قرأت خبراً في الصحف عن قيام رجل بالاستيلاء على أموال زوجته التي ورثتها عن زوجها الأول، والتي قدّرت ب110 آلاف ريال، بعدما سمع من الجيران خبر حصولها على المبلغ، وحام حولها حتى أوقعها في شباكه وتزوّجها، ثم أقنعها بأن تقرضه المبلغ لشهور عدة، مع وعد بأن يرده لها في أقرب فرصة، وبعد استيلائه على المبلغ، تغيّرت معاملته لها وبدأ ضربها، وعندما رفعت عليه قضية ادعى، وحلف بأنها هبة وليست قرضاً، على رغم غضبي الشديد من الموضوع برمته، بكل ما فيه من مؤشرات، لفتت نظري تعليقات القراء على الخبر، وتمحورت حول لوم المرأة، لأنها تزوّجت بعد وفاة زوجها الأول، ووصفها بخاينة للعشرة، وأن هذا هو جزاء الله لها على تنكرها للوليف الأول. تعليق واحد فقط دافع عن حق المرأة في الزواج بعد وفاة زوجها من بين 44 تعليقاً تركت فعلة الرجل المخادع، ومسكت في تلابيب زواجها منه وسذاجتها في تصديقها لرغبته في الزواج منه، ثم «عبطها» في تسليمها مبلغ الإرث الذي أسال لعابه، وعدم وعيها بعدم كتابة ورقة تثبت فيها حقها الشرعي في النقود كون «وعود اللسان مدهونة بزبدة دنماركية أصلية، كونها آتية من بقرة لعوب»! عاب على الصحافي عدد من القراء كيف يكتب العنوان بهذه الصورة؟ ولماذا يوحي إيحاء سلبياً عن أئمة المساجد؟ البعض انهالوا عليه بالسب وبغيره كالعادة، والبعض فهم المغزى الذي فهمته. الرجل لم يكتب سوى إمام مسجد يحتال على زوجته، ويستولي منها على إرثها من زوجها السابق، قبل أن يصبح عنيفاً معها، وبعد أن حلف اليمين بأنها أعطته المبلغ هبة ومحبة من دون اتفاق على إرجاعه. من منا لا يستغرب عندما نسمع أخباراً كهذه، على رغم علمنا وإيماننا، بل يقيننا بأن الأئمة بشر مثلنا، قد يخطئون ويكذبون ويسرقون ويشتمون وغيره، ولكن وأرجو أن نضع تحت «لكن» ألف مليون خط أحمر عريض، نحن نتوقّع أن من يعمل في عمل يمثل الدين كالإمامة وما شابهها، يجب أن يتمثل بأخلاق الدين الصحيح. نعم، لا نستطيع أن نتخيل أن يخون أحدهم الأمانة، لا نتوقّع أن يكذب، لا نتوقّع أن يضرب ويعنّف ويبتز وغيره. ولكن لا يعني ذلك فرض القداسة عليهم. والصحافي لم يكتب إلا الحقيقة التي لا يعلمها إلا الله وحده. نعود للإناث وللذكور. ما زال الغافلون الذين يسقطون كل يوم، ولا أعلم من الذي زرع في وجدان أفراد مجتمعنا أن كتابة الديون، كما أمر الله، عيب وقلة ثقة، على رغم أن رب العالمين في القرآن الكريم أمرنا بأن نكتب الديون، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، لأنه سبحانه يعلم نفوس عباده، وهو أدرى بهم من أنفسهم. أعود للإسقاطات التي تغضبني عندما يبتعد القراء عن الخبر الأساسي ويتفرغون للوم المرأة، لأنها تزوّجت على سنة الله ورسوله، ولأنها وثقت بمن تشاركه حياته ووسادته، ولم تتخيل أن يكذب عليها، وأن يرضى بأن يأخذ أو يستولي بالحيلة على فلوس «حرمة»! [email protected]