رجل الأعمال غسان عبود صاحب قناة «أورينت» كلمة ترحيبية اعلن فيها أن «قرارنا أن ننبذ كل الخلافات لأننا نريد الوصول إلى وطن كريم». وأكد الشيخ محمد مراد الخزنوي ابن العلامة الكردي محمد معشوق الخزنوي أن «ما نطمح إلى تحقيقه مطلب شرعي ومساندتكم للثورة أمر شرعي لكن هذا لا يعني أننا نبغي إقامة إمارة إسلامية». وأضاف وسط تصفيق الحضور وفق ما نقلت «فرانس برس»: «ندعو إلى دولة القانون ودولة ديموقراطية ليبرالية علمانية على أساس فصل الدين عن الدولة وليس معاداة الدولة للدين». أما فراس الغنام (19 سنة) الناطق باسم ائتلاف صفحات الثورة السورية ضد نظام الأسد على الفايسبوك، فقال «لسنا أبطال المعارك. أبطال المعركة في الداخل ... ولا نتبع لأي جهة ولا لأي جماعة ولا لأي حزب».