بعد أسبوع على نجاحها في قتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، بدأت واشنطن خطوات لاستكمال عملية القضاء على التنظيم، اذ طلب الرئيس باراك أوباما من إسلام آباد «الاسراع في التحقيق في شبكة الدعم» التي حظي بها زعيم «القاعدة» في باكستان، فيما سعى البيت الابيض الى عدم الجزم بتورط السلطات الباكستانية مباشرة في توفير ملاذ آمن له. وفي وقت واصلت الاجهزة الأميركية مراجعة مخزون المعلومات الوفير الذي صادرته في مخبأ بن لادن ويدل على أن المخبأ كان «مقر قيادة فاعلاً» للتنظيم، شدد البيت الابيض على ان من المبكر اعتبار ان «القاعدة» منيت بهزيمة استراتيجية بمقتل زعيمها. وقال أوباما في مقابلة مع شبكة «سي بي اس» التلفزيونية نشرت مقتطفات منها امس: «نعتقد انه (بن لادن) استفاد من شبكة داعمة داخل باكستان»، وأضاف: «لكننا لا نعرفها». ورأى الرئيس الاميركي انه «يتعين علينا التحقيق في الامر، ويتعين على باكستان خصوصاً ان تحقق». وأشار الى ان السلطات الاميركية اثارت هذا الامر مع نظيرتها الباكستانية التي «أكدت انها تأمل في كشف اي نوع من الدعم تمكن بن لادن من الاستفادة منه». وقال اوباما: «انها مسائل لا يمكننا الرد عليها بعد ثلاثة او اربعة ايام على الوقائع» المتعلقة بقتل بن لادن. ويعكس كلام الرئيس الاميركي حالاً من التشنج في العلاقة بين البلدين، فيما تتزايد التساؤلات داخل الكونغرس حول تعاون باكستان وجدوى تقديم مساعدات قيمتها ثلاثة بلايين دولار الى إسلام آباد في العام 2012. وقال توم دونيلون مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي ان «لا دليل يؤكد ان السلطات الباكستانية كانت على علم بمكان اختباء بن لادن»، وكرر في مقابلة مع شبكة «ان بي سي» الاميركية القول ان «بن لادن استفاد من بعض شبكات المساعدة في أبوت آباد ولا نملك اي دليل على ان حكومة إسلام آباد كانت على علم بذلك. لكن يتعين عليهم ان يحققوا في الامر». وأشار دونيلون القريب جداً من أوباما الى ان الادارة الاميركية «لا يمكنها ان تعلن ان القاعدة منيت بهزيمة استراتيجية» بمقتل زعيمها. وفي وقت رجح مسؤولون أميركيون تولي أيمن الظواهري قيادة التنظيم، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول في وزارة الدفاع (البنتاغون) قوله أن هذا الأمر «غير محسوم»، مشيراً الى «عدم شعبية الظواهري بين بعض الاوساط في التنظيم». وتحاول واشنطن ابقاء التركيز على موضوع مقتل بن لادن، كونه الانجاز الأكبر في الحرب ضد «القاعدة»، وأفاد الرئيس أوباما في استطلاعات الرأي بتحقيقه قفزة في نسبة التأييد الشعبي. في المقابل، شكك مسؤولون امنيون باكستانيون في تأكيد الولاياتالمتحدة بأن اسامة بن لادن كان يدير بنشاط شبكته الواسعة الانتشار من مخبئه في ابوت آباد. ونقلت مصادر اعلامية باكستانية عن مسؤولين امنيين في إسلام آباد قولهم ان هذا «الامر سخيف، اذ لا يبدو ان بن لادن كان يدير شبكة ارهابية». وأشار المسؤولون الباكستانيون الى «عدم وجود خدمة انترنت او حتى خط للهاتف» في مخبأ بن لادن. ومن المقرر ان يلقي رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني خطاباً امام البرلمان في إسلام آباد اليوم، يتناول فيه بالتفصيل ملابسات العملية الاميركية التي تسببت بحرج للحكومة، فيما بدأت تظهر اصوات في البرلمان الباكستاني تنتقد «تعدي الاميركيين على سيادة باكستان على اراضيها»، وتنادي بتقليص التعاون معهم ومنعهم من تنفيذ عمليات داخل المناطق الباكستانية المتاخمة للحدود مع افغانستان. وفي تسجيل له قبل مقتله نشره امس موقع «شامخ» الاسلامي على الانترنت، أقسم بن لادن بأن «اميركا لن تحلم بالامن قبل ان نعيشه واقعاً في فلسطين». وقال في التسجيل الذي يستمر دقيقة تقريباً «اقسم بالله العظيم الذي رفع السماء بلا عمد، لن تحلم اميركا ولا من يعيش في اميركا بالأمن قبل ان نعيشه واقعاً في فلسطين، وقبل ان تخرج جميع الجيوش الكافرة من ارض محمد صلى الله عليه وسلم». واضاف بن لادن في اشارة الى افشال محاولة تفجير طائرة اميركية في 25 كانون الاول (ديسمبر) 2009 قام بها النيجيري عمر فاروق عبد المطلب «لو أن رسائلنا إليكم تحملها الكلمات لما حملناها إليكم بالطائرات، إن الرسالة المراد إبلاغها لكم عبر طائرة البطل المجاهد عمر الفاروق، فرج الله عنه، هي تأكيد على رسالة سابقة بلغها لكم أبطال الحادي عشر (من ايلول/سبتمبر 2001) وكررت من قبل ومن بعد وهي لن تحلم أميركا بالأمن حتى نعيشه واقعاً في فلسطين». وتابع «ليس من الإنصاف أن تهنئوا بالعيش وإخواننا في غزة في أنكد عيش، وعليه فبإذن الله غاراتنا عليكم ستتواصل ما دام دعمكم للاسرائيليين متواصل والسلام على من اتبع الهدى».