تحفل حكايات البدون بالكثير من القصص المحزنة لما وصلت إليه حالهم، فبعضهم خدم طوال عمره في قطاع عسكري سعودي، وحارب على مختلف الجبهات، لكنه لم يحصل على الجنسية، وآخرون ينظرون إلى حظهم العاثر، في حين أن أشقاءهم باتوا سعوديين. وذكر أحمد بن معيبر العنزي، أنه التحق بالحرس الوطني بتاريخ 20/06/1397ه، وتمت ترقيته حتى بلغ رتبة رئيس رقباء، مشيراً إلى أنه شارك خلال فترة عمله التي تجاوزت 35 عاماً في جميع الحملات الأمنية لمكافحة الإرهاب، ومنها حرب تحرير الكويت، ولديه نوط المعركة ووسام تحرير الكويت. وأشار إلى أنه يعاني الأمرين جراء عدم حصوله على الجنسية، إذ إن عدد أبنائه وأحفاده تجاوز 40 فرداً، وجميعهم من مواليد السعودية، وفيما درس بعض أولاده في جامعات سعودية، لم يحالف الحظ آخرين، لعدم حصولهم على إثباتات، لافتاً إلى أن أكبر أبنائه بلغ من العمر 33 عاماً. وأضاف أن خدمته في العمل شارفت على الانتهاء، في حين أن أولاده ليست لديهم وظائف حالياً، وهو عائلهم الوحيد، مطالباً بمنحه الجنسية التي ستحل له كل المشكلات التي يواجهها. وأكد العنزي أنه استكمل جميع الإجراءات المطلوبة منه لنيل الجنسية بموجب الأمر السامي رقم 13793/4 وتاريخ 27/8/1428 ه، لكن المعاملة لا تزال تحت الإجراء حتى الآن «لا أعلم إلى متى يستمر هذا الوضع المأسوي؟». وقال إبراهيم القرعاني (38 عاماً) ل«الحياة»، إنه من فئة البدون من القبائل النازحة، وكان مضافاً مع والده في أول وثيقة رسمية صدرت ل«البدون» (شمال السعودية)، وكانت مدة صلاحيتها عام واحد فقط، إلى أن استحق بطاقة مستقلة، مشيراً إلى أن والده توفي قبل عامين في الرياض، وهو العائل الوحيد لأشقائه وأسرته. وأضاف أنه تزوج منذ 14 عاماً من سعودية، وله 3 شقيقات متزوجات من سعوديين، ولم يغادر السعودية إطلاقاً حتى هذه اللحظة، لافتاً إلى أنه ليس غريباً عن هذه البلاد، إذ ولد بها وتعلم في مدارسها، ويحمل وثائق تثبت انتماءه لها. وعن موضوع «حلفاء القبائل»، ذكر القرعاني أنهم قبائل عربية معروفة في السعودية، واندمجوا مع القبائل الأخرى في البلدان العربية منذ 200 عام، وبعد أمر الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، بتعديل الأوضاع الخاصة بالأحوال المدنية للمنتمين بالقبلية أو الفخذ أو العائلة، لم تعترف بهم بعض القبائل، فحرموا من التجنيس. وتطرق إلى أن المستوى العلمي والعملي لكثير من أبناء «البدون» جيد جداً، فهم خريجو جامعات وحملة شهادات عليا، وعلى رغم ذلك لم يتم توظيف الكثيرين منهم، مشيراً إلى أن أكبر مشكلة تواجه من يجد عملاً منهم هي أنهم لا يحسبون ضمن نسبة السعودة في القطاع الخاص، ولا يقبلون في وظائف حكومية، ولا يعترف بهم حتى كمقيمين. أما مبارك المبارك، فشدد على أن جذور معظم القبائل النازحة في المملكة هي سعودية، وتعود إلى عشائر العقيدات من زبيده القحطانية من منطقة عقدة في حائل، أو من قبائل شمر أو عنزة أو بني خالد أو الأساعدة من قبيلة عتيبة. وتحدث عن معاناة حقيقية تعيشها فئة «البدون»، إذ تجاوز بعضهم الخمسين عاماً من عمره، وأفنى عمره في خدمة هذا الوطن لكن ليس من حقه التقاعد ولا الضمان الاجتماعي كونه لا يحمل الهوية السعودية، مناشداً الجهات المعنية إيجاد الحل العاجل والمناسب لهذه المشكلة الإنسانية. وتحدث عبدالله الساعدي عن مفارقات في موضوع منح الجنسية للبدون «جرى إنهاء إجراءات التحقيق في اللجنة المركزية لحفائظ النفوس التابعة لوكالة الأحوال المدنية، وحصل بعضهم على الجنسية، والغريب أن بعض العائلات حصل فيها الأخ أو الأب على الجنسية، فيما لم يحصل الأخ الآخر عليها»، مطالباً الجهات ذات العلاقة بالنظر في وضعهم، الذي يسوء يوماً بعد يوم، على حد قوله.