إسلام آباد، واشنطن - أ ف ب، يو بي آي، رويترز - قتل 80 شخصاً على الأقل لدى تفجير انتحاريين من حركة «طالبان باكستان» حزمتين ناسفتين احتوتا بين 8 و10 كيلوغرامات من المواد الناسفة، وسط متطوعين في الشرطة في بلدة تشارسادا بإقليم خيبر - باكوتونكوا (شمال غرب)، ما شكل العملية الأولى للانتقام من قتل قوات كوماندوس أميركية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في الثاني من الشهر الجاري. وفجر الانتحاري الأول عبوته لدى استعداد المجندين فجراً للخروج في مأذونية مرتدين ثيابهم المدنية من مركز تدريب لوحدة حرس الحدود شبه العسكرية التابعة للشرطة. أما الثاني فنفذ عمليته حين هرع رجال الشرطة والإسعاف لمساعدة الجرحى. وأوضح بشير احمد بيلور، الوزير من دون حقيبة في إقليم خيبر – باكوتونكوا، أن قتلى الانفجارين توزعوا بين 69 من عناصر قوات حرس الحدود و11 مدنياً». وأشار إلى جرح 140 شخصاً بينهم 40 في حال الخطر. وتوعد إحسان الله إحسان، الناطق باسم «طالبان باكستان» بمزيد من إراقة الدماء رداً على مقتل بن لادن، ما يعزز الرأي الشائع بأن تصفية زعيم «القاعدة» لن يؤدي إلى تراجع العنف، لأن التنظيم لا يتمتع بقيادة مركزية، وسيظل يلهم جماعات مثل «طالبان باكستان» التي تنتشر في أنحاء العالم وتربط الأيديولوجيا بين أعضائها. وكانت «القاعدة» هددت في بيانات بالانتقام لمقتل بن لادن، وتوجهت إلى الباكستانيين خصوصاً «لغسل العار» الذي جلبه لهم مقتل بن لادن على أرضهم. وندد الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ورئيس الحكومة يوسف رضا جيلاني بالتفجيرين الانتحاريين، وتعهدا الاستمرار في محاربة الإرهاب. وقال زرداري إن «الأمة موحدة حكومة وشعباً لهزيمة الإرهاب»، فيما صرح جيلاني بأن «المسلحين لا يهتمون لأرواح البشر أو الدين، ويتبعون أجندة شريرة خاصة بهم». وشدد على أن «هذه الأعمال الجبانة لن تقوض الحرب على المتمردين، وأن معنويات الشعب تمنح الحكومة الدفع لتكثيف جهودها». وفي بريطانيا، دان وزير الخارجية وليام هيغ الهجوم المزدوج «الجبان والعشوائي ضد أشخاص يعملون على حماية باكستان»، مؤكداً أن المخطط يثبت مجدداً عدم اكتراث الجماعات المتطرفة بقيمة الحياة البشرية». وغداة مطالبة رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني الخميس بوضع الغارات التي تشنها طائرات أميركية من دون طيار في مناطق القبائل تحت إشراف إسلام آباد لإكسابها مزيداً من الفاعلية، قتل ثلاثة «متمردين إسلاميين» بصواريخ أطلقتها طائرة أميركية من دون طيار في خركمار بإقليم شمال وزيرستان، ما شكل الهجوم الرابع من نوعه منذ تصفية بن لادن. على صعيد آخر، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول باكستاني كبير رفض كشف اسمه قوله إنه «لا يرجح استجابة قائد الجيش الباكستاني أشفق كياني للمطالب الأميركية بالقضاء على زعماء مسلحين آخرين تعتقد واشنطن بأنهم يختبئون في باكستان»، وبينهم زعيم حركة «طالبان» الأفغانية الملا محمد عمر، وزعماء «شبكة حقاني» سراج الدين حقاني و»عسكر طيبة»، على رغم تزايد الضغط الأميركي عليه منذ مقتل بن لادن. وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الأميركيين يرون انهم يملكون قوة دفع أقوى بعد قتل بن لادن لإجبار باكستان على التعاون في القضاء على زعماء «القاعدة» و«طالبان»، لكي تستطيع الولاياتالمتحدة إنهاء الحرب في أفغانستان. ونقلت عن المسؤول الباكستاني المقرّب من كياني والذي التقاه أخيراً قوله إن «قائد الجيش الباكستاني لا يريد التخلي عن التحالف مع واشنطن بالكامل، لكنه سيسعى إلى تخفيف اعتماد بلاده عليها، والاكتفاء بمواصلة التعاون المطلوب للحفاظ على تدفق بلايين الدولارات من المساعدات الأميركية». وأوردت الصحيفة أن «المسؤولين الباكستانيين ينتظرون بقلق لرؤية إذا كانت أي معلومات استخبارية جديدة حول القاعدة في باكستان، قد تستخدم للضغط بشكل أكبر عليهم، ونوع الضغط» ، علماً أن واشنطن تعتقد بأن ضباطاً باكستانيين كثيرين ذوي رتب صغيرة يتعاطفون مع الجماعات المسلحة أكثر من تعاطفهم مع الولاياتالمتحدة». وقال مسؤول باكستاني كبير سابق استشاره كياني بعد مقتل بن لادن إن «القضاء على قيادات المجموعات المسلحة قد تنتج حرباً أهلية في باكستان بسبب رد الفعل الحاد للمسلحين». وذكرت الصحيفة أنه «في ظل تزايد إحباط المسؤولين الأميركيين من باكستان فسيتفادون قطع العلاقات بالكامل مع باكستان النووية، والتي تعد ضرورية لإنهاء الحرب في أفغانستان». وقال المدير السابق لوكالة الاستخبارات الباكستانية جواد كازي: «من دون دعم باكستان لن تستطيع الولاياتالمتحدة الفوز في الحرب بأفغانستان»، علماً أن الأميركيين يأملون الآن بجلب طالبان إلى طاولة الحوار. وقال رياض خوخار، السفير الباكستاني السابق في الولاياتالمتحدة والذي التقى كياني، إن «الأخير لا يستطيع تجاهل مشاعر جنوده»، مشيراً إلى وجود شعور لدى الجيش بأن الولاياتالمتحدة حليف غير موثوق به». إلى ذلك، ألغى رئيس لجنة هيئة الأركان المشتركة الباكستانية خالد شميم زيارته المقررة إلى الولاياتالمتحدة في 22 الشهر الجاري. ونقلت قناة «دنيا» الباكستانية عن مصادر عسكرية قولها إن «شميم اتصل برئيس هيئة أركان الجيش الأميركي مايك مولن، وأبلغه أن الوضع السائد في باكستان بعد مقتل بن لادن، لا يسمح بإجراء الزيارة» التي تقرر موعدها قبل شهرين.