رام الله (الضفة الغربية) - رويترز - اختار عشرة تشكيليين فلسطينيين مجموعة من رسوم الكاريكاتير للفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي لرسمها على جدران معرض «غاليري المحطة»، بحجم كبير، مع الحفاظ على أدق تفاصيلها. وقال الفنان رأفت أسعد: «بعد أيام من البحث والتفكير في كيفية إقامة معرض فني لرسوم ناجي العلي، قررنا عرضها بهذه الطريقة (رسمها على الحائط)، واتصلنا بخالد العلي المقيم في لندن، وطلبنا منه مجموعة من رسوم والده، وتفضل مشكوراً بإرسال 60 لوحة». وأضاف أسعد: «اخترنا 16 لوحة تتناسب مع أوضاع العالم العربي حالياً، ومع القضية الفلسطينية، لعرضها في غاليري المحطة، وبما أن العلي كان يستشرف المستقبل في لوحاته، فثمة شعور أنه رسم هذه اللوحات اليوم، وليس قبل أكثر من عشرين سنة». وأوضح عضو مجموعة «جذور الشبابية» أحمد نمر: «نحن مجموعة من الشباب الفلسطينيين، التقينا عبر الإنترنت من الأردن وفلسطين والسعودية، كنا نبحث عن شريك لإقامة معرض للوحات ناجي العلي ونجحنا في ذلك بمشاركة مجموعة من الفنانين الذين اختاروا أن يعيدوا رسمها بحجم أكبر بدلاً من وضعها في لوحات داخل إطار». والعلي هو مبدع شخصية «حنظلة» التي تمثل صبياً في العاشرة من عمره، يداه مقيدتان خلف ظهره ووجهه إلى الحائط، ولطالما قال الرسّام إن «حنظلة سيستمر من بعد موتي». واغتيل العلي برصاص مسدس كاتم للصوت في 22 تموز (يوليو) 1987 في لندن، وظل في غيبوبة حتى توفي في 29 آب (أغسطس) من العام ذاته. وعرف العلي بنقده اللاذع للواقع الفلسطيني والعربي، من خلال رسوم الكاريكاتير. هو من مواليد العام 1937 في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، ونزح مع أهله، العام 1948، إلى مخيم عين الحلوة، مثل مئات آلاف الفلسطينيين الذي رحلوا أو أجبروا على الرحيل عن منازلهم. وكان العلي يعتبر أن مهمة فن الكاريكاتير هي التعبير عن الكادحين والمقهورين. وقال في أحد حواراته: «يصعب عليهم الحصول على كل شيء، كل شيء قاس يحاصرهم ويقهرهم، لكنهم يناضلون من أجل حياتهم ويموتون في ريعان الشباب في قبور بلا أكفان، هم دائماً في موقع دفاع مستمر لكي تستمر بهم الحياة، أنا في الخندق معهم أراقبهم وأحس بنبضهم وبدمائهم في عروقهم». وتتصدر المعرض لوحة للعلي تظهر صورة رجل يلف رأسه بالوشاح الفلسطيني (الكوفية)، وقد كتبت حوله أسماء مخيمات فلسطينية، وفي وسطها عبارات «لا صلح لا تفاوض لا اعتراف»، وهي تحمل توقيع لاجئي 1948. أما مناسبتها الآنية فتتمثل في إحياء الفلسطينيين الذكرى الثالثة والستين للنكبة بعد أيام. وأوضح أسعد أنه في ظل حديث الفلسطينيين عن التوجه إلى مجلس الأمن لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، اختار منظمو المعرض لوحة للعلي تظهر شخصاً يقول لمجموعة من الناس «لاحلق شنبي إذا أعطتكم إسرائيل دولة...». وربما كان العلي يستشرف الانقسام الذي شهدته الساحة الفلسطينية، والذي يأمل الفلسطينيون بطي صفحته بعد توقيع اتفاق المصالحة الأخير في القاهرة، إذ رسم لوحة لأربعة أشخاص، كل منهم يرفع اصبعه قائلاً «أنا الشرعي»، وفي الجهة المقابلة يظهر حنظلة ومعه شعار «أنانيون». وقال الفنان منذر جوابرة أن إعادة رسم تلك اللوحات استغرق أربعة أيام، «ولم ندخل أي تعديل عليها سوى أننا عملنا على تكبيرها ورسمها على الحائط، كي ينتفي أي حاجز بينها وبين الجمهور». واختار الفنانون وضع لوحة «تخاطب» مصر من على واجهة كاملة للمحطة، وتبدو فيها امرأة كتبت خلفها كلمة فلسطين مرات عدة، ولسان حالها يقول «والله اشتقنالك يا مصر»، إضافة إلى مجموعة أخرى من اللوحات تدعو إلى «الإفراج عن المعتقلين السياسيين في السجون الإسرائيلية والعالم العربي». وتناولت مجموعة لوحات جواز السفر الفلسطيني، الذي لم يكن قد صدر عندما رسم العلي لوحاته، وهي تشير إلى أن حامله ممنوع من دخول الدول العربية، والتأشيرة التي توضع عليه هي تأشيرة سجن.