شنّت طائرات حربية تابعة للنظام السوري أمس، مسلسل غارات جديداً على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، في تصعيد لليوم الخامس على التوالي أدى إلى مقتل أكثر من 230 مدنياً. ووثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل ستة مدنيين أمس، من بينهم طفلان، وإصابة 50 آخرين بجروح جراء قصف قوات النظام. وبعد ساعات هدوء قليلة، استأنفت الطائرات الحربية السورية قصفها، بعدما شهدت الشوارع حركة خفيفة صباحاً، إذ استغل بعض السكان الهدوء لإزالة الأنقاض من أمام منازلهم ولشراء الحاجيات قبل الاختباء مجدداً بسبب القصف. وعند منتصف اليوم، بدأت مآذن المساجد في مدينة دوما التي ألغت صلاة الجمعة خشية القصف، ببث تحذيرات للسكان تفيد بأن «طيران الاستطلاع في السماء، الرجاء إخلاء الطرقات»، وما هو إلا وقت قصير حتى بدأت الغارات. وقتل مدنيون من بينهم طفلان في غارات على مدينة دوما، إضافة إلى سقوط قتيلين في عربين. واستهدفت عشرات الغارات إضافة إلى القصف المدفعي ست مدن وبلدات على الأقل في الغوطة الشرقية. وأفادت وكالة «فرانس برس» بوقوع دمار كبير في دوما حيث استهدفت غارة مقر المجلس المحلي، ما أدى إلى اندلاع حريق في طبقاته العلوية، فيما عمل عناصر «الدفاع المدني» على إخماد الحرائق وقام متطوعون من «الهلال الأحمر» بإخلاء الجرحى. وفي ظل حصار محكم على الغوطة منذ 2013، ومع ارتفاع أعداد الضحايا، يناضل الأطباء لإتمام مهماتهم جراء النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية. وبعد يوم دام أول من أمس قتل فيه 75 مدنياً، قال الطبيب حمزة في مستشفى عربين ل «فرانس برس» «منذ 2011 لم تشهد الغوطة الشرقية قصفاً بالحجم الذي عرفته في الساعات ال96 الأخيرة». ويعيش في الغوطة الشرقية نحو 400 ألف شخص لم يتسلّموا أي مساعدات إنسانية منذ أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وفق الأممالمتحدة. وأفادت منظمة «سايف ذي شيلدرن» (أنقذوا الأطفال) في بيان، بأن آلاف السكان انتقلوا إلى الملاجئ والأقبية. وقالت المسؤولة في المنظمة سونيا خوش إن «الحصار يعني أنه لا مكان للفرار». وحذر مدير منظمة «كير» العالمية فاوتر سكاب من أنه «إذا استمرت الغارات الجوية والتفجيرات والاشتباكات وتصاعدت، فسنكون مثل فرق الإطفاء التي تحاول إخماد النيران في مكان ما، بنما تندلع حرائق في أماكن أخرى». وجددت المنظمة دعمها لدعوة وكالات الأممالمتحدة العاملة في سورية بإرساء هدنة إنسانية لمدة شهر تتيح إدخال المساعدات وإجلاء الحالات الطبية، وخصوصاً في الغوطة الشرقية. ورأى الباحث في «المعهد الأميركي للأمن» نيك هاريس، في حديث ل «فرانس برس» أن «استراتيجية الحصار على الغوطة هي في أساسها استراتيجية العقاب الجماعي، ما يعني أن جميع السكان لاتخاذهم خيار دعم الفصائل في مواجهة النظام السوري. ويعمل النظام السوري، وفق هاريس، في ظل الضغوط المتصاعدة لإيصال مساعدات للغوطة، على «ضمان انهيار المعارضة في الغوطة وتحويل الأمر حقيقة على الأرض لا يمكن أحداً عكسها». تزامناً، شهد حوض اليرموك في الريف الغربي لمحافظة درعا، على الحدود مع الجولان المحتل، خلال الساعات الماضية، قتالاً عنيفاً بين «جيش خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم «داعش» والذي يسيطر على غالبية مساحة المنطقة من جهة، وفصائل المعارضة السورية إلى تحاول التقدم من جهة أخرى. وقتل 23 مسلحاً من «جيش خالد» في مقابل مقتل 14 مقاتلاً من المعارضة، فيما قتل 4 مدنيين جراء المعارك العنيفة. إلى ذلك، رصد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحليق طائرات إسرائيلية في المنطقة التي تشهد اشتباكات أمس.