أكد تقرير ل «مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية» (أونكتاد) أمس ان حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالمياً بلغ نحو 1,7 تريليون دولار عام 2008، مقارنة بنحو تريليوني دولار عام 2007، بتراجع 300 بليون دولار أو بنسبة 15 في المئة بين العامين المذكورين. وتوقع التقرير السنوي حول الاستثمار العالمي ان يستمر انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي لتصل الى اقل من 1,2 تريليون دولار لعام 2009. ورجح التقرير الذي صدر في بيروت وجنيف حصول انتعاش بطيء لهذه التدفقات عام 2010، فلا تتجاوز 1,4 تريليون دولار، على ان تكتسب زخماً عام 2011 لتبلغ 1,8 تريليون دولار. وعزا التراجع إلى الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ونوه بدور الشركات الزراعية المتعددة الجنسيات في الدول النامية فوصفه بأنه «لا يستهان به»، وشدد على حاجة هذه البلدان إلى الاستثمارات «لدعم التنمية وتحديث النظم الاقتصادية فيها»، وبينما تضاعفت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الإنتاج الزراعي ثلاثة أضعاف، إذ بلغت ثلاثة بلايين دولار سنوياً للدول النامية ما بين عامي 1990 و 2007، استحوذ مجال صناعة الأغذية والمشروبات على نحو 40 بليون دولار سنوياً من الاستثمارات الدولية، وفقاً للتقرير. وطالبت «أونكتاد» حكومات الدول النامية بصياغة سياسات استراتيجية متكاملة ووضع لوائح تنظم عمل الشركات المتعددة الجنسيات في مجالات الإنتاج الزراعي، «إذ يجب ان تساهم تلك الشركات في البنية التحتية للدول النامية، وتحديث الصناعات القائمة في تلك الدول ومعالجة الهواجس الاجتماعية والبيئة المتصلة بنشاطات تلك الشركات هناك». وحضت على ما وصفته ب «الزراعة التعاقدية» بين الشركات المتعددة الجنسيات والمزارعين المحليين ما قد يساعد على رفع القدرات الإنتاجية والحصول على فوائد أكثر من خلال الدخول إلى السوق العالمية، كما قد يعزز حماية مصالح المزارعين. ولم تغفل أهمية الأمن الغذائي في البلدان التي تستقبل الاستثمارات الأجنبية المباشرة، «إذ يجب ألا يكون التصدير الهدف الرئيس لتلك الاستثمارات على حساب الأمن الغذائي لتلك الدول، ما يدعو إلى التفكير في آلية مشاطرة الإنتاج الزراعي بين الدول النامية والشركات الاستثمارية المتعددة الجنسيات». ودعت المجتمع الدولي إلى «وضع مجموعة من المبادئ الأساسية التي تضمن الشفافية في عمليات حيازة الأراضي الواسعة النطاق واحترام الحقوق القائمة لملاكها الأصليين وضمان حقهم في الغذاء». ولفتت إلى ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المجال الزراعي يمكن ان تقود إلى «ثورة زراعية خضراء» في أفريقيا، بدت بوادرها في إنشاء مراكز لتأصيل البذور وتكييف التقنيات الزراعية بما يتناسب مع الاحتياجات والأوضاع المحلية. وأشار التقرير إلى ان الأزمة غيرت ملامح الاستثمارات الأجنبية المباشرة عام 2009 مقارنة بالسنوات الماضية، إذ ارتفعت الاستثمارات الموجهة إلى الاقتصادات النامية والناشئة بشكل سريع وكبير، فزاد نصيب تلك الدول من الاستثمارات الأجنبية بنسبة 43 في المئة عام 2008. وشهدت منطقة غرب أفريقيا زيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغت نسبتها 63 في المئة عام 2007، فيما عرف جنوب آسيا وغربها زيادة بنسبة 17 في المئة لتبلغ مستوى قياسياً. وكانت نسبة زيادة الاستثمارات الأجنبية في أميركا اللاتينية - الكاريبي نحو 13 في المئة. وبررت «أونكتاد» تلك الزيادة بأنها نتيجة لانخفاض كبير في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول الصناعية الكبرى بلغت نسبته 29 في المئة. وأشارت المنظمة الى «ان الولاياتالمتحدة ظلت اكبر البلدان المتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، تلتها فرنسا فالصين وبريطانيا وروسيا». وأكدت ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الولاياتالمتحدة، ومعظمها من مستثمرين اوروبيين، بنسبة 17 في المئة لتصل الى اعلى معدل لها وهو 316 بليون دولار. وفي فرنسا بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة 18 بليون دولار ، تلتها الصين بنحو 108 بلايين دولار، ثم بريطانيا بنحو 97 بليون دولار. وحافظت الولاياتالمتحدة على مركزها بوصفها اكبر بلد مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو 312 بليون دولار، تلتها فرنسا بنحو 220 بليون دولار. وعلى مستوى دول منطقة غرب آسيا، أظهر التقرير ارتفاعاً نسبته 57 في المئة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة الى السعودية، التي ورد اليها ما مجموعه 38 بليون دولار عام 2008. وفي الامارات حصل انخفاض بنسبة ثلاثة في المئة لتصل الاستثمارات الأجنبية الى 13,7 بليون دولار مقارنة ب 14,2 بليون دولار عام 2007. أما البلدان الاخرى التي شهدت زيادات ملحوظة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة اليها فكانت قطر (6,7 بليون دولار)، التي شهدت زيادة بنسبة 43 في المئة، بصفة رئيسة في الغاز الطبيعي المسال وفي الطاقة والمياه والاتصالات. وشهد لبنان (3,6 بليون دولار) زيادة نسبتها 32 في المئة، كان محركها الرئيس العقارات، وشهدت سورية (2,1 بليون دولار) ارتفاعاً نسبته 70 في المئة، مرده تنامي فرص الاعمال التجارية نتيجة للانفتاح الاقتصادي الاخذ في التزايد. اما الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة الى البحرين (1,8 بليون دولار) والعراق (488 مليون دولار) والاراضي الفلسطينية (29 مليون دولار) فلم ترتفع الا ارتفاعاً طفيفاً. وحافظت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة الى الاردن (2 بليون دولار) على المستوى الذي بلغته عام 2007، وهبطت هذه الاستثمارات في الكويت لتصل الى 56 مليون دولار، واليمن (463 مليون دولار) وعُمان (2,9 بليون دولار).