أكد المستشار الإعلامي لرئيس الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، كفاح محمود، أن انقسام الخارطة الانتخابية في البيت الكردي لن يضعف الثقل الكردي في المعادلة السياسية العراقية، واعتبر أن «ثوابت» مصلحة كردستان العليا تعد عاملاً حاسماً في قرارات القوى الكردية. وتبرز المخاوف من أن يؤدي فشل القوى الكردية في تشكيل ائتلاف انتخابي موحد، إثر اتساع رقعة انقساماتها على وقع تداعيات الأزمة التي خلفها خوض الإقليم الاستفتاء للانفصال إلى إضعاف الموقف الكردي في صناعة القرار الاتحادي في بغداد، بخلاف ثبات خطابها ومواقفها في الدورات الانتخابية السابقة. وعن مستوى تلك المخاوف قال كفاح محمود ل «الحياة» إن «القوى الكردستانية لم تتفق بعد على موعد محدد للانتخابات في الإقليم، وكان من المؤمل أن تجرى في نيسان (أبريل) المقبل كما يرى الحزب الديمقراطي وقبل الانتخابات العراقية، وكان الهدف من ذلك تشكيل ائتلاف كردستاني موحد». وأضاف «لا يخفى أن هناك خلافات حتى في موضوع الموعد، إذ يرى البعض أن البيت الكردي يحتاج إلى مزيد من الوقت ربما لما بعد إجراء الانتخابات العراقية في ظل رغبة أطراف بتشكيل تحالف كردستاني وتقوية الموقف في بغداد، وآخرين ذهبوا بالموعد الانتخابي إلى أيلول (سبتمبر) المقبل». ويرى أنه من الصعب التكهن بتشكيل تحالف كردستاني بالصيغة السابقة، خصوصاً أن ثلاث قوى (معارضة) أعلنت عن ائتلاف لخوض الانتخابات في المناطق المتنازع عليها بمعزل عن القوى الأخرى، كما أن الحزب الديمقراطي امتنع عن المشاركة في كركوك، على اعتبار ذلك اعترافاً ضمنياً باحتلالها من قبل بغداد. وأوضح محمود أن «الثقل السياسي للإقليم في بغداد لن يتأثر بعدم وجود ائتلاف كردستاني موحد، لأن عدد المقاعد التي سيشغلها المكون الكردستاني هي التي ستتحكم بذلك وأن الأمر ذاته اختلف كلياً حتى داخل التحالف الوطني ولم تعد الأمور كما كانت في الدورة السابقة، ثم أننا قد نشهد تحالفات ما بعد الانتخابات، وأنا واثق من أن جميع القوى الكردستانية، خصوصاً الخمس الرئيسة ستحترم الثوابت الوطنية لمصالح الإقليم العليا». وأكد أنه على رغم خلافات حركة التغيير الحادة مع الحزب الديمقراطي، لكننا وجدنا أن مواقفها لم تخرج عن الثوابت التي تجمع الأكراد، وأعتقد أن الثوابت ما زالت تحكم كل الفعاليات السياسية، لأن هذا امتحان عسير أمام ناخبيهم في كردستان، وأي خروج عن هذه الثوابت المعروفة والمتعلقة بكيان الإقليم السياسي والدستوري وحصته في الموازنة ومؤسسته العسكرية ورواتب الموظفين لن يمر من دون عواقب». وحول احتمالات حدوث أي تغييرات في ميزان القوى في الإقليم مع بروز جبهة معارضة أوسع من ذي قبل، قال «لم تتبلور في الثقافة السياسية حتى اليوم ما يسمى بالمعارضة، وعشنا تجربة حركة كَوران (التغيير) التي حاولت لعب دور المعارضة، لكنها في النهاية فشلت، ثم شاركت في السلطة التي أرادت من خلالها أن تصنع كياناً سياسياً هجيناً تشارك من خلاله في السلطة، وتعارضها في الوقت ذاته لذا أرى أنه لم تتبلور معارضة وطنية على شاكلة حكومة الظل في الأنظمة المتقدمة». وأوضح أن «أمام حزبي الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي تحدياً كبيراً يستوجب توحدهما في جبهة واحدة كما كانا منذ عام 2003، خاصة وأن التجربة مع حركة التغيير أثبتت فشلها في السلطة». وعلق محمود بشأن الإعلان عن تشكيل ائتلاف معارض يجمع حركة «التغيير» و«الجماعة الإسلامية» و«العدالة والإصلاح» والهادف إلى إجراء تغييرات في السلطة، وقال إن «التركيبة الاجتماعية السياسية القائمة في كردستان تاريخياً، هي مؤسستان تقود البلاد، وهي مؤسستي بارزاني وطالباني، الأولى نجحت في أن تحافظ على وحدتها أفقياً وعمودياً، من الانقسامات على رغم التحديات التي واجهتها، وفي المقابل تعرض الاتحاد الوطني إلى هزات عدة، منها انشقاق نوشيروان مصطفى وما تلاه من ظهور مراكز قوى أخرى، لذا فإن قيام جبهة بين الحزبين ستعمل على تقوية الاتحاد وتعزز موقع الديمقراطي، وبالنتيجة سيتم إنقاذ الإقليم من أزماته». وأكد ان «اتباع فلسفة الاعتياش على أخطاء الآخرين نظرية فاشلة، والطريق السالك للتغلب على هذا الظرف المعقد هو الابتعاد عن الشخصنة، وعلى المعارضة أن تنتقد الحكومة من أجل البناء وليس إشاعة الفوضى وإحداث فراغات دستورية من خلال حزب أو قائد من الواجهة السياسية». وعن أسباب بطء المحادثات الجارية بين أربيل بغداد، وما إذ كانت تتعلق بعقد وتراكمات في الملفات أم لدوافع سياسية وانتخابية، قال: «إذا أردنا أن نقلل من مستوى التفاوض سنقول أن بغداد فعلا تتنصل لصالح اللعبة الانتخابية، رغم أن واقع الحال يقول أن سلة العلاقات بين بغداد وأربيل تكدست فيها الملفات الخلافية، ولذلك ومن باب التفاؤل نزعم إن البطء الحاصل في المباحثات ناجم عن كثافة تلك الإشكالات، أو ربما بتأثير صناع الأزمات، فهناك دائماً من يستفيد من هذه الصناعة لأهداف محددة ومعروفة في النزاعات السياسية ونتمنى أن تكون بغداد أكثر جدية مما هي عليه، لأنه لا يمكن أن تبقى عملية تدقيق لوائح موظفي وزارتين فقط لعدة أشهر قادمة تاركين أصحابها محرومين من ابسط حقوقهم». وفيما إذا كانت زيارة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى طهران أنهت القطيعة وأعادت العلاقات الثنائية، أكد على أن «العلاقات أصابها الجمود لكن لا يمكن نسيان أن إيران دولة جارة للإقليم والعراق، وتربطها علاقات وطيدة معنا، ولها قنصليتان في أربيل والسليمانية، وهناك روابط اقتصادية تبلغ بلايين الدولارات، وإيران دولة كبيرة ومؤثرة في الشرق الأوسط برمته، خصوصاً في بغداد، كما أنه من مصلحة طهران أن تتحسن العلاقة بين أربيل وبغداد، وكذلك الحال مع تركيا، ومن هذا المنطلق لعبت إيران دوراً لتقليص مساحة الخلاف وبدأت تثمر تلك السياسة، شيئاً فشيئاً».