إسلام آباد، كابول - أ ف ب، رويترز - قتل 28 جندياً باكستانياً على الاقل بينهم ضابطان وجرح 14 آخرون في غارة شنتها فجر أمس مروحيات تابعة للحلف الأطلسي (ناتو) على نقطة تفتيش عسكرية في منطقة بيضاي باقليم مهمند القبلي (شمال غرب) المحاذي للحدود مع افغانستان. وتزامن الهجوم مع استمرار توتر العلاقات بين الولاياتالمتحدةوباكستان الحليفين في «الحرب على الارهاب» منذ قتلت وحدة كوماندوس اميركية زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن في غارة استهدف بلدة أبوت آباد الباكستانية في ايار (مايو) الماضي. وكان السفير الباكستاني في واشنطن، حسين حقاني، أجبر هذا الاسبوع على ترك منصبه بعد اتهامه بطلب دعم الأميركيين لكبح جماح المؤسسة العسكرية الباكستانية النافذة في اعقاب الغارة التي أسفرت عن قتل بن لادن. وعيّنت النائبة التابعة للحزب الحاكم شيري رحمن، وهي حقوقية ليبرالية خلفاً له، لكنها لم تتولَ مهمات منصبها رسمياً حتى الآن في واشنطن. ووصف الجيش الباكستاني توغل مروحيات قوات «الأطلسي» بأنه «عشوائي وغير مبرر في ظل عدم حصول أي استفزاز من جنودنا» على نقطة التفتيش «الواضحة والمعروفة» التي تقع في الجبال وتبعد نحو 2.5 كيلومتر من الحدود الأفغانية، علماً ان المنطقة المستهدفة تشهد اشتباكات بين القوات الحكومية ومتشددي حركة «طالبان». وقال مسؤول عسكري باكستاني بارز طلب عدم نشر اسمه: «ستكون عواقب هذا الهجوم وخيمة، لأن المروحيات هاجمت موقعنا من دون سبب، وقتلت جنوداً وهم نيام، كما انها الضربة الأفدح داخل اراضينا للحلف خلال الحرب المستمرة منذ عشرة اعوام في افغانستان المجاورة». وردت إسلام آباد فوراً بإعلان اغلاق الحدود امام الامدادات المرسلة الى قوات الحلف في افغانستان. وقال مطهر حسين، المسؤول البارز في منطقة القبائل شمال غربي باكستان حيث يقع معبر خيبر، شريان المرور الرئيسي لشاحنات امدادات «الأطلسي» ولا سيما الوقود: «اوقفنا عبور امدادات الحلف بناء على اوامر الحكومة الفيديرالية، ما حتم عودة نحو 40 شاحنة وناقلة من نقطة التفتيش في جمرود». كما اقفل معبر تشامان باقليم بلوشستان (جنوب غرب)، علماً ان نصف امدادات الحلف تعبر من طريق باكستان. كما احتجت الحكومة الفيديرالية على الغارة «بأشد العبارات» لدى الحلف والولاياتالمتحدة، وقالت وزارة الخارجية إن «رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني دان بشدة انتهاك سيادة باكستان، وأمر بأن تثير وزارة الخارجية المسألة بأشد العبارات لدى الحلف الاطلسي والولاياتالمتحدة». وأفاد التلفزيون الباكستاني الرسمي بأن جيلاني قطع زيارة قصيرة اجراها لبلدته، وعاد الى إسلام آباد لاجراء محادثات ازمة مع الرئيس آصف علي زرداري وقائد الجيش الجنرال اشفق كياني. وصرحت وزيرة الاعلام فردوس عاشق اوان بأن «الهجوم سيؤجج المشاعر المعادية للأميركيين» في البلد الاسلامي المسلح نووياً، مضيفة إن «هجمات الحلف تنتهك سيادتنا، والمجتمع الباكستاني لن يتحمل ذلك». تحقيق ل «الأطلسي» وفي كابول، تعهد الجنرال الأميركي جون آلن، قائد قوات الحلف الأطلسي في افغانستان، اجراء تحقيق شامل في الحادث الذي أكد انه سيهتم بتفاصيله بانتباه بالغ ودقة للوقوف على الحقائق»، علماً ان ادريس موماند، المسؤول في قوات حرس الحدود الأفغانية، صرح لاحقاً ان قوات محلية واجنبية اعتقلت عدة متشددين قرب نقطة التفتيش المستهدفة في بيضاي، وقال: «لا اعلم بسقوط خسائر بشرية على الجانب الآخر من الحدود، لكن المعتقلين ليسوا من طالبان الأفغانية»، في تلميح الى ان عمل مقاتلي «طالبان باكستان» في افغانستان. وأضاف الجنرال آلن في بيان: «اقدم احرّ التعازي لأسر واحباء اي عنصر من القوات الباكستانية قد يكون قتل أو جرح». تبادل اتهامات ودأب الباكستانيون والأميركيون والأفغان على تبادل الاتهامات بشكل متزايد في شأن مسؤوليات الهجمات عابرة للحدود خلال الشهور الستة التي اعقبت مقتل بن لادن قرب العاصمة الباكستانية في عملية لم تطلع القوات الباكستانية عليها مسبقاً. وأكد «الناتو» استمرار التزامه تحسين العلاقات الأمنية مع باكستان في اطار جهودنا المتحدة لمكافحة الارهاب»، وبينها تنسيق العمليات في محاذاة الحدود غير الواضحة المعالم بين باكستان وأفغانستان. ويعتبر المسؤولون الأميركيون تحييد المتشددين الاسلاميين عبر الغارات الجوية امراً حيوياً لكسب الحرب في افغانستان المجاورة، وهم يتهمون باكستان منذ وقت طويل بالتواطؤ مع «شبكة حقاني» التابعة ل «طالبان» والمتحالفة مع «القاعدة» في حصار استهدف السفارة الاميركية في كابول. وخلال محادثات استضافتها إسلام آباد الشهر الماضي، ناشدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون باكستان التحرك «خلال ايام او اسابيع» للقضاء على الملاذات الآمنة للمسلحين فيها، وتشجيع «طالبان» على الانخراط في محادثات سلام. وعادت الأزمة الاخيرة المرتبطة بانتهاك مروحيات «الناتو» المجال الجوي لباكستان خلال تعقبها مسلحي «القاعدة» الى ايلول (سبتمبر) 2010، حين اغلقت باكستان لمدة 11 يوماً الطريق الرئيسي لإمدادات قوات «الأطلسي» عند طرخام، بعد اتهامها الحلف بقتل ثلاثة من جنودها في هجوم مماثل بمنطقة القبائل. وأعيد فتح الحدود بعد اعتذار رسمي من الولاياتالمتحدة.