تعرض منزل رئيس الوزراء الليبي الجديد أحمد معيتيق لهجوم شنه مسلحان على خلفية الصراع السياسي الدائر في البلاد، والذي نتج منه عدم اعتراف الأطراف المناهضة للتيار الإسلامي، بشرعية الحكومة التي يرأسها معيتيق والتي منحها المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الثقة نهاية الأسبوع الماضي، في ظروف مثيرة للجدل. واشتبك حراس رئيس الوزراء مع المهاجمين اللذين أطلقا قذائف «آر بي جي» وطلقات نارية في اتجاه المنزل الواقع في حي الأندلس الذي يعتبر من المناطق الراقية في العاصمة الليبية طرابلس. وقتل أحد المهاجمَين وأصيب الآخر بجروح نقل على أثرها إلى المستشفى قيد الاعتقال، في انتظار التحقيق معه. وتكتمت مصادر رئاسة الوزراء على هوية المهاجمَين، فيما أشارت تقارير إلى أنهما ينتميان ل «لواء القعقاع» المناهض للبرلمان وللتيار الإسلامي الذي يساند حكومة معيتيق. وأبلغت مصادر رئيس الوزراء الجديد «الحياة» أن الهجوم أسفر عن وقوع أضرار مادية في المنزل الذي كانت عائلة معيتيق متواجدة داخله خلال الحادث، ولم يُصب أي من أفرادها بأذى، في حين لم يكن هو في المنزل. يأتي ذلك غداة تشكيك اللواء المتقاعد في الجيش الليبي خليفة حفتر بقدرة معيتيق على إدارة الأزمة في البلاد، من دون أن يستبعد إمكان الحوار معه، فيما أعلن رئيس ما يسمى «المجلس السياسي لإقليم برقة» إبراهيم جضران، الداعي إلى حكم ذاتي في الشرق الليبي، رفْضَه الشديد لحكومة معيتيق، معتبراً أن انتخابه «غير قانوني». ودعا جضران إلى استمرار رئيس الحكومة المستقيل عبد الله الثني في منصبه، لاستكمال التفاهم المبرم بينهما حول فك الحصار الذي يفرضه دعاة الحكم الذاتي على موانئ تصدير النفط. وجدد جضران دعمه لحملة «الكرامة» التي أطلقها حفتر ونالت تأييد عدد كبير من ضباط الجيش الليبي وعناصره، في إطار ما وصفه حفتر بالحرب على الإرهاب. وأيّد معيتيق دعوات الحوار بين طرفي الأزمة، معلناً عزمه على محاربة الإرهاب وبناء مؤسسات الشرطة والجيش، باعتبار ذلك مطلباً وطنياً جامعاً، وأكد أن حكومته لجميع الليبيين ولا تتخذ طرفاً في الصراع. لكن إعلان الثني رفضه المشاركة في حكومة معيتيق وزيراً للدفاع، أعطى دفعاً جديداً للحملات المشككة بشرعية انتخاب معيتيق. وأدى الخلاف حول حكومة معيتيق إلى انقسام بين رئيس البرلمان نوري بوسهمين «المصرّ على فرضها أمراً واقعاً»، كما يتهمه خصومه، وبين نائبه عز الدين العوامي الذي يتمسك في المقابل بأن عملية انتخاب معيتيق تخللتها شوائب قانونية، ما دفعه إلى رفع شكوى في هذا الشأن إلى النائب العام أرفقها بدعوة الثني إلى الاستمرار في منصبه. وأبلغ «الحياة» عضو المؤتمر الشريف الوافي بأن مكتب النائب العام كلف أحد المستشارين بإجراء تحقيق في الشكوى المتعلقة بعدم شرعية الإجراءات المتخذة في انتخاب معيتيق، وبالتالي منح الثقة لحكومته. وقال الوافي إن ممثل النائب العام استمع إلى إفادة العوامي، مشيراً إلى أن 12 من أعضاء المؤتمر تقدموا بطعن أمام المحكمة العليا في انتخاب معيتيق. وأكد الوافي أن الثني وسائر أعضاء حكومته «يواصلون أعمالهم ولم تتخذ إجراءات التسليم والاستلام إلى حين وضوح الرويا». واتهم الداعمين لحكومة معيتيق بأنهم «يجرّون البلاد إلى مواجهات مسلحة قد لا تحمد عقباها». ويدور نقاش حول إمكان مزاولة حكومة معيتيق أعمالها بدون ميزانية، إذ لم يصوت المؤتمر بعد على مشروع ميزانية للعام 2014، ووصل ما اقترضته وزارة المال من المصرف المركزي الليبي إلى نحو 54 بليون دينار. لكن احد الملمّين بالوضع الحكومي لم يستبعد أن يلجأ معيتيق إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لتسيير أعمال حكومته. على صعيد آخر، عثر في مدينة درنة (معقل «أنصار الشريعة» شرق البلاد) على رأس الشاب عبدالمعز التركاوي الطالب في كلية التربية درنة مفصولاً عن جسده، في جريمة أثارت صدمة شديدة في أوساط الرأي العام الليبي. وأفاد مقربون من العائلة بأن الشاب تلاسن مع مجموعة من المتشددين عقب سرقة سيارته، وقال لهم غاضباً: «أنتم تستحقون أن يتعامل معكم حفتر». ورأى ناشطون في المجتمع المدني أن أسلوب تنفيذ الجريمة والذي يحمل بصمات «القاعدة»، يدل على مدى الجرأة التي أصبح المتشددون يتعاملون بها مع السكان، وهو أمر من شأنه أن يعزز التأييد للحرب على الإرهاب التي يشنها الجيش.