وصف الزعيم الليبي معمّر القذافي أسامة بن لادن بأنه «خارج عن القانون»، مؤكداً أن ليبيا «تدين كل أنواع الإرهاب بما في ذلك إرهاب الدول التي تمارس العدوان على الشعوب»، معتبراً «الدول المالكة للسلاح النووي خطراً على الشعوب التي لا تملك إلاّ أسلحة دفاعية». وذكر القذافي في كلمة أمس أمام أعضاء مجلس الشيوخ الإيطالي في اليوم الثاني لزيارته التاريخية لروما، أن «ليبيا كانت قادرة على مواصلة البحث في مسار التسليح النووي لكنها اعتبرت هذا الأمر في غير مصلحة الشعب الليبي، لذا أقلعنا عن ذلك»، في إشارة إلى قرار طرابلس التخلي عن برنامجها النووي السري في العام 2003. إلاّ أنه شدد على أن «ليبيا لم تُكافأ على هذا القرار». ودان القذافي الولاياتالمتحدة وحربها في العراق، قائلاً إنها «أشعلت الحرب على صدام حسين وأزاحته وحوّلت العراق إلى مرتكز لتنظيم القاعدة الذي لم يكن ليتمكن من الولوج إلى العراق في عهد صدام حسين». وقارن القذافي بين الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان الذي أمر بقصف ليبيا في الثمانينات وزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن الذي شن هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 ضد الولاياتالمتحدة، وانتقد تدخّل الدول الغربية في «مصائر الشعوب». وبرّر بعض الديكتاتوريات في العالم العربي، ومنها ديكتاتورية صدام حسن في العراق، واصفاً إيّاه بأنه «تقدّم إلى الانتخابات وفاز فيها». وألقى القذافي كلمته الطويلة في قاعة «جوستينان» في مجلس الشيوخ الإيطالي وبحضور عدد كبير من أعضاء المجلس بينهم رئيس الجمهورية السابق فرانشيسكو كوسّيغا ورئيس الحكومة السابق جوليو آندريوتّي اللذان يشغلان مقعدي سيناتور مدى الحياة في المجلس. وكان من المقرر أن يُلقي القذافي كلمته في قاعة مجلس الشيوخ، إلاّ أن احتجاجات المعارضة، وبالذات من الحزبين «الراديكالي» و «إيطاليا القيم»، دفعت رئيس المجلس إلى الاجتماع برؤساء الكتل والاتفاق على نقل الكلمة إلى قاعة «جوستينان» ضمن «قصر ماداما» (مقر مجلس الشيوخ). واستعرض القذافي في كلمته سلسلة من القضايا وركّز اهتمامه على الماضي الاستعماري الإيطالي في ليبيا والجرائم البشعة التي ارتكبها النظام الفاشي ضد الشعب الليبي، واعتبر اعتذار إيطاليا عن تلك الفظاعات «كافياً لطي هذه الصفحة الدامية التي ما كانت لتُطوى بأي تعويضات مالية». واعتبر القذافي «إيطاليا اليوم مختلفة عنها في الماضي». وكان رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي ريناتو سكيفاني رحّب بالقذافي واعتبر وجوده في مجلس الشيوخ احتفالاً بتوقيع «اتفاق الصداقة والتعاون» المبرم بين إيطاليا وليبيا في آب (أغسطس) الماضي والذي صادق عليه البرلمان الإيطالي بغالبية كبيرة. وواجهت زيارة الزعيم الليبي لروما احتجاجات من قبل عدد من طلبة جامعة العاصمة الإيطالية الذين تظاهروا ضد الاتفاق المبرم بين ليبيا وإيطاليا في شأن «إعادة المهاجرين غير الشرعيين» إلى ليبيا من دون النظر في الظروف التي دفعت عشرات الآلاف منهم إلى الهجرة من بلادهم. وشهدت ساحة الجامعة مواجهات بين الطلبة ومفارز الشرطة، ما دعا إلى إرجاء موعد وصول الزعيم الليبي إلى الجامعة للقاء الطلبة. وكان القذافي وصل إلى روما صباح أول من أمس وكان يحمل على صدره صورة بالأسود والأبيض لقائد الثورة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي عمر المختار. ورافق القذافي إلى روما القذافي محمد بن عمر المختار. وعقب لقائه الرئيس الإيطالي، جورجيو نابوليتانو، قال القذافي: «إيطاليا اليوم لم تعد الدولة التي كانت عليها، لأنها دانت الممارسات الاستعمارية، واعتذرت عما سلف، وهذا ما دعاني للقيام بزيارتي هذه». يذكر أن إيطاليا قدمت اعتذاراً رسمياً لليبيا العام الماضي، ووافقت على دفع خمسة بلايين دولار تعويضات عن التجاوزات التي ارتكبت خلال حكمها الاستعماري بين عامي 1911 و1943. وكان عمر المختار تزعم ثورة شعبية ضد الغزو الإيطالي منذ العام 1912 وكان يبلغ من العمر ثلاثة وخمسين عاماً، واستمرت حربه مدة عشرين عاماً خاض خلالها ألف معركة، وانتهت باعتقاله عام 1931. وفور اعتقاله، عقدت له محكمة استمرت ساعة واحدة أصدرت حكمها بإعدامه شنقاً وتم تنفيذ الحكم وكان المختار يناهز آنذاك الثالثة والسبعين من العمر.