أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزم بلاده على «تطهير» المناطق المحاذية لحدودها مع سورية من المقاتلين الأكراد. واتّهم الولاياتالمتحدة بتعزيز «شراسة» عناصر «وحدات حماية الشعب» عبر مواصلة دعمها، على رغم «وعد» تلقاه من نظيره الأميركي دونالد ترامب قبل فترة، بأنها ستوقف دعمها العسكري للمنظمات الكردية الناشطة في الشمال السوري. وقال أردوغان في كلمة خلال مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم أمس، إن أنقرة ترغب في التعاون مع الولاياتالمتحدة في سورية «كما نعمل مع روسيا وإيران»، لكنه أشار إلى أن «المشكلة تكمن في مدى رغبة أميركا في العمل معنا». وأضاف: «منذ حصولي شخصياً على وعد بعدم تقديم السلاح للتنظيم، وصلت إليه أكثر من 4 آلاف شاحنة محملة بالعتاد والمدرّعات». ولفت إلى أن الجانب الأميركي «لم يكتفِ بنشر تلك الأسلحة على طول الحدود التركية، بل خصّص أيضاً موازنة لدعم المقاتلين الأكراد السنة المقبلة». واعتبر أن الدعم الأميركي يتسبب في ازدياد «شراسة» المنطمات الكردية يوماً بعد يوم. وتساءل الرئيس التركي: ماذا نفعل عندما لا تريد هذه الدولة (الولاياتالمتحدة) العمل معنا؟ هي أدرى (بمصلحتها)، لكن ينبغي على الجميع في المنطقة القبول بحقيقة أننا سنسحق هذا التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية) بطريقة أو بأخرى، وفي وقت ليس ببعيد. وأضاف: «في حال تعاونت أميركا معنا، سنكون سعداء، ومن خطا تجاهنا خطوة لن نتردد في ردها بالمثل، وفي النهاية لا توجد بيننا مشكلة لا يمكننا حلها». وأكد أردوغان أن تركيا ستكرّر ما فعلته ضد تنظيم «داعش» في سورية مع ال «وحدات» الكردية. وأضاف: «حينما نطهر مدينتي عفرين ومنبج (محافظة حلب) من الإرهابيين فإن أصحابهما الحقيقيين سيعودون إلى ديارهم. ومن ثم سنفرض الأمن في جميع المناطق المحاذية لحدودنا، بدءاً من تل أبيض (محافظة الرقة) ورأس العين (محافظة الحسكة)، لأن تلك المناطق تشكل تهديداً لنا. وكان أردوغان أكّد في وقت سابق الجمعة، أن بلاده ستبذل كل الجهود لمنع إقامة «الممر الإرهابي» في شمال سورية، كما نقلت قناة «تي آر تي» التركية. وقال في تصريحات على متن الطائرة خلال عودته إلى تركيا إن العمل جار على «إنشاء ممر إرهابي شمال سورية بدعم من الولاياتالمتحدة وبعض الدول الغربية»، مؤكداً «عدم السماح بتشكيل ممر إرهابي هناك». وقال: «سنقوم باللازم بغتة». وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس استبق تصريحات أردوغان بإعلانه أن أي تحرك للقوات النظامية السورية ضدّ «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) «سيكون خطأ». علماً أن «قسد» هي تحالف بين فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن في إطار الحرب ضد «داعش». وتشكّل ال «وحدات» الكردية الفصيل الرئيسي في هذا التحالف. وأشار ماتيس في مؤتمر صحافي في البنتاغون الجمعة، إلى وجود «خط فاصل» بين المناطق الخاضة لسيطرة «قسد» شرق البلاد، وتلك الخاضعة لسيطرة القوات النظامية المدعومة من روسيا، وأضاف أنه «سيكون من الخطأ تجاوز هذا الخط». وتوقّع زيادة عدد المدنيين الأميركيين في سورية وبينهم متعاقدون وديبلوماسيون، مع اقتراب المعركة ضد «داعش» من نهايتها، وتحوُّل التركيز إلى إعادة البناء وضمان عدم عودة الإرهابيين. وتنشر الولاياتالمتحدة حوالى ألفي جندي في سورية يحاربون تنظيم «داعش». ويُرجّح أن تثير تصريحات ماتيس غضب الرئيس السوري بشار الأسد الذي سبق ووصف القوات الأميركية بأنها «احتلال» ووجودها «غير مشروع». وقال ماتيس: «ما سنقوم به هو التحوّل بنهج الهجوم... من استعادة الأراضي إلى إرساء الاستقرار. سترون المزيد من الديبلوماسيين الأميركيين على الأرض». وأكد أن قواته باقية في سورية لمنع تنظيم «داعش» من إعادة بناء نفسه. وهذه هي المرة الأولى التي يتحدّث فيها وزير الدفاع الأميركي عن زيادة في عدد الديبلوماسيين في المناطق التي حُرّرت من «داعش». وقال ماتيس: «عندما تستقدم مزيداً من الديبلوماسيين فسيعملون على إعادة الخدمات واستقدام المتعاقدين». وأشار إلى أن «هناك أموالاً دولية تنبغي إدارتها بحيث تثمر عن شيء ما ولا ينتهي بها الأمر في جيوب الأشخاص الخطأ». وأوضح أن المتعاقدين والديبلوماسيين سيعملون على تدريب القوات المحلية على إزالة العبوات الناسفة والسيطرة على الأراضي لضمان عدم عودة «داعش»، من دون أن يوضح عددهم موعد وصولهم. من جهة أخرى، توقّع المبعوث الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي بريت ماكغورك في رسالة إلى أعضاء التحالف، استمرار العمليات العسكرية في سورية خلال الربع الأول من العام الجديد. وقال إن «الولاياتالمتحدة مستعدة للبقاء في سورية حتى نكون على يقين من هزيمة داعش واستمرار جهود بسط الاستقرار وأن ثمة تقدماً ملموساً في العملية السياسية».