واشنطن، نيويورك، جنيف - أ ف ب، رويترز - انتقدت منظمة المؤتمر الإسلامي تقديم الاتحاد الأوروبي مشروع قرار الى مجلس الامن بإدانةِ سورية، وطالبت بحذف هذا الجزء من المشروع، فيما حضت المفوضية العليا لحقوق الانسان في الأممالمتحدة السلطات السورية على السماح لبعثة تابعة لها بكشف حقيقة المزاعم حول جرائم ارتكبتها القوات التابعة للنظام. في غضون ذلك، قال خبراء إن الجيش السوري يبرهن منذ بدء حركة الاحتجاج على ولاء لا يتزعزع للرئيس بشار الاسد، لكن من غير المستبعد ان يتخلى عن النظام في نهاية المطاف. ووزعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال الاسبوع الماضي مسوّدة قرار الى مجلس الامن، المؤلف من 15 عضواً، يدين سورية بسبب قمعها الدامي للمحتجين، فيما أبدت روسيا والصين، اللتان تملكان حق النقض، بالإضافة الى اربع دول اخرى من غير الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، قلقها بشأن هذه الفقرة. ووجه افق جوكجين، ممثل منظمة المؤتمر الاسلامي في الاممالمتحدة، رسالة الى جيرار ارود، سفير فرنسا لدى الاممالمتحدة، بشأن تلك المسوَّدة، التي تشير الى بيان صحافي اصدرته المنظمة في 22 أيار (مايو). وقال جوكجين في رسالته، إن الإشارة الى بيان منظمة المؤتمر الاسلامي، الذي اعرب عن»القلق العميق بشأن العنف المتصاعد في سورية»، وحضت «قوات الامن على ضبط النفس» مضلِّلة. وأضاف: «إن الاشارة التي جاءت خارج السياق في مسوَّدة القرار الى البيان الصحافي لمنظمة المؤتمر الاسلامي غير مثمرة، وتشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية لسورية، بالإضافة الى الحوار بين منظمة المؤتمر الاسلامي وأحد اعضائها البارزين». وطلب من السفير الفرنسي الذي يرأس مجلس الامن هذا الشهر، حذْف ذلك الجزء من مسوّدة القرار، لتفادي القيام بأي إشارة الى بيان منظمة المؤتمر الاسلامي في القرار المتعلق بسورية. وكان من شأن مسوَّدة القرار الأوروبي ان تجعل مجلس الامن يرحب بإبداء الدول الاسلامية قلقها. وقال ديبلوماسي غربي رفض نشر اسمه، ان «منظمة المؤتمر الاسلامي لا تريد بشكل واضح ان يكون لها اي صلة بهذا القرار». وسلطت شكوى منظمة المؤتمر الاسلامي الضوءَ على المعركة الصعبة التي تواجهها الدول الغربية، في الوقت الذي تناضل فيه لتوحيد مواقف مجلس الامن المنقسم على نفسه من اجل إدانة دمشق. وفرضت واشنطن والاتحاد الاوروبي بالفعل عقوبات ضد الرئيس بشار الاسد ومسؤولين سوريين آخرين. ولكن روسيا كانت اكثر تحفظاً في التنديد بالاسد، ولمح نائب وزير خارجيتها سيرجي ريابكوف، الى احتمال استخدام بلاده الفيتو، عندما قال ان مشروع القرار «في غير أوانه ومضرّ». وأضاف: «ليست هناك اسباب للبحث هذه القضية في مجلس الامن. اننا حتى لم نقرأ النص». ولا تدعو مسوّدة القرار الى فرض عقوبات او القيام بعمل عسكري ضد سورية، ولكنها تعتبر ان اعمالها قد تصل الى جرائم في حق الانسانية. وتدين المسوّدة ايضاً انتهاك حقوق الانسان والاعتقالات التعسفية وتعذيب المتظاهرين السلميين. وكانت المفوضية العليا لحقوق الانسان في الاممالمتحدة حضت الجمعة السلطات السورية على السماح لبعثة تابعة لها بكشف حقيقة المزاعم حول جرائم ارتكبتها القوات التابعة للنظام. وقال المتحدث باسم المفوضية روبرت