دعا المفاوض الفلسطيني نبيل شعث الأوروبيين الى «المبادرة» للمساعدة في عملية السلام في الشرق الأوسط بعد التخلي الأميركي عنها حالياً، وناشد فرنسا الاعتراف «الآن» بدولة فلسطينية على حدود 1967 من دون انتظار ايلول (سبتمبر). واعتبر ان «الاعتراف هدفه تعديل ميزان القوى مع اسرائيل، كما أنه ينهي ادعاء تل أبيب بأن هذه الأرض متنازع عليها». وأضاف أن «الأميركيين سيستمرون في الكذب والتلاعب، ولكن لم يعد لديهم رغبة للعب دور طليعي حقيقي للضغط على اسرائيل». ولفت الى ان «أي دور أميركي أو أوروبي إذا لم يضغط على اسرائيل فليس له قيمة». وأجرى نبيل شعث، مسؤول العلاقات الدولية في اللجنة المركزية لحركة «فتح»، سلسلةَ لقاءات خلال الأيام الثلاثة الماضية في باريس، سعى خلالها الى إقناع المسؤولين الفرنسيين بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية الآن وليس في غضون أشهر. والتقى شعث كلاًّ من جان دافيد ليفيت مستشار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والأمين العام للخارجية بيار سلال، ومدير الشرق الأوسط في الخارجية باتريس باولي، والوزير الفرنسي السابق هوبير فيدرين، وعدداً من النواب الفرنسيين من الحزب الحاكم والاشتراكيين. وأعرب شعث عن «إحباطه» من الإدارة الأميركية، وقال: «لن يكون هنالك دور للأميركيين في السنتين المقبلتين المتبقيتين من ولاية الرئيس باراك أوباما بالنسبة الى الملف الفلسطيني. سيستمر الأميركيون في الكذب والتلاعب، ولكن لم يعد لديهم رغبة للعب دور طليعي حقيقي للضغط على اسرائيل»، ولفت الى ان «أي دور أميركي أو أوروبي إذا لم يضغط على اسرائيل فليس له قيمة»، موضحاً ان «المشكلة هي فقدان التوازن الذي سبَّبته الولاياتالمتحدة بإعطاء كل القوة لإسرائيل عبر الفيتو والأسلحة والأموال الأميركية، فيما تنصبُّ الضغوط الأميركية على العرب». وقال: «مطلبنا الضغط على اسرائيل. وإذا كانت الولاياتالمتحدة غير قادرة، أو غير راغبة، فنريد لأوروبا ان تقوم بهذا الدور». وتابع: «نحن نعطي الأوروبيين ثلاثة ركائز يستندون اليها للقيام بدور: استمرار تمسكنا بعملية السلام، التزامنا بحدود 1967، ما يعني استمرار اعترافنا بإسرائيل، والالتزام باللاعنف». وزاد: «كي نتمكن من العودة الى المفاوضات، على الأوروبيين العمل معنا لتعديل التوازن في القوى بيننا وبين اسرائيل. نطلب أولاً الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 عاصمتها القدسالشرقية، الآن وليس الانتظار الى أيلول أو تشرين الأول»، موضحاً ان «هذا الاعتراف هدفه تعديل ميزان القوى، إذ يقوِّي الفلسطينيين ويضعف اسرائيل. والاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية غير مُكْلِف لباريس، ولا يمكن للإدارة الأميركية ان توقفه، كما انه لا يحتاج الى موقف أوروبي عام. الفلسطينيون لا يريدون الانتظار الى حين حصول اتفاق في كل أوروبا (على الاعتراف). نريد اعترافاً فرنسياً الآن وليس في موعد آخر». ولفت الى ان «الحاجة الآن هي لقرار فرنسي وليس لقرار أوروبي لن يأتي حالياً»، وأضاف أن «السويد قد تسبق (أوروبا) في الاعتراف بالدولة الفلسطينية». وقال شعث إن المستشار جان ليفيت أبلغه بأن فرنسا تريد قراراً أوروبياً موحداً، فردَّ بأن فرنسا لم تلتزم بقرار جماعي لا بالنسبة الى كوسوفو ولا العراق. وأشار الى ان «الاعتراف بكوسوفو لم يتم بقرار أوروبي، فالاعتراف مسألة ثنائية وليست متعددة الأطراف». وطالب شعث المسؤولين الفرنسيين بالعمل مع الفلسطينيين لتجنُّب الوصول الى الخراب الذي حذَّر الرئيس محمود عباس من الوصول اليه في أيلول المقبل، كحل السلطة واستقالة عباس نفسه. وأوضح شعث ان «اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 ينهي ادعاء اسرائيل بأن هذه الأرض متنازع عليها». وأشار الى ان فرنساوالسويد وإسبانيا والبرتغال من بين الدول الاولى التي تتجه نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولفت الى ان «قبرص اعترفت، وربما مالطا قريباً، وسلوفينيا تريد ان تفعل الشيء نفسه». وأضاف «لم يقل احد (من الفرنسيين) انه ضد (الاعتراف)، الجميع قالوا: اننا نفكر جدياً بالموضوع ولكن لم يقل أحد: غداً». ووصف شعث ردَّ ليفيت على طلب الاعتراف بأنه كان «إيجابياً»، على أن ينقل الى ساركوزي الموقف الفلسطيني كما عرضه. وأوضحت مصادر فرنسية مسؤولة ل «الحياة»، أن باريس لم تتخذ قراراً نهائياً بعد، وهي بانتظار الاستحقاق المتفق عليه، أي مرور عام على خطاب أوباما. ولكن شعث قال انه لمس تفهماً لدى الجانب الفرنسي للطلب الفلسطيني، الذي من شأنه ان يشجع على العودة الى المفاوضات. وأضاف أنه فهم من المسؤولين الفرنسيين انهم يحاولون إقناع المجموعة الأوروبية الضيقة، ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بذلك. ولفت شعث الى ان ان كل الأسئلة التي وُجهت اليه في فرنسا ركزت على «تأثير الربيع العربي على القضية الفلسطينية»، وأضاف: «لا يمكننا ان نطلب من المصريين او التونسيين إعطاء الاولوية للقضايا الفلسطينية قبل قضاياهم. وتابع: «من الظلم أن يطلب من مصر على المدى القصير، وخلال الأشهر الستة المقبلة، أن تعود وتعمل معنا على الوساطة مع حماس والحل السلمي والمفاوضات»، ولكن «النتائج على المدى الطويل ستكون بالتأكيد إيجابية. وهذا الامر سيجعل الدول العربية اكثر قدرة على دعمنا، وخصوصاً ان هذه الثورات قامت على اللاعنف». وزاد ان رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي «وجَّهَ رسالة الى رئيس السلطة الفلسطينية يقول له ان قضية فلسطين ستبقى قضية مصر الأولى». وأكد شعث ان «مصر على المدى الطويل ستعود لتلعب الدور الكبير أياً كان نظامها». أما بالنسبة لاحتمال قيام ربيع فلسطيني، فقال: «هو النضال الشعبي ضد إسرائيل والضغط الشعبي من أجل الوحدة». وعن الخلاف بين «حماس» والسلطة الفلسطينية ودعم إيران ل»حماس»، قال شعث: «اعتقد ان لحماس استقلالاً كافياً لاتخاذ قرار»، وأضاف ان «عدم اتخاذها قراراً (بشأن المصالحة مع «فتح») سببه ان تحليلها لما يحدث في مصر مختلف 180 درجة عن تحليلنا، فهي تعتقد ان الإخوان المسلمين سيأخذون الثورة في مصر، وستصبح حينها حليفة لحماس ضد السلطة الفلسطينية». واعتبر ان «هذا تحليل خاطئ، فما حدث في مصر ليس ثورة إسلامية بكل المعايير».