عاشت مونتريال نشوة البهجة والفرح على وقع ما قدمه مهرجان «ليالي أفريقيا» من عروض فنية تستهوي عشاق الرقص والموسيقى والغناء من داخل كندا وخارجها. واستقطب المهرجان، في دورته ال25، أبرز المواهب الآتية من 30 بلداً أفريقياً تختزن غنى وتنوعاً يتناغمان مع الأصالة الأفريقية والحداثة الغربية. وتميز «ليالي أفريقيا» هذ السنة بوفرة الفرق الفنية وتنوع آلاتها الموسيقية الوترية والنحاسية والإلكترونية، إضافة إلى عشرات العازفين والمغنين والراقصين الذين ارتدى بعضهم أزياء تقليدية مزركشة، وتنكّر بعضهم الآخر بأقنعة على هيئات حيوانات برية، فيما تزين البعض الآخر بريش الطيور أو طلي جسده بخطوط وصور لرموز قبلية. وشهد المهرجان عروضاً سخية، أشبه بفسيفساء من موسيقى أفرو - لاتينية، تقاطعت مع ألحان الجاز والفانك والروك والهيب هوب والسالسا، فألهبت الحضور وامتلأت الساحات والمسارح، وتحوّل بعضها في شكل عفوي حلقات للغناء والرقص الجماعي. وتألقت في «ليالي أفريقيا» أسماء عربية لامعة، ذائعة الشهرة في المهرجانات العالمية. فمنها ما تمثل بفرق مثل «بامبارا ترانس»، وهي فرقة مغربية تأسست عام 2006 وتضم تسعة عازفين من أصول مختلفة، وقدمت عروضاً تجاوزت الحواجز والأنماط الموسيقية وتجلى فيها مزيج سلس من الألحان والتأثيرات الغربية والعربية والأندلسية والمغاربية والأفريقية واللاتينية، على وقع آلات غربية وشرقية كالغمبري المغربي (آلة شبيهة بالغيتار) والعود والطبلة والغيتار والترومبون والساكسوفون والفلوت والبوق والباس وغيرها. أما المشاركات الفردية العربية فاقتصرت على حكيم الصالحي، وهو فنان جزائري متعدد المواهب، مطرب شعبي ومصمم رقصات باليه وعازف ماهر. تميز بتقديم نموذج ساحر لمزيج من «الراي» الجزائري والبوب الغربي، إضافة إلى لون جديد من الموسيقى العربية - البربرية، كما في أغانيه «خميسة» و «مكاتيب» و «جهدي» التي يظهر فيها جهد فني لافت لسد الفجوة بين المكوّنين الأساسيين للموسيقى المغربية. أما كريستين عطاالله، وهي كندية - لبنانية، فكانت الفنانة الوحيدة التي غردت خارج السرب الأفريقي، لا سيما أنها ليست من أصول أفريقية، ولا تجيد الغناء أو الموسيقى الأفريقية. غير أن اختيارها جاء استثنائياً، كما يقول منظمو المهرجان، لاعتبارات فنية، خصوصاً صوتها المخملي، وشهرتها كمغنية في الوسط الفني الكندي، وعذوبة ألحانها التي تجمع بين الموسيقى الشرقية والإسبانية والغربية، على غرار أغنية «أمان أمان» التي حاكتها عطاالله بهذا النسيج من الألوان الموسيقية الراقية. وكما في كل مهرجان، وقبيل اختتام وصلاتها الغنائية، تركت عطاالله خشبة المسرح وراحت تتنقل بين الجمهور لتشاركه الرقص. هذه العفوية، كما تراها عطاالله، أصبحت تقليداً ودلالة رمزية على استمرار الحميمية بين الفنان وجمهوره، كما كشفت عن أنها تحضر لمشروعات غنائية وموسيقية في بلدها الأم لبنان.