كولفيل خلال مؤتمر صحافي: «لم نتلق حتى الآن رداً من دمشق على طلب رسمي بالدخول أرسلناه في السادس من أيار (مايو)». وأضاف: «هناك كثير من المعلومات المتناقضة» حول ما يحصل في البلاد، «ولهذا السبب نحض الحكومة على إعطاء الاذن بالدخول في اسرع وقت للسماح لنا بتوضيح هذه القضايا». وكان مجلس حقوق الانسان دان في قرار اصدره في 29 نيسان (ابريل) «استخدام العنف الدامي ضد المتظاهرين المسالمين من جانب السلطات السورية»، وفوض ارسال بعثة في اسرع وقت الى سورية مهمتها التحقيق حول انتهاكات حقوق الانسان. وأوضح كولفيل ان المفوضية العليا قررت ان ترسل هذه البعثة في 6 حزيران (يونيو)، مع اقراره بعدم «تسوية» مسألة الموعد. وقال: «لا نزال نبحث الامر مع البعثة السورية» في جنيف. من جهة اخرى، اكد المتحدث ان المفوضية لا تزال «قلقة للغاية حيال الوضع على الارض». وأضاف: «لا نزال نتلقى معلومات حول استخدام مفرط للقوة ضد المتظاهرين. لقد شاهدنا اشرطة فيديو تُظهر سقوط ضحايا وإطلاق نار في الشوارع»، لافتاً ايضاً الى اعتقال ناشطين وتعذيب معتقلين. وتابع: «هناك ايضاً مزاعم عن جرائم ارتكبتها مجموعات مسلحة ترعاها قوى خارجية او اشخاص يعملون لحساب النظام». ويتوقع ان يكون وضع حقوق الانسان في سورية وليبيا وساحل العاج مثار جدل حاد خلال الدورة السابعة عشرة لمجلس حقوق الانسان في جنيف التي تبدأ الإثنين، عند نشر تقارير حساسة عن هذه البلدان. في غضون ذلك، قال خبراء ان الجيش السوري يبرهن منذ بدء حركة الاحتجاج الشعبي على ولاء لا يتزعزع للرئيس، لكن من غير المستبعد ان يتخلى عن النظام في نهاية المطاف. ويرى محللون اميركيون، ان وفاء المؤسسة العسكرية مرده الى تفسير واحد، هو ان الذين يشغلون المناصب الاساسية ينتمون الى الطائفة العلوية. وقال اندرو تيريل، المدرس في معهد الكلية العسكرية الاميركية «يو اس آرمي وور»، إن «الجيش مبني ليكون موالياً للنظام». وأضاف ان القوات الخاصة في الفرقة الرابعة للجيش والحرس الجمهوري، المشاركَيْن في قمع التظاهرات، يقودهما شقيق الرئيس السوري ماهر الاسد. وتابع أن «الجيش يخضع ايضاً لمراقبة قوات الامن السورية» التي تقودها عائلة الاسد «والفعالة جداً جداً في ما تفعله». ولفت الى ان بعض عناصر الجيش قد تنضم الى المتظاهرين، لكن «مجموعة غير منظمة» من المتمردين يمكن ان تصطدم مع الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري. ويقول المنشق السوري عمار عبد الحميد، الذي يدير مؤسسة «ثورة» في واشنطن، ان «الجنرالات قد يبدأون بمراجعة حساباتهم وعلاقاتهم مع نظام الاسد» اذا اتخذت الولاياتالمتحدة موقفاً مباشراً مع المتظاهرين. وأضاف: «انها ثورة سورية ضد فساد عائلة الاسد، ونريد ان يلعب الجيش دوراً في العملية الانتقالية». اما عهد الهندي، من منظمة حقوق الانسان «سايبر ديسيدنت اورغ»، فتقول إن «الجيش يمكن ان يكون العنصر الاكثر رغبة في الانضمام الى الانتفاضة في النظام». وتتابع أن «الجنود يمكن ان يقوموا بعصيان ويجبروا قادتهم على الانقلاب على الاسد، لكن لإقناع الجيش بتغيير موقفه، يحتاج المنشقون الى مساعدة الاسرة الدولية»، التي عليها فرض عقوبات محددة الاهداف للتسبب في فرار عناصر وتعزيز الانقسامات بين الجيش وفرق النخبة التي يقودها ماهر الاسد.