منذ ساعات الصباح الأولى تزاحمت الأقدام وتعالت الصيحات عند باب أحد معامل الثلج في منطقة الدورة جنوببغداد، فالكل يريد أن يأخذ حصته ويغادر إلى السوق لتصريف البضاعة. يقول عادل حامد أحد باعة الثلج الذين ينتظرون دورهم: «إذا لم أحضر في وقت باكر سأضطر للبقاء ساعات طويلة في مخزني الصغير، لكن حين أتسلّم حصتي من المعمل في الصباح يمكنني تصريفها في ساعات قليلة على المطاعم والمحلات التجارية المجاورة في السوق». ويضيف: «لست وحدي من يمتهن بيع الثلج، فهناك إثنان من أشقائي يعملان في المهنة ذاتها لكن في أسواق أخرى». وعند موقف السيارات العام في الباب الشرقي ينتشر عدد من باعة الثلج عند الأبواب وفي السوق القريب من المكان حيث كتبوا عبارات مختلفة تدل على بيعهم الثلج، بعضها مألوف مثل «مخزن ثلج» وأخرى مبتكرة مثل «برِّد قلبك». يقطع الباعة القالب الواحد إلى أجزاء وفق طلب الزبون لكنهم لا يبيعون أقل من ربع قالب كل مرة، خصوصاً الذين ينشطون قرب مواقف السيارات العامة. ويقول البائع عامر حسن إن أسعار الثلج تصل إلى أعلى مستوياتها في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) وآب (أغسطس) بسبب شدة الحرّ وانقطاع التيار الكهربائي في المدن والقرى ساعات طويلة، حتى أن المعامل لا تتمكن من تغطية حاجة بعض المناطق التي يكثر الطلب فيها. ساهمت الحرارة التي بدأت تتراوح بين 40 و45 درجة في بغداد منذ منتصف أيار (مايو) في انتشار باعة الثلج في الأسواق، فالمهنة لا تتطلب أكثر من عربة صغيرة لا يزيد طولها عن مترين وبضعة قوالب ثلج يجلبها الباعة من المعامل في الصباح الباكر. وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والمناخية، أصبحت مهنة بيع الثلج من المهن المرغوبة في الصيف بالنسبة إلى الشباب العاطلين من العمل، لكن مشكلتها الوحيدة أنها موسمية تبدأ مع ارتفاع درجات الحرارة وتنتهي بحلول الخريف وهبوب أولى النسائم الباردة.