كشف رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن حميد عن سعي «المجلس» لاستحداث ما يسمى ب «قضاء الإنهاءات»، الذي يعني تعيين قضاة لإنجاز قضايا في غضون ساعات أو حتى دقائق خصوصاً في المدن الكبيرة، مؤكداً أن من شأن هذه الخطوة إنهاء تأخير 50 في المئة من القضايا ومنع إطالة أمد الجلسات التي ترد شكاوى منها. وذكر أن «المجلس» اتخذ إجراءات ضد قضاة لكن بشكل غير معلن. وأضاف خلال اللقاء الذي جمعه بأعضاء لجنة المحامين في منطقة القصيم ومحامين آخرين في الغرفة الصناعية في القصيم مساء أول من أمس، أن التأخير في نظر القضايا يعتبر مألوفاً ليس في السعودية فحسب بل في دول أخرى، وقد يستغرق 5 إلى 10 أعوام، نظراً لطبيعة القضية أحياناً التي قد تنظر من مسارات عدة، لافتاً إلى أن أسباباً أخرى قد تتسبب في تأخير القضايا مثل مماطلة أحد المتقاضيين أو بسبب قضايا إدارية ليس للقاضي دخل بها، مشدداً على أن التفتيش القضائي يعالج أمر القاضي إذا كان متسبباً في التأخير. وركزت اللقاء على 4 محاور هي مكانة القاضي والنأي به عن الشبهات، ومواعيد الجلسات، ودور ومكانة المحامي، وكيفية تفعيل نظام محاكم الاستئناف. وطالب نائب رئيس اللجنة الوطنية للمحاماة بخيت المدرع بتطبيق التجربة الناجحة لأحد قضاة جدة سابقاً في تحديد مواعيد الجلسات بأسبوعين أو شهر واحد في بعض الظروف. وهنا ذكر أمين المجلس الأعلى للقضاء الدكتور عبدالله اليحيى أن إدارة القضايا في المجلس أجرت دراسة لبحث أسباب التأخير في المدن الكبرى كالرياض والدمام وجدة ومكة من خلال ما يصل للمجلس من تظلمات، وتوصل إلى أسباب منها قلة القضاة في المحكمة أو أن طاقة العمل أكبر من قدرة المحكمة، أو ظروف معينة في القضاة، أو إجراءات التقاضي المختلفة بين محكمة وأخرى، إذ لا يوجد أدلة للإجراءات الموحدة. ودعا اليحيى إلى مبادرة المجلس بإنشاء الدوائر النهائية سريعاً قبل صدور نظام الإجراءات الجزئية والمرافعات أمام ديوان المظالم الجديد والتي نص عليها النظام ومنها الدوائر النهائية والمحاكم المتخصصة، مشيراً إلى أن على المجلس أيضاً المبادرة بتكليف القضاة لهذا الغرض. وكشف عن سعي المجلس الأعلى للقضاء لدرس كيفية التخلص من بعض «الإنهاءات» التي ليس للقاضي علاقة بها، وإنما تضاف على عمله، ومنها الإجراءات المالية والإدارية التي لا تتطلب الحضور إلى المحكمة. ورأى رئيس التفتيش القضائي في المجلس الدكتور ناصر المحيميد أن العلاقة بين المحامي والمنظومة القضائية تكاملية في التنظير وضعيفة في التطبيق، لافتاً إلى أن إدارة الجودة والمتابعة القضائية استطلعت تجارب دولية لمعرفة متوسط أمد النظر في القضايا، إضافة إلى دراسة لأحد المحامين خلصت إلى أن المتوسط القضائي في السعودية عام واحد للقضايا العامة وعامان للقضاء الإداري. واعتبر المحيميد أن التفتيش القضائي انتقل من دور العقوبة والشكوى والتحقيق إلى التفاعل المتكامل في رفع منظومة الجهاز القضائي، مضيفاً أنه سيكون لإدارة التفتيش القضائي إدارات عدة تابعة لها، وسيتم ربط مواعيد الجلسات بالنظام الشامل لمتابعة أي جلسة غير مفتوحة ومعالجة الأسباب. ولفت إلى أن التفتيش القضائي أوجد الآن إدارة المتابعة والجودة القضائية وسعى إلى تحفيز إنهاء القضايا المتأخرة وحصر أقدم ثلاث قضايا لدى القضاة في المملكة وبحث أسباب تأخيرها وتعطيلها والعمل على تقليصها، مؤكداً أن كل كلمة يكتبها أو يقولها القاضي يكون ل «التفتيش القضائي» اطلاع مباشر عليها. ووصف الكادر الوظيفي في التفتيش القضائي بأنه أعلى جهاز رقابي في السعودية من ناحية العدد الوظيفي إذ يوجد فيه 20 شخصاً سيرتفع إلى 25 قريباً كلهم في مستوى وظيفي يعادل المرتبة الممتازة. وفي مداخلته ضمن محور مكانة القاضي والنأي به عن الشبهات، طلب رئيس لجنة المحامين في الرياض المحامي عبدالناصر السحيباني من «مجلس القضاء» بحث ما إذا كان من المناسب للقضاة خصوصاً في المدن والقرى الصغيرة تولي رئاسة العمل الخيري المؤسسي أو الدخول فيها، مشيراً إلى أن هذا ليس تشكيكاً في القضاة، لكنه اعتبر أن دخولهم في هذا المجال يؤثر في حياديتهم، داعياً إلى تركها لغيرهم من المتطوعين في الأعمال الخيرية. وتابع: «بعض رجال الأعمال إذا كان لديهم قضية ما في المحكمة يبادر إلى التبرع للجمعيات الخيرية التي يترأسها القاضي، وعند التقاضي تجده يبين للقاضي أنه يدعم الجمعيات ويتبرع لها وما إلى ذلك». وعلق ابن حميد على ذلك بقوله: «القاضي أولاً رجل الشرع الشريف، ونظرة المجتمع للقاضي وثقته فيه كبيرة وهذا مألوف في مجتمعنا ولو تولى هذه الأعمال غير عالم بالشرع لما وثق به احد، والأصل فيهم النزاهة والسلامة والاحتساب»، مشدداً على أن مجلس القضاء لم يجد ما يؤثر في أعمال القضاة في هذه الناحية «ولو وجدنا شيئاً من هذا سنبادر ونتخذ الإجراء المناسب». ودعا الإعلاميين إلى عدم إعلان الإجراءات التي يتخذها المجلس الأعلى للقضاء تجاه القضاة، ليس في ما يخص الجانب الخيري فقط بل في الجوانب الأخرى، مؤكداً أن المجلس «اتخذ بعض الإجراءات ضد قضاة لكن بشكل غير معلن ولم نسمح بتسربه كونه من مهمتنا ومسؤوليتنا ونعالجها بطريقتنا، ولن نسكت على أي شيء يصلنا من هذا القبيل، ومهتمون بهذا الجانب ومتابعون ولكن ينبغي تفهم مقام القاضي لجهة نظرة الناس إليه». وفي ما يتعلق بتحقيق المجلس في قضية قاضي المدينة قال ابن حميد: «قمنا بإجراءاتنا وعملنا ما عملنا وما توصلنا إليه ثبت أم لم يثبت هذا الأمر لا نعلنه لأحد، والقضاة في مقام نزيه ونظيف والثقة فيه عالية». وعن ترقيات القضاة قال ابن حميد «كانت الوظائف محدودة سابقاً والمستحقون كثر وبعضهم له 20 عاماً، والآن لدينا وظائف كثيرة ومن حقهم طرحها لهم، وربطت الوظيفة بالمكان ووزعت على المناطق كافة خصوصاً وظائف الاستئناف بشكل عادل ووفق دراسة علمية تبعاً لقضايا كل منطقة وعددها، وطلب من القضاة تحديد رغباتهم الأولى والثانية وقد يتم ترقيتهم في أماكنهم لكن في نص القرار يحدد المكان حتى يرى المجلس ضرورة نقله إليه». وفي ما يتعلق بدور المجلس الأعلى للقضاء في ترسيخ مفهوم شراكة المحامي للقاضي في تحقيق العدالة علّق بأن المحامي ليس شريكاً بل مسؤولاً عن تحقيقها وعليه أن يبرئ ذمته فلا يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً.