أصبح موضوع تغيّر المناخ واقعاً معاشاً وفقاً للتقويم القومي الثالث لاتجاهات المناخ الصادر عن البرنامج الأميركي لبحوث التغيرات في العالم. ويوثق التقرير الطرق المحددة التي يعتبر الأميركيون أنها تغير مجتمعاتهم المحلية وأسلوب معيشتهم. ويفيد بأن «تغير المناخ يؤثر في كل المناطق في البلاد وعلى القطاعات الرئيسة من الاقتصاد الأميركي والمجتمع»، مستنداً إلى النتائج التي توصل إليها مئات من كبار العلماء والخبراء التقنيين الذين جمعوا أدلة ملموسة من كل ركن في الولاياتالمتحدة، باستخدام الأقمار الاصطناعية، وبالونات اختبار الطقس، وأجهزة قياس الحرارة، والعوامات، وأنظمة مراقبة الأرصاد الجوية الأخرى». ويوثق التقرير أيضاً أنماط التغير المناخي عبر مجموعة من القطاعات، أبرزها الزراعة والصيد وشبكات المياه العامة والتخطيط الحضري، كما يستشهد بملاحظات المواطنين حول التغيرات الحاصلة في تفاصيل الحياة اليومية التي تبدو عادية، ومنها النباتات التي تنجو وتبقى على قيد الحياة خلال فصل الشتاء، ومدى سوء موسم الحساسية، وكمية هطول الأمطار. يُذكر أن قطاع الزراعة الأميركي ينتج ما قيمته 330 بليون دولار من المحاصيل التي تعتمد على ظروف النمو التي يمكن توقعها، ووفق التقرير فإن هذه الصناعة وحدها تواجه «تحدياً كبيراً» في محاولاتها للاستعداد لما قد يحدث. وبقيت التوقعات العلمية حول تزايد درجات الحرارة في العالم تُنشر على نطاق واسع على مدى عقود، ولكن هذا التراكم من البيانات يمدنا «بزيادة التيقن من أننا أصبحنا نشهد الآثار المرتبطة بالتغيرات المناخية التي هي من صنع الإنسان». ووُصِف التقرير بأنه «التقرير العلمي الأكثر شمولاً وموثوقية وشفافية عن أثر تغير المناخ في الولاياتالمتحدة». وكان قانون صدر عام 1990 بدأ بمقتضاه البرنامج الأميركي للبحوث الخاصة بالتغيرات في العالم، وذلك لبناء مجموعة من الأدلة حول تغير المناخ، ومساعدة الولاياتالمتحدة والعالم على التوقع والاستجابة في شكل أفضل لظهور ظروف وأحوال جوية مغايرة لتلك التي شُيدت البنية التحتية الحديثة طبقاً لها. وتعزز الأدلة الواردة في التقرير الصادر في 6 الجاري، الأساس الذي قامت عليه خطة العمل المناخية التي كشف النقاب عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما في حزيران (يونيو) 2013، والتي أوجز فيها استراتيجية واسعة النطاق للتأهب والاستجابة لتداعيات تغير المناخ. ويحتل الحد من الاعتماد على الوقود الكربوني، الذي يساهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتحرك نحو اقتصاد الطاقة النظيفة، أهمية حاسمة في تلك الخطة. وفي تقرير خاص عن التقدم المحرز خلال الأشهر الأخيرة عام 2013، قيّمت الحكومة الأميركية الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات ووضع الأمة على المسار الرامي إلى خفض غازات الاحتباس الحراري، بنحو 17 في المئة عن مستويات عام 2005 بحلول عام 2020. ويحقق هدف التحول إلى مصادر الطاقة المنخفضة الكربون، تقدماً ملموساً بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأميركية، إذ تفيد التقارير الصادرة عنها بأن قدرة الكهرباء التي تولدها الرياح ومصادر الطاقة الشمسية المتجددة تضاعفت، والمواصفات الخاصة بمعايير كفاءة استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات أصبحت أكثر، والمنازل والشركات أصبحت تطبق مزيداً من الممارسات والأساليب التقنية التي تتسم بكفاءة الطاقة. وتتضمن خطة العمل الخاصة بالتغير المناخي التي وضعها أوباما أهدافاً رئيسة للحكومة، منها العمل مع الحكومات الأخرى لتحقيق استجابة عالمية للتغيرات المناخية. ومن الإجراءات الواردة في الوثيقة، تعزيز المشاركة المتعددة الأطراف مع الاقتصادات الكبرى، ومكافحة الملوثات المناخية القصيرة الأجل، والتوسع في استخدام الطاقة النظيفة والحد من هدر الطاقة، والتخلص التدريجي من الإعانات التي تشجع على الإسراف في استهلاك أنواع الوقود الأحفوري، والحد من إزالة الغابات والتصحر، وتولي زمام المبادرة في التمويل الذي يقوم به القطاع العام في العالم من أجل إيجاد طاقة أنظف.