يبدو أن العشيق هذه المرة لن يجد معشوقته التي طالما انتظر لقاءها عند عتبة كل صيف حارق، تستقبله بالقبلات والأحضان، وتودعه بالحب وجميل الذكريات. عشاق القاهرةودمشق أمام الخيار الأصعب هذا العام، فالقاهرة التي اعتادوا أن تستقبلهم ب«الأحضان»، لم تعد المدينة ذاتها، وهي تعيش مخاضاً سياسياً وأمنياً، بعد نجاح ثورة 25 يناير. وحتى إن جازف بعض العشاق بالذهاب إلى قاهرة الثورة، فإن عشاق دمشق لن يجازفوا، فالأوضاع في العاصمة السورية مشتعلة، ولا مكان للسواح بين الدبابات والمظاهرات والدم المسفوك في الشوارع. وليد القحطاني من سكان جدة، من عشاق السفر إلى القاهرة، يتردد كثيراً في الإجابة عن وجهته الجديدة، خصوصاً بعد قراره عدم السفر إلى القاهرة، يقول: «لم أحدد بعد أين سأذهب وأقضي إجازتي السنوية، لكنني لن أقضي وقتاً كبيراً في التفكير، سأشاور أسرتي بعد أن نضع أمامنا كل الدول والعواصم العربية التي يمكن لنا أن نسافر إليها خلال عطلة الصيف»، مؤكداً في الوقت ذاته أن الخيارات المتاحة أمامه وأمام أسرته كثيرة. ولا يخفي القحطاني شوقه للقاهرة والمكوث فيها طوال فترة الإجازة، لكن الظروف الحالية لا تسمح أبداً بذلك، فهو يفضل الذهاب إلى مكان يعرفه جيداً، «عندما تذهب إلى مكان تعرف مداخله ومخارجه ومزاراته والأماكن الجميلة فيه أفضل 100 مرةً من أن تذهب إلى مكان مجهول تزوره لأول مرة»، مشيراً إلى أن هذا الأمر يكلف السائح كثيراً من الوقت والجهد. وستغامر المعلمة أم أحمد بالسفر إلى سورية، وإلى حلب الشهباء تحديداً «سأضطر إلى السفر إلى سورية رغم الأوضاع السيئة فيها، بسبب وجود عدد من أصدقائي الذين تعرفت عليهم خلال سفراتي السابقة هناك». وتضيف: «مضى علي قرابة ثمانية أعوام وأنا أشد الرحال إلى حلب، تلك المدينة الساحرة، ومن خلال ذهابي إليها تعرفت على كثير من العائلات هناك، والتي رحبت بي، واستطعت أن أكون علاقات معها على مستوى فريد جداً، وصراحة لا أستطيع أن أختار مكاناً سواها». وتمنت أم أحمد أن تنتهي الأزمة في سورية قبل انقضاء إجازة الصيف، مشيرةً إلى أن صديقاتها في سورية يخبرنها أن الأمور هادئة في بعض المدن، ولا تحتاج إلى كل هذا الرعب والخوف الشديد، وأنهنّ طلبن منها المجيء على مسؤوليتهن الشخصية. وفي الوقت الذي اختارت فيه عائلات سعودية كثيرة، السفر إلى دول المغرب وتركيا كحل بديل وموقت، كونهما أقرب وأنجع الأماكن السياحية التي يمكن لهم الذهاب إليها، فضلت عائلات أخرى البقاء في جدة دون السفر إلى الخارج، معللات ذلك بأن وقت العطلة الصيفية قصير أصلاً ولا يسمح بالتمتع الكافي بتلك الإجازة. وأكد الموظف في قطاع البنوك فهد العتيبي أنه لا ينوي السفر وأسرته خلال هذا العام كونه يعتقد أن الإجازة الصيفية لهذا العام لا تكفي للأمر الذي يقرر السفر معه، فضلاً عن توافقها مع شهر رمضان المبارك، الذي يفضل كغيره من السعوديين قضاءه بجوار أسرته في جدة. واعترف بأنه تعود على القاهرة كخيار وحيد ومهم في قضاء كل عطلاته كانت رسمية أو غير ذلك، فضلاً عن معرفته مسبقاً بالأسعار التي يتوجب عليه دفعها من سكن وإقامة وتنقلات وخلافه دون أن يكون معها حبيساً للأقدار. وأوضح أن كثيراً من أصدقائه يرون أن الإجازة الصيفية لهذا العام ستتوافق فعلياً مع دخول شهر رمضان المبارك، ولن يفصل بينهما إلا أسبوعان أو ثلاثة هي ما تبقى من شهر شعبان، وهذا ما لا يتيح للسائحين وعشاق السفر أن يرتحلوا إلى أماكن بعيدة عن محيط أسرهم وعائلاتهم التي تفضل قضاء شهر رمضان في السعودية لامتلاكه خصوصية تختلف عن أي شهر آخر من الشهور.