ردت دمشق امس، على لسان «مصدر رسمي، باسم الجمهورية العربية السورية»، على قرار العقوبات الاوروبية الجديدة ضد مسؤولين سوريين، بينهم الرئيس بشار الاسد، والتي تتضمن تجميد ارصدة وفرض قيود على السفر الى اوروبا. واتهمت الاتحاد الاوروبي بالتدخل في شؤونها والسعي «الى زعزعة استقرارها» و»مقدمة لترسيخ يهودية اسرائيل». وكان وزراء الخارجية في الاتحاد الاوروبي قرروا، خلال اجتماع في بروكسيل امس، تعزيز الضغوط السياسية والاقتصادية على دمشق بإعلانهم بعد نقاشات مطولة عن توسيع العقوبات المفروضة على سورية لتشمل 10 مسؤولين، بينهم الرئيس الاسد. وحضوا بنك الاستثمار الاوروبي على «عدم الموافقة على عمليات تمويل في سورية في الوقت الحالي». كما تبنى الاتحاد بيانا منفصلا دعا فيه القيادة السورية الى السماح لبعثة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة والمنظمات الانسانية بدخول البلاد للتحقيق، والافراج الفوري عن المعتقلين السياسيين واجراء حوار وطني يشمل كل القطاعات، واجراء اصلاحات سياسية حقيقية «من دون تأجيل في اطار جدول زمني ملموس». وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن توسيع العقوبات لتشمل الاسد هو «القرار الصائب»، معتبرا ان «القمع في سورية مستمر ومن المهم ان نشهد الحق في عملية سلمية والافراج عن السجناء السياسيين ومسار الاصلاح لا القمع». وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان نحو ألف شخص قتلوا في سورية. وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرها البريطاني: «هذه الوحشية لا بد أن تتوقف ولا بد لامال الشعب السوري المشروعة أن تحترم.» وأضافت: «وزير الخارجية هيغ وأنا متطابقان تماما في شأن رسالتينا لحكومة الاسد... أوقفوا القتل والتعذيب والاعتقالات واطلقوا سراح كل السجناء السياسيين والمحتجزين. ابدأوا في الاستجابة للمطالب المستحقة عليكم من أجل عملية تغيير ديموقراطي شامل وموثوق». وبرغم العقوبات الجديدة، اشارت دول الاتحاد إلى ان الامل ما زال قائما في ان يعمد النظام السوري الى اجراء «اصلاحات سياسية حقيقية وشاملة» بحسب تعبير وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون. وقالت اشتون لدى انضمامها الى وزراء الخارجية قبيل الاجتماع إن على «الحكومة (السورية) ان تتحرك الان». من ناحيته قال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلله انه كان يمكن للاسد تفادي هذه العقوبات «لو سلك طريق الاصلاحات». فيما قال وزير الخارجية الهولندي اوري روزنتال إن من المهم مواصلة الضغط لضمان حدوث «تغيير جذري» في سورية. وكانت الولاياتالمتحدة ضمت الرئيس السوري الى لائحة العقوبات الاسبوع الماضي، وحذرت الاسد من انه امام خيارين: اما قيادة المرحلة الانتقالية او الرحيل. الا ان الاوروبيين لم يذهبوا الى هذا المدى بعد ولم يطالبوا برحيل الاسد. وقال مسؤل أوروبي ل»فرانس برس» أمس إن قرار عقوبات اوروبا يهدف إلى «وقف العنف وحض الاسد على القبول بآلية اصلاح، وليس الى ارغامه على التنحي». وذكر وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بيان انهم «قرروا تشديد هذه الاجراءات التقييدية من خلال تحديد المزيد من الاشخاص حتى من هم ضمن أعلى مستوى في القيادة»، في اشارة الى الرئيس الاسد. وأضافوا ان «الاتحاد الاوروبي عاقد العزم على اتخاذ المزيد من الاجراءات من دون تأجيل في حال اختيار القيادة السورية عدم تغيير مسارها الحالي». وسيتم نشر اسم الرئيس السوري اضافة الى اسماء المسؤولين التسعة الذين شملتهم العقوبات اليوم في الجريدة الرسمية للاتحاد الاوروبي لتضاف الى قائمة اولى تضم اسماء 13 مسؤولا رئيسيا في النظام السوري بينهم شقيق الرئيس، ماهر الاسد، سبق ان جمدت ارصدتهم ومنعوا من الحصول على تأشيرات دخول في العاشر من ايار (مايو). ودانت دمشق قرار الاتحاد الاوروبي ضد «سورية وشعبها» باعتباره «تدخلا سافرا» في شؤونها الداخلية و»محاولة لزعزعة امنها والهيمنة على قرارات ومقدرات شعبها في حاضره ومستقبله». كما وضعت دمشق القرار ضمن «مخطط» ضد سورية و»مقدمة لترسيخ يهودية اسرائيل»، بعدما استذكرت دور «الاستعمار القديم» في اقامة دولة اسرائيل بعد اتفاق سايكس - بيكو . واكد مصدر سوري «عزم» سورية على «اتمام برامج الاصلاح»، وتمسكها «التام باستقلالية قرارها الوطني وسيادتها التامة وحرصها على امن مواطنيها ومستقبل شعبها»، موضحا ان دمشق ترى ان اي اجراءات تتخذ ضدها «لن تحرفها عن نهجها الوطني والقومي مهما كلفها ذلك من تضحيات». وقال وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، ان القرارات الاوروبية ستضر بمصالح اوروبا مثلما ممكن ان تضر بمصالح سورية، وان اوروبا تحتاج الى سورية كما سورية تحتاج اليهم، وان الاوروبيين وضعوا من خلال العقوبات الاقتصادية انفسهم في مواجهة الشعب السوري، لافتا الى ان الاجراءات جاءت بعد زيارة مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون لواشنطن. وزاد المعلم ان الاوروبيين اخطاوا بهذا العقوبات التي هدفوا فيها الى التحريض، لافتا الى ان هذه القرارات الاوروبية جاءت بعد جهود حثيثة من دولتي «الاستعمار القديم» فرنسا وبريطانيا، ما يدعو الى استذكارهم دورهم الاستعماري منذ وعد بلفور. وتساءل:»أليست اسرائيل هي المستفيد مما يجري؟»، موضحا ان اسرائيل تتنصل من استحقاقات السلام وتواصل سياساتها الاستيطانية وتغتصب الارض الفلسطينية ولا احد في العالم ينتقد اسرائيل.