جنيف، لندن، واشنطن، كراكاس، انقرة - أ ف ب، رويترز - تواصلت ردود الفعل الدولية في شأن الأحداث في سورية، وأعربت فرنسا وإيطاليا عن «القلق» ودعتا النظام الى «وقف القمع الوحشي ضد التظاهرات السلمية». وذكرت بريطانيا أنها تسعى مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي لتوجيه رسالة قوية الى دمشق، فيما ذكرت الأممالمتحدة أنها تدرس طلباً سورياً لإرسال بعثة لحقوق الإنسان. وصرح رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلوسكوني بعد اجتماعه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في روما أمس بأن فرنسا وإيطاليا «قلقتان» من الوضع في سورية وتدعوان النظام الى «وقف القمع الوحشي ضد التظاهرات السلمية». وقال ساركوزي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بيرلوسكوني أمس إن الوضع في سورية «أصبح غير مقبول (...) فاستخدام المدرعات لإطلاق النار على متظاهرين مسالمين وحشية غير مقبولة». وأضاف: «لا يمكن أن يكون هناك مكيالان». وتابع: «نقف الى جانب الشعوب العربية في تطلعاتها الى الحرية»، مؤكداً انه «خيار تاريخي». أما بيرلوسكوني فقال: «نحن قلقون جداً» من الوضع في سورية حيث سقط «عدد كبير من الضحايا». وأضاف: «نوجه نداء قوياً لوقف القمع العنيف وتطبيق الإصلاحات المعلنة في سورية». وتابع: «نطالب الطرفين المعنيين بالتصرف بتعقل»، و»نطالب السلطات السورية بأن تحقق قدراً من الإصلاحات اللازمة». وشارك في القمة رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون ووزراء الخارجية والداخلية والمال في البلدين وتخللها مناقشة موضوع الهجرة من دول المغرب الى كل من إيطاليا وفرنسا، وضرورة تطوير بعض بنود «اتفاقية شينغن»، كما تمت مناقشة الوضع الليبي والعمليات العسكرية لقوى التحالف إضافة الى أوضاع سورية. ورداً على سؤال حول ما إذا كان «التحالف» يريد التدخل في سورية على غرار ليبيا قال ساركوزي إن التدخل في ساحل العاج وكذلك في ليبيا جاء تنفيذاً لقرار صادر عن مجلس الأمن، وأكد أن فرنسا لن تتدخل في سورية من دون قرار مسبق من مجلس الأمن «ليس من السهل الحصول عليه»، وشدد على أنه «لا يمكن القيام بأي شيء من دون قرار من مجلس الأمن». وأضاف أن لدى فرنسا خبرة في هذا المجال كون وزير خارجيتها آلان جوبيه قام بعمل استثنائي لتعبئة الجهود بالنسبة الى القرار 1973 حول ليبيا الذي لم يكن من السهل التوصل إليه. وتابع ساركوزي أن هذا لا يقلل «من عزمي على القول بأن الوضع في سورية غير مقبول وأن هناك تغييراً تاريخياً في سياساتنا الخارجية. ففرنسا، وأيضاً إيطاليا، أصبحتا الآن الى جانب الشعوب العربية الديموقراطية والحرية، وهذا خيار تاريخي وتحول رئيسي». وختم بأن «هذا التحول نتحمل نتائجه في كل وضع» من دون أن يعني ذلك «إننا سنتدخل عسكرياً في كل مرة أو أن الأوضاع قابلة للتكرار». وكانت مساعدة الناطق باسم الخارجية الفرنسية كريستين فاج ذكرت أمس أن «فرنسا تطالب مجلس الأمن بتبني إجراءات قوية، كما في الاتحاد الأوروبي لوقف استخدام القوة ضد السكان». وأضافت إن «فرنسا تدين من جديد وبأكبر قدر من الحزم قمع السكان من قبل السلطات السورية الذي تمثل في الأيام الأخيرة باستخدام دبابات، خصوصاً في درعا» جنوب سورية. وزادت إن «المسؤولين عن هذه الجرائم يجب أن يحاسبوا على أفعالهم». لندن لتوجيه رسالة قوية الى ذلك، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الثلثاء أن بلاده تعمل مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي لتوجيه «رسالة قوية» الى النظام السوري لوقع القمع الدامي للمتظاهرين. وقال هيغ: «تعمل المملكة المتحدة بصورة مكثفة مع شركائها الدوليين لإقناع السلطات السورية بوقف العنف واحترام حقوق الإنسان». وأضاف في بيان: «نعمل في شكل خاص مع شركائنا في مجلس الأمن بهدف إرسال رسالة قوية الى السلطات السورية لإبلاغها بأن أنظار المجتمع الدولي متجهة نحو سورية، ومع شركائنا في الاتحاد الأوروبي وفي المنطقة في شأن اتخاذ تدابير إضافية». وقال ديبلوماسيون الاثنين إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال وزعت مشروع نص لإدانة دمشق في مجلس الأمن. من جهة ثانية، ضاعفت الدول الغربية جهودها لترشيح بلد آسيوي، كي تمنع سورية من أن تشغل مقعداً في مجلس حقوق الإنسان. وقد يصدر مشروع الإعلان لإدانة سورية الثلثاء إذا تم التوصل الى اتفاق داخل مجلس الأمن، وفق مصدر ديبلوماسي. وقال هيغ: «أدين بأشد العبارات أعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن السورية بحق المدنيين الذين يعبرون عن آرائهم خلال تظاهرات سلمية. ينبغي وقف هذا القمع العنيف. على الرئيس (بشار) الأسد أن يأمر أجهزته بضبط النفس والاستجابة للمطالب المشروعة للشعب بإجراء إصلاحات فورية وحقيقية، وليس بالقمع الوحشي». بعثة لحقوق الإنسان وفي جنيف قال روبرت كولفيل الناطق باسم رئيسة المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة نافي بيلاي إن المفوضية تلقت دعوة من السلطات السورية تقترح إرسال بعثة الى سورية. وقال كولفيل إنه لم يتقرر أي شيء بعد، موضحاً أن العرض السوري قدم الخميس الماضي عشية التظاهرات التي قمعت بعنف وقتل خلالها 82 شخصاً. وأضاف: «خلال لقاء مع المفوضة العليا الأسبوع الماضي، دعا السفير السوري المفوضية العليا الى إرسال بعثة الى سورية ببعض الشروط». وتابع: «ننتظر بفارغ الصبر أن نتمكن من زيارة (سورية) وتقويم الوضع على الأرض في شكل مستقل». وأضاف: «نفكر في الأمر»، لكنه أوضح إنه إذا قررت الأممالمتحدة إرسال بعثة فان «الشروط يجب أن تكون مقبولة». إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي الثلثاء، الرئيس السوري بشار الأسد، إلى التقدم على طريق الإصلاحات في بلاده. وقال مستشار لأردوغان فضّل عدم الكشف عن اسمه إن الزعيمين «تباحثا في اتصال هاتفي (...) وإن مواصلة الإصلاحات كانت على رأس المواضيع التي تمت مناقشتها». في غضون ذلك، وجه رئيس فنزويلا هوغو تشافيز الاثنين رسالة دعم لنظيره السوري بشار الأسد انتقد فيها «خبث» الأسرة الدولية التي تريد التدخل عسكرياً في سورية كما قال.