جليّ أن العقوبات الدولية على إيران أتت ثمارها. وبحسب تقرير الأممالمتحدة، ألحقت أربع حزمات من عقوبات مجلس الأمن المفروضة على إيران أضراراً فادحة باقتصاد البلد، وأسهمت في إرجاء حيازة طهران سلاحاً نووياً الى أعوام مقبلة وكذلك الأخطار المترتبة عليه. ووعد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأسرة الدولية باستئناف المحادثات حول برنامج بلده النووي، وقال انها ستتميز عن المحادثات السابقة بأثرها الفعال والنافذ. ويرى (الخبير في الشؤون الإيرانية بمعهد الاستشراق في موسكو) فلاديمير ساجين ان الوعد هذا كان منتظراً منذ وقت طويل على عدم رضى مجموعة الدول المحاورة لايران في المسألة المتعلقة ببرنامجها النووي. وفي شباط (فبراير) 2011، وجهت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، كاثرين اشتون، رسالة إلى ايران أبلغتها فيها امتعاض المحاورين الغربيين من مواقفها في المحادثات النووية الاخيرة، في كانون الثاني (يناير) 2011. وقد ترمي تكتيكات احمدي نجاد إلى اهداف أخرى على غرار إظهاره للناخبين الايرانيين ان حلّ المسألة النووية في يد الرئيس ومن صلاحياته. وأدى عدم التنازل في المجال النووي دوراً حاسماً في تلطيخ سمعة ايران في ولاية احمدي نجاد الرئاسية، وانتصابها عدو الغرب اللدود الذي لم تفلح الولاياتالمتحدة في كسر شوكته. ولكن مهما حاول الرئيس الايراني تصوير البرنامج النووي الإيراني على أنه ثمرة إنجازاته الشخصية، فهو لا يملك الوزن السياسي الضروري لتحقيق ذلك. فمقاليد الحكم بإيران هي في أيدي آيات الله والملالي. وأسباب النزاع الجدّي والفعلي بين أحمدي نجاد وآية الله علي خامنئي، هي لجوء نجاد إلى صرف رئيس (وزير) جهاز الاستخبارات الإيرانية حيدر مصلحي، بعد اكتشاف أجهزة مراقبة وتنصّت في مقر مدير مكتب الرئيس الايراني، اسفنديار رحيم مشائي. لكن خامنئي ألغى أمر نجاد، وأعاد مصلحي إلى الخدمة. وأفضى ذلك إلى مواجهة مفتوحة بين خامنئي ونجاد الذي اعتكف عن اداء واجباته الوظيفية، والظهور في المجالس العلنية. ولم يعد الرئيس إلى ممارسة واجباته إلاّ بعد أن قدّم 300 عضو في البرلمان عريضة ينتقدون فيها تصرفاته، ويطعنون في قانونيتها. ونقل موقع المعارضة الايرانية الالكترونية، «ايران بريفنغس»، عن مصادر حكومية خبر طلب علي خامنئي من القوات الموالية له التأهب لمواجهة قد تقع مع جيوش أحمدي نجاد، أي الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج. وعلى رغم الانباء هذه، وفي 9 أيّار (مايو) 2011، انحسرت حدّة النزاع. فالرئيس الإيراني، وعلى رغم الخلاف مع خامنئي، ظهر على الساحة الديبلوماسية الدولية، وفي مؤتمر الأممالمتحدة في اسطنبول على وجه التحديد. وأعلن رغبته في استمرار المفاوضات مع الغرب على البرنامج النووي. وسياسة الملف النووي هي الرابط الوحيد الجامع بين حكام إيران الحاليين. فالسلطات في البلد هذا تعلّق آمالاً كبيرة على برنامجها النووي، يقول المحلل الاستراتيجي، سيرغي ديميدينكو. وهو عملياً الإنجاز الوحيد الذي يسعها تقدّيمه إلى شعبها. وتعاظمت أهمية البرنامج النووي في أوساط السلطات الايرانية، في وقت يعاني الاقتصاد الإيراني وضعاً حرجاً وصعباً متعاظماً جراء العقوبات الدوليّة. * صحافي، عن «موسكوفسكي نوفوستي» الروسية، 12/5/2011، إعداد علي ماجد