«الحلّاج موضوعاً، للآداب والفنون العربية والشرقية قديماً وحديثاً» (دار الجمل)، هو ثالث كتاب للباحث كامل مصطفى الشيبي عن المتصوّف الكبير بعد «ديوان الحلّاج» و «شرح ديوان الحلّاج». علماً أن الكاتب أعرب في مقدمة عمله الجديد عن رغبته في وضع كتاب رابع يتضمّن عرضاً لفلسفة الحلّاج الصوفية. لا تقتصر أهمية هذا الكتاب في كون الحلّاج موضوعاً، بل إنّ أهميته القصوى تكمن في ربط العالمين القديم والحديث في العرض لموضوع واحد– هو هذا الصوفي– وتلك فرصة نادرة لدارسي الأدب والفكر كما هي فرصة للباحثين النفسيين والاجتماعيين يتبيّن منها كيف كان التجاوب مع الأحداث والرجال، وكيف تطور خلال القرون، حتى جاء شعراؤنا– بالأخص– على الأعقاب ليمارسوا هذه المساهمة المتجددة بعقلية القرن العشرين، وأجمل ما تسفر عنه هذه المقارنة أن المعاصرين، من الشعراء على الخصوص، تعلقوا بالرمز في حين كان سلفهم يتشبّث بالتفصيلات تفنيداً أو استحياءً أو شرحاً أو رثاءً أو بها جميعاً. يتضمن الكتاب مجموعة من الرسوم قدّمها الباحث من ذخائر القرن الثامن الهجري (الرابع عشر ميلادي)، وأحدثها معاصر، تابع فيها الفنانون بريشاتهم ما عبّر عنه الأدباء القدماء بأقلامهم، وذلك باتخاذهم مواقفهم الفنية من الحلاج بإبراز جملة من جمله أو موقف من مواقفه أو عقد صلة بينه وبين عَلَم معروف أو إثارة العواطف لمصلحته. وأهم من هذا كله التعبير عن لسان حاله بالرسم على النسق الذي تلقيناه من الشعراء بالشعر.