في ظلّ تهديدات تركية متواصلة ب «القضاء» على الوحدات الكردية في شمال سورية ووأد «القوة الأمنية الحدودية» التي ينوي التحالف الدولي تشكيلها، توعّد الجناحان العسكري والسياسي للأكراد السوريين الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان ب «تطهير» المنطقة من «مصائبه» و «إفشال مخططاته»، وطالبوا المجتمع الدولي بإعلان أماكن سيطرتهم «مناطق آمنة». ومع تعرض عفرين لقصف من تركيا التي بدأت نشر دباباتها على أبواب المنطقة، سار التصعيد الميداني بالتوازي مع السياسي راسماً ملامح المرحلة المقبلة، خصوصاً مع الكشف عن خطط أميركية تحقق مزيداً من الانخراط في الملف السوري، بهدف مواجهة «التفرد الروسي» وكبح النفوذ الإيراني في سورية، وفق ديبلوماسيين غربيين. ويشير ذلك إلى صعوبة تحقيق اختراق في جولة جديدة من محادثات السلام دعت إليها الأممالمتحدة الأسبوع المقبل. وتواصل أمس التصعيد بين أنقرة والأطراف الكردية، إذ دفع الجيش التركي بتعزيزات إلى الحدود مع سورية شملت دبابات، فيما طالب «حزب الاتحاد الديموقراطي» الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بإعلان «منطقتين آمنتين» في غرب الفرات وشرقه، وردع تركيا من شنّ هجوم عسكري على عفرين. وشددت «وحدات حماية الشعب»، الجناح العسكري للحزب، على «جاهزيتها» للدفاع عن المنطقة، وتوّعد «قائدها سيبان حمو ب «تطهير المنطقة من مصائب أردوغان كما تمكن المقاتلون الأكراد من تطهيرها من تنظيم داعش الإرهابي»، مضيفاً: «سنُفشل مخططات أردوغان وسنحوّل تلك المخططات إلى مكتسبات كبيرة لشعوب المنطقة». في غضون ذلك، حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من خطورة «القوة الأمنية الحدودية»، مشيراً إلى أنها ستلحق الضرر بالعلاقات الأميركية- التركية «على نحو لا رجعة فيه». وأكد ديبلوماسيون غربيون سعي الولاياتالمتحدة إلى مزيد من الانخراط في الملف السوري انطلاقاً من مبدأ أن سورية هي «المسرح الرئيس لكبح التوسع الإيراني». ولفتوا إلى أن إنشاء القوة الحدودية يستهدف أولاً قطع الطريق على التمدد الإيراني إلى المتوسط. وكشف ديبلوماسي من دولة «صديقة» للولايات المتحدة أن واشنطن تعدّ ورقة عمل في شأن تصور الحل السياسي في سورية، بعد اجتماع خماسي استضافته العاصمة الأميركية ضمّ مندوبي فرنسا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والأردن السبت الماضي، يهدف أولاً إلى الموازنة مع التحرك الروسي على مسار آستانة. واعتبر أن هذا التحرك يهدف إلى «تعزيز مواقع التفاوض بما يدعم مسار جنيف ودفعه نحو انتقال سياسي فعلي في سورية»، وذلك في إطار كبح إيران ووضع «حل شامل». وأعلنت الأممالمتحدة أمس عقد جولة جديدة من محادثات السلام السورية في العاصمة النمسوية فيينا في 25 و26 الشهر الجاري، قبل أيام من مؤتمر «الحوار الوطني» الذي تعدّ له روسيا. وذكر بيان للأمم المتحدة أن المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا «يتوقع أن تحضر الوفود إلى فيينا، وهي جاهزة لعمل جوهري معه في شأن دستور البلاد الجديد»، مشدداً على أن «أي مبادرة سياسية من الأطراف الدوليين يجب تقويمها انطلاقاً من قدرتها على المساهمة في دعم عملية جنيف». وعلى خط تحضيرات «مؤتمر سوتشي»، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره التركي في الاستعداد لعقد المؤتمر «باعتباره حجر زاوية رئيس للوصول إلى تسوية الأزمة السورية».