قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 30 مدنياً على الأقل قتلوا في وقت مبكر من صباح اليوم (الخميس)، عندما أسقطت طائرات قنابل على منطقة سكنية في جيب محاصر تسيطر عليه المعارضة شرق العاصمة السورية دمشق، مشيراً إلى أن «الطائرات روسية»، فيما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الأزمة السورية لا يمكن أن تجد طريقها إلى الحل عبر «بعض القوى» وحدها، في إشارة إلى عملية آستانا التي تجري باشراف روسيا وتركيا وإيران. وأوضح المرصد ومصادر من الدفاع المدني أن أربع قنابل على الأقل سوت مبنيين بالأرض في بلدة مسرابا التي تحاصرها القوات الحكومية، ما أسفر عن مقتل 20 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 40. وقال المرصد ومسعفون وسكان إن عشرة أشخاص آخرين على الأقل قتلوا في ضربات جوية في بلدات قريبة في الغوطة الشرقية، آخر معقل للمعارضة قرب العاصمة. وأشار المرصد الذي يراقب الحرب الدائرة في سوريا ومقره بريطانيا إلى أن 11 امرأة وطفلاً كانوا بين القتلى في الهجوم على مسرابا. وبدعم من الضربات الروسية، كثفت القوات الحكومية عملياتها العسكرية في الغوطة الشرقية في الأشهر الأخيرة، في مسعى لإحكام حصار يقول سكان وعمال إغاثة إنه تجويع متعمد وهو ما تنفيه الحكومة. وترفض روسيا اتهامات المعارضة وجماعات حقوقية بأن طائراتها مسؤولة عن مقتل آلاف المدنيين منذ تدخلها قبل عامين، والذي حول دفة المعركة لمصلحة الرئيس بشار الأسد. وتقول موسكو إنها لا تهاجم سوى متشددين. وأظهرت لقطات فيديو نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عمال إنقاذ ينتشلون أطفالاً ونساء من تحت الأنقاض. ولم يتسن التأكد من اللقطات من مصدر مستقل. وقصفت الطائرات مدينة حرستا التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة عندما اجتاح المقاتلون هذا الأسبوع قاعدة كبيرة في قلب المنطقة يقول سكان إن الجيش يستخدمها لقصف مناطق سكنية. ويهدف هجوم مقاتلي المعارضة في جانب منه إلى تخفيف هذا الحصار. وتقول الأممالمتحدة إن حوالى 400 ألف مدني محاصرون في المنطقة ويواجهون «كارثة تامة»، لأن قوات الحكومة تمنع دخول شحنات الإغاثة ولا تسمح بإجلاء مئات يحتاجون لعلاج عاجل. وقُصفت عشرات المستشفيات ومراكز الدفاع المدني في ما تصفه المعارضة بأنه «سياسة الأرض المحروقة» لشل مظاهر الحياة في المناطق التي تقع تحت سيطرتها. من جهته، قال الرئيس الفرنسي خلال تقديمه التهنئة لأعضاء السلك الديبلوماسي في باريس اليوم إنه «علينا أن نضع حداً لتنازلات تقدم إلى بعض القوى التي تعتقد انها باعترافها بقسم من معارضة تم تعيينها من الخارج، تستطيع أن تجد تسوية للوضع في سورية في شكل ثابت ودائم». واقترحت روسيا وتركيا وإيران في نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي في ختام محادثات آستانا، عقد اجتماع في نهاية كانون الثاني (يناير) الحالي في منتجع سوتشي الروسي في حضور ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، لدفع المساعي نحو ايجاد تسوية سياسية للنزاع الذي اوقع أكثر من 340 ألف قتيل منذ آذار (مارس) 2011. ورفضت عشرات المجموعات من المعارضة المسلحة المشاركة في هذا الاجتماع، في الوقت الذي بات الميزان العسكري يميل نحو قوات النظام التي باتت تسيطر على 55 في المئة من الأراضي السورية بفضل المساعدة العسكرية المقدمة من روسياوإيران. ووافق النظام السوري على الفور على المشاركة في اجتماع سوتشي، بينما يكرر انتقاداته لعملية جنيف التي تجري تحت إشراف الأممالمتحدة. وبدأ جيش النظام السوري منذ الشهر الماضي حملة جديدة بمساعدة مقاتلين تدعمهم إيران وقصف روسي مكثف على محافظة إدلب وهي معقل آخر للمعارضة في شمال غرب البلاد. وإدلب محافظة كثيفة السكان يقطنها أكثر من مليوني نسمة. وقال عمال إغاثة إن أعداد الضحايا المدنيين ارتفعت بدرجة كبيرة في العشرين يوماً الماضية، بسبب تكثيف الضربات الجوية على المناطق السكنية، ووثقوا مقتل 50 شخصاً على الأقل خلال هذه الفترة. وقال مسؤول الدفاع المدني في إدلب مصطفي الحاج يوسف: «شن الطيران الروسي غارات جوية مكثفة استهدفت جميع القرى في ريفي ادلب الجنوبي والشرقي. أحدثت هذه الغارات ستة مجازر بحق المدنيين وتسببت بنزوح عشرات الآلاف من منازلهم هرباً من القصف العشوائي». وذكرت الجمعية الطبية السورية-الأميركية إن غارات جوية قصفت أمس مستشفى توليد تدعمه الجمعية في مدينة معرة النعمان في إدلب، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وتعرض المستشفى الذي تقول الجمعية إنه يشهد ميلاد 30 طفلاً يومياً للقصف ثلاث مرات في أربعة أيام، وفي المرة الأخيرة توقف موقتاً عن العمل. وذكر مسعفون أن أسرة من سبعة أفراد دفنت الليلة الماضية تحت الأنقاض في قرية تل الطوقان. ويتقدم الجيش في إدلب وريف حماه الشرقي المتاخم لها وسيطر على العديد من القرى من معارضين يتألفون بالأساس من «هيئة تحرير الشام»، وهي تحالف جماعات إسلامية، وتشارك فصائل من الجيش السوري الحر في القتال كذلك.