توقع مسؤولون وخبراء اقتصاد، أن تشهد المنطقة العربية موجة جديدة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السنوات المقبلة، في ظل التغير في بعض الدول العربية، والتكهنات باحتمال تراجع الاحتكارات وفتح الأسواق وبيع بعض الأصول المملوكة من الحكومات. وإذا كانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة سجلت في الأعوام الماضية تراجعاً ملموساً نتيجة تداعيات أزمة المال العالمية، فإن وزيرة التجارة الخارجية الإماراتية الشيخة لبنى القاسمي، أكدت خلال «ملتقى الاستثمار» الذي بدأ أعماله في دبي امس، أن مؤشرات المرحلة الحالية «تؤكد التعافي وبدء مرحلة الصعود مع تفاؤل كبير في المستقبل خصوصاً على المديين المتوسط والطويل». وأشارت التقديرات الأولية لمؤسسة «أونكتاد»، إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم زادت بنسبة 13.2 في المئة عام 2010 ، لتصل إلى 1.346 تريليون دولار، مقارنة ب 1.189 تريليون عام 2009. ولفتت الشيخة لبنى، إلى أكثر من 5900 معاهدة تتصل بالاستثمارات الدولية، فيما تتنافس دول العالم على استقطابها نظراً إلى أدوارها الإيجابية في التنمية، سواء لجهة تأمين فرص العمل أو نقل التقنيات أو زيادة الإنتاجية. ويبدو أن دولاً عربية، بخاصة الإمارات، بدأت تدخل بقوة معترك المنافسة العالمية، لزيادة حصتها من الاستثمارات العالمية، مستفيدة من الاستقرار السياسي الذي تتمتع به، في محيط يشهد اضطرابات سياسية. وتوقع مسؤولون من المنظمة العالمية للاستثمارات الأجنبية خلال الملتقى، الذي يشارك فيه 14 وزيراً ومحافظاً لمؤسسات مالية واستثمارية، فضلاً عما يزيد على ألف مشارك من أنحاء العالم، أن تشهد الإمارات تدفقات استثمارية مباشرة في السنوات الثلاث المقبلة تتجاوز 13 بليون دولار. وأظهرت دراسة للمعهد العربي للتخطيط، أن حصة الدول العربية من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر اقتصرت على 7.11 في المئة عام 2009، وحصدت السعودية ثم قطر والإمارات ولبنان ومصر معظم هذه الاستثمارات. وانخفضت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم في شكل ملحوظ خلال أزمة المال العالمية، إذ بلغت تريليون دولار عام 2009 مقارنة ب 1.7 تريليون عام 2008. غير أن بعض المشاركين في المنتدى لم يستبعدوا أن تسجل نشاطاً ملحوظاً في النصف الثاني من العام الجاري. وتفيد التقديرات بأن الإمارات والسعودية من الإقتصادات التي ستشهد نمواً ملحوظاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الحالي. وفي وقت «لا توجد أسباب لدى دول الخليج الغنية بالنفط لبيع أصولها، أسوة ببعض دول المشرق والمغرب العربيين»، ربما يكون استقرار بعض دولها السياسي، في رأي مشاركين في الملتقى، المحرك لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية. وعلى رغم الحذر الذي يشوب التفاؤل بعودة تدفق الاستثمارات الأجنبية حول العالم، لاعتبارات تتعلق بهشاشة الانتعاش الاقتصادي والمالي، إلا أن تعاون الدول في رأي الوزيرة الإماراتية «كفيل برفع مستوى التفاؤل والتغلب على المعوقات والتحديات التي تواجه تنشيط حركة الاستثمارات الدولية»، أهمها الشفافية والتنمية المستدامة، والتشريعات التي تساوي بين المستثمر الأجنبي والمحلي، وحماية الاستثمارات، وضمان انتقال رؤوس الأموال، وتحويل الأرباح، وغياب قواعد عادلة للمنازعات الاستثمارية. وأكدت أن الإمارات تعمل على تطوير مجموعة من القوانين الاقتصادية والاستثمارية والتجارية لتعزيز بيئتها الاستثمارية والتنافسية، على رغم ان اقتصادها يعتبر من أكثر اقتصادات المنطقة تنافسية، من خلال المبادرات النوعية التي ساهمت سابقاً في تحقيق إنجازات كثيرة، منها تبوأ الإمارات المركز 25 عالمياً من أصل 139 دولة في تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2010، والمركز 40 من ضمن 183 دولة في تقرير ممارسة نشاطات الأعمال الصادر عن البنك الدولي، والمركز الأول عربياً و16 عالمياً في تقرير التجارة العالمية عام 2010 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وأظهرت مؤشرات الاقتصاد الكلي للإمارات دلالات مشجعة خلال العام الحالي. إذ رفع صندوق النقد الدولي التوقعات الايجابية لمعدل النمو إلى 3.5 في المئة هذه السنة، في وقت شكل العام الماضي نقلة نوعية أخرى لاقتصاد الإمارات في اتجاه التعافي من تداعيات أزمة المال العالمية، إذ حقق معظم القطاعات الاقتصادية نمواً جيداً. وتوقع وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري، أن «تتمكن الدولة من السيطرة على معدلات التضخم المتوقعة بين واحد و1.5 في المئة». ورجح نمو الناتج المحلي بين 3 و3.5 في المئة هذه السنة».