عشية محادثات الرئيس محمود عباس مع المستشارة أنغيلا ميركل أمس في برلين، والرئيس نيكولا ساركوزي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين ناتنياهو في باريس، استعر النقاش بشدة بين العاصمتين الألمانية والفرنسية في شأن مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقوبل كلام ساركوزي عن إمكان اعتراف بلاده بدولة فلسطينية من جانب واحد إذا لم يحصل تقدم في عملية السلام المجمدة، بانتقادات شديدة من الاتحاد المسيحي الذي تتزعمه ميركل، وقال الناطق باسم الكتلة النيابية للاتحاد للعلاقات الخارجية فيليب ميسفيلدر إن موقف فرنسا «دليل على غياب سياسة خارجية مشتركة للاتحاد الأوروبي». وحذر نائب رئيس الكتلة أندرياس شوكينهوف «من خطأ اللجوء إلى خطوة أحادية الجانب»، مطالباً بموقف أوروبي مشترك من تأسيس محتمل لدولة فلسطينية. وحضّ على «تنسيق الرسائل التي تنقل من فرنسا ولندن وبرلين إلى إسرائيل والفلسطينيين». وكان ساركوزي لمح إلى إمكان الاعتراف بالدولة الفلسطينية عندما قال لمجلة «الاكسبريس» الفرنسية الصادرة أول من أمس إنه «إذا واصلت عملية السلام جمودها حتى أيلول (سبتمبر) المقبل، ستضطلع فرنسا عندها بمسؤوليتها إزاء القضية المحورية الخاصة بالاعتراف بدولة فلسطينية». وتؤيد اسبانيا وبريطانيا الاعتراف أيضا. ومن المقرر أن تبحث ميركل مع الرئيس الفلسطيني في الاجتماع الذي كان مقرراً عقده مساء أمس اتفاق المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» في القاهرة، علماً أن برلين اتخذت موقفاً إيجابياً منه عموماً، لكنها جددت شرطي تخلي «حماس» عن العنف والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. وكما وعدت المستشارة نتانياهو الذي اجتمعت به في برلين قبل أسبوعين، من المنتظر أن تطلب من عباس إعادة النظر في موقفه من عرض الاعتراف بالدولة الفلسطينية على الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العامة التي ستعقد الخريف المقبل. وهناك 120 دولة على الأقل أعلنت استعدادها للاعتراف بالدولة، بينها بيرطانيا وإسبانيا. وحذرت المعارضة النيابية الألمانية من خطر انقسام الاتحاد الأوروبي في هذا الموضوع، وحمّلت ميركل مسؤولية ذلك. وقال الناطق باسم الشؤون الخارجية في الحزب الاشتراكي الديموقراطي رولف موتسينيخ إن المستشارة «اتخذت موقفاً مسبقاً عندما وعدت الإسرائيليين بعدم تأييد المطلب الفلسطيني». ورأى رئيس الكتلة النيابية لحزب «الخضر» يورغن تريتين أن مركل «ارتكبت خطأ»، ملاحظاً أن اشتراطها موافقة الإسرائيليين قبل الاعتراف «أمر خطر، خصوصا انه منذ أيلول الماضي لم تعقد مفاوضات سلام ثنائية بين الطرفين». إلى ذلك، رحب الحزب الاشتراكي باتفاق المصالحة الفلسطينية، واعتبر رئيس الكتلة النيابية للحزب، وزير الخارجية السابق فرانك فالتر شتاينماير الاتفاق «إشارة جديدة الى التحول الجذري في العالم العربي». وقال عقب محادثاته مع عباس أمس في برلين إن العديد من الناس في الأراضي الفلسطينية «يعلقون آمالا كبيرة على هذه البداية الجديدة». وقال مسؤول الشؤون الخارجية في الحزب موتسينيخ إن تجاوز انقسام المجتمع الفلسطيني «شرط لعملية سلام ناجحة مع إسرائيل». أما المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، فرأى أن المصالحة «ستعرض عملية السلام في الشرق الأوسط للخطر». وكان الرئيس الفلسطيني سعى قبل وصوله إلى ألمانيا إلى عقد لقاء مع قيادة المجلس، إلا أن رئيسه ديتر غراومان رفض ذلك، قائلاً: «إن مقابلة عباس ستعني أننا نعطي انطباعاً خارجياً بشرعية عملية الإخاء الهزلية».