وكأن المناخ والسياسة ضربا موعداً أو اتفقا مسبقاً على «التقلب» هذا العام. خريطة السياحة العربية تغيرت كما هي حال الخريطة السياسية، فثورتا تونس ومصر اللتان نجحتا في فرض تغيير، والثورة السورية التي لا تزال تعيش مخاضاً عسيراً، غيرت مؤشرات السفر ووجهات السياحة. في القاهرة تمنع شائعات ضعف الأمن وعصابات الليل الحنين إلى شوارعها، ودمشق والمدن السورية التي يتسابق الرصاص في أحيائها وبين بيوتها، وترفل الدبابات على أسفلتها لا تنتظر سائحاً، وتونس التي تشلها المظاهرات والاحتجاجات، ويأخذ فيها الأمان ركناً قصياً، كنتيجة طبيعية لفترة اختلال توازن الدول بعد الثورة في مرحلة البحث عن الاستقرار. عشاق القاهرة ودمشق الذين اعتادوا على خيار واحد لن يتمكنوا في صيف ملتهب الحرارة والأحداث من لقاء معشوقتهم، إذ لا قيمة للسياحة في بلد ربما تفقد حياتك أو مالك فيه. دبي ستبقى الأولى بين الخيارات، في حين تحافظ بيروت على مدمنيها على رغم أنها تعيش فترة قلق داخلي، لكن تركيا ستدخل في قائمة الأكثر شعبية، كخيار أفضل، تليها أوروبا التي تعوق «تشنغن» سهولة السفر إليها. ليس السعوديون فقط من عليهم أن يغيروا ما اعتادوه، فالمقيمون في السعودية، خصوصاً أولئك الذين تعيش دولهم مخاضات سياسية بنكهة الدم، يعيشون مرارة المراقبة من بعيد، وهو ما يفقدهم طعم الإجازة التي اعتادوا على قضائها بين أهليهم.