يشهد مسرح «الحرم الجامعي» في مونتريال، على مدى أسبوعين، عرضاً فكاهياً مميزاً بعنوان «كسكس كوميدي»، يقدمه الفكاهي الجزائري فارس مكيديش (الملقب فنياً ب «أنكل فوفي») مع فرقته المؤلفة من كوميديين وموسيقيين ومغنين، متعددي الثقافات واللغات والأعراق، بينهم كنديون وعرب وأفارقة من الجنسين. ولد فارس في الجزائر، ودرس علوم الصحافة والاتصالات والمسرح في فرنسا. في العام 2004 انتقل الى كيبك، وحاز الدبلوم في إدارة الأعمال، وكانت انطلاقته الفنية من ملاهي مونتريال حيث صنع شهرته، وأنشأ على أثرها فرقته «كسكس كوميدي». وإلى جانب موهبته الكوميدية، فإن فارس مغنٍّ، وعازف على الكمان، وهو يكتب ويقدم نصوصه بنفسه، لا سيما أنه يجيد الفرنسية والانكليزية والايطالية والصينية والكيبيكية، إلى جانب لهجات عربية متعددة، ويفرغ «السيناريو» دائماً في قالب هزلي نقدي وترفيهي في آن. يحرص فارس على أن يكون عرضه المسرحي متميزاً في الشكل والمضمون، فهو يبدل شكله وزيّه ولغته ولهجته وايماءاته، تبعاً لكل مشهد فكاهي. ويواكبه بمزيج من أغاني وموسيقى الراب الجزائرية، بل والألحان الأندلسية أحياناً، وكلها تتآلف مع منظومة متطورة من التقنيات الضوئية والبصرية والسمعية، ما يضفي على المسرح مسحة من أجواء ألف ليلة وليلة الساحرة والتي لا تتناقض مع الفكاهة. يستهل فارس استعراضه الكوميدي بتقديم نفسه طباخاً ماهراً، لا سيما لطبق «الكسكس» المغاربي الشهير، والذي يقدّم أيضاً على طاولات الحضور. ويشرع «أنكل فوفي» في تفنيد مكونات الطبق، مؤدياً تلذذه بطعمها، لينتهي إلى القول: «هكذا هو أنكل فوفي، في كسكس كوميدي، يتماهى مع الكسكس الجزائري بتنوعه ومذاقه، فهو مزيج من أعراق ولغات وفنون وثقافات وقيم متعددة ومتعايشة بعضها مع بعض». واستدراكاً، ربما، لخروجه عن سياق الفكاهة، يعود ويؤكد بأسلوب ساخر: «أنا إذاً نصف طالبان، ونصف لاتينو، ونصف عربي، ونصف ديسكوتك!»... وتضج القاعة بالتصفيق والضحك. تحظى «كسكس كوميدي» بإقبال وإعجاب شديدين، في الأوساط الشعبية والفنية والإعلامية في مونتريال. ورأى الناقد الفني في جريدة «لابرس» إريك كليمون، أن العرض «إضافة جديدة إلى المشهد الكوميدي في المدينة، ويجسد مجموعة قيم وأفكار إنسانية جميلة». وشبّه «راديو كندا الدولي»، مسرح فارس ب «منتدى فني، وبرلمان أممي لمحبي الفكاهة والضحك، ومبادرة جريئة لكسر الصورة النمطية للمهاجرين وإزالة الحواجز المصطنعة بينهم وبين الكنديين